معالجة نفسية: لا يوجد ما يسمى بـ«علم النفس الجنسي».. والمرأة هي من تحدد التحرش

مع إعادة فتح ملف التحرش والعنف الجنسي ضد النساء، على خلفية مزاعم شهادات التحرش بصحفيات من قبل صحفي استقصائي، تظهر المطالبات بالبيئة الآمنة للمرأة داخل عملهن.

تقول المعالجة النفسية واخصائية علم النفس ريهام خليل إن تعريف التحرش هو أي مُضايقة، أو فعل أو ايحاءات غير مرحب بها من النوع النفسي أو الجنسي أو اللفظي أو الجسدي، مؤكدة أنه أمر فردي يتم تقيمه من واحدة لأخرى.

وتوضح أن الذي يحدد إذا كان الفعل تحرش من عدمه هي الأنثى، على حسب إذا كان الفعل أو القول مرغوب به أم لا، مضيفة "في الثقافة الشعبية إذا سمحت الأنثى بتصرف من معين من قبل رجل تعني أنها تقبل هذا التصرف من  كل الرجال وهو أمر خاطئ".

وتتابع المعالجة النفسية "من الممكن أن تقبل الأنثى مدح أو عزل من شخص ما لثقة معرفتها به، ولا تقبله من آخر لأن طريقة الثاني لم تكن مريحة بالنسبة لها حتى لو استخدم نفس جملة الأول،  وهنا من حقها الاعتراض أو لفت نظره أنها لا تقبل هذا الشكل من الحديث".

تؤكد خليل أن الحدو الشخصية تختلف من شخص لأخر، فما تقبله أنثى ترفضه الأخرى، وما تقبله نفس الأنثى من شخص، ترفضه من أخر أيضا، لذلك يحق لها أن تلفت نظر المتحدث، وهو ما يعرف في علم النفس بـ"مهارة توكيد الذات".

توضح المعالجة النفسية أن مهارة توكيد الذات المقصود بها معرفة مهارة الرد وارفض دون خوف أو تردد أو عصبية، على سبيل المثال "إذا كانت إمرأة تقف في المترو وبجوارها شخص وهي لا ترتاح لطريقة وقوفه وقربه منها تقول له "أعلم أن المساحة ضيقة لكن إذا سمحت عليك بالبعد قليلا".

فهذه الطريقة بحسب مهارة توكيد الذات تمنع الشخص المقابل من التحجج بعذر أن المكان ضيق، لأنها بالفعل لفتت نظره وأعطته العذر لكنها كانت حاسمة وليست حادة في طلب مساحة آمنة لها في وسيلة مواصلات عامة، وأيضا دون خوف أو تردد أو حدية في الطلب فينقلب الموقف عليها بحجة عدم وجود مساحة كافية.

تؤكد المعالجة النفسية على أهمية معرفة الأنثى حدود علاقتها بالمحيط حولها وما تريده جيدا وما ترفضه أيضا، مطالبا في الوقت نفسه بلوائح تنظم بيئة العمل لتكون آمنة أكثر.

وحول ما اثير عن مصطلح "علم نفس الجنسي" الذي اقترن بمزاعم واقعة التحرش الأخيرة في الوسط الصحفي، تؤكد المعالجة أنه لا يوجد مصطلح نفسي يسمى بهذا الأمس، وأن الجنس ضمن النواحي الحياتية العادية ويتطرق له حسب حالة المريض.

تتابع خليل: "لا يحق لأي شخص حصل على ورش تدريبة تتعلق بعلم النفس أن يزاول مهنة طبيب أو معالج نفسي، فضلا عن أن من حق المريض أن يرفض الحديث في شأن ميعن، سواء كانت هذه الجزئية متعلقة بطبيعة مرضه أو لا مثل الجنس"

وتشير خليل إلى أن هناك قاعدة في الطب النفسي وهي "ما يحدث الآن هو متعلق بالوقت الحالي فقط"، أي أن ما يقوله المعالج والطبيب للمريض لا يمكن أو يفتح في وقت آخر غير الجلسات خاصة إذا كان الطبيب يعرف المعالج  وتجمعهم علاقة صداقة، وايضا مجموعات الدعم النفسي، لايمكن أن يقوم شخص بالتحدث مع زميله بعد انتهاء جلسات الدعم النفسي فيما تم مناقشته أثناء الجلسة".

كما تشير المعالجة النفسية إلى كيفية دعم الناجيات من العنف الجنسي، وذلك من خلال الخضوع لعلاج نفسي، يهدف منه إعلاء مهارة توكيد الذات السابق ذكرها، وذلك في حالات الأثر النفسي السلبي البسيط.

أما في حالات الأثر الكبير وظهور أعراض جسدية  ونفسية عميقة تخضع لعلاج مطول يهدف لإعادة ثقة الناجية في نفسها وخلق صورة ايجابية عنها سواء عن جسدها أو أخلاقها، لما يسببه المتحرش من تشويه صورة ذهنية سيئة لدى ضحيته.

في السياق ذاته، قدمت شبكة الصحفيين الدوليين نصائح للصحفيات اللواتي يواجهن التحرش أثناء العمل، بعد إجرائها ورش عمل تتعلق بالقضية، أهمها:

(ارتدي ملابس مهنية وتصرفي بثقة وكبرياء أثناء تأدية دورك كصحفية. أوضحي أن التعليقات المثيرة، والنكات الفجة واللمسات غير اللائقة هي أمور عدائية بالنسبة لك.

اسألي المسيء إليك “هل كنت ستتكلم مع والدتك أو أختك أو زوجتك بهذه الطريقة؟ هل ترغب بأن يعاملهن أحد بالطريقة التي تعاملني بها؟. ذكّري الطرف المذنب بأسلوب هادئ لكن حازم أنك امرأة محترفة وأنك تطالبين بذات الاحترام الذي يلقاه الذكور في الغرف الإخبارية.

احتفظي بسجل مكتوب لما تم قوله أو فعله تجاهك. سجلي الوقت والتاريخ والمكان ورد فعلك أو إجابتك. أضيفي أسماء الشهود إن وجدوا. عندما تكونين في مهمة محفوفة بالمخاطر ارتدي خاتماً يمكن اعتباره كخاتم زواج. 

اذكري صديقك أو زوجك حتى لو لم تكوني على علاقة بأحد في ذلك الوقت. اكبحي السلوك المسيء بالقول “زوجي (أو أبي) لن يعجبه حديثك معي (أو معاملتك لي) بهذه الطريقة” إن أعاق السلوك عملك وسلامتك، تحدثي مع أحد تثقين به. 

تحققي من الإجراءات القانونية والشبكات الداعمة من خلال المنظمات غير الحكومية أو المنظمات النسائية. إن كان هناك من يتتبعك أو كنت تخافين على حياتك، توجهي إلى السلطات. 

اكتبي أسماء رجال القانون الذين تحدثتِ معهم واطلبي نسخة من البلاغ. اسألي عن سرعة اتخاذهم للإجراءات اللازمة. خذي معك شاهداً ليراقب سلوكهم وموقفهم تجاه).