بعد عامين من الاضطرابات.. «ميرسك» تفتتح عودة حذرة لعبور قناة السويس
سلطت صحيفة ريفيرا ماريتايم ميديا الضوء على أحدث تطورات عبور السفن عبر قناة السويس خلال الساعات القليلة الماضية؛ إذ بدأت ميرسك أول عبور لسفنها عبر البحر الأحمر ما يفتح باب العودة الحذرة إلى قناة السويس.
وبعد نحو عامين من الاضطرابات التي أربكت حركة الشحن العالمية، أنهت شركة ميرسك الدنماركية أول رحلة تجريبية عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، في خطوة تعد مؤشرا أوليا على عودة تدريجية محتملة إلى قناة السويس.
السفينة ميرسك سيباروك، المسجلة في سنغافورة والعاملة على خط الشرق الأوسط–الصين، عبرت الممر بين 18 و19 ديسمبر، ضمن تقييم أمني محدود لاختبار الأوضاع قبل أي استئناف أوسع، وفقًا للصحيفة.
اختبار محسوب لا عودة كاملة
وأكدت ميرسك أن هذا العبور لا يعني استئنافًا شاملًا لحركة الشرق–الغرب عبر القناة، بل يمثل تجربة أولية مصحوبة بإجراءات أمنية مشددة، مع التشديد على أن سلامة الطواقم والبضائع تظل أولوية قصوى.
وفي سياق متصل، رست السفينة إيما ميرسك في ميناء شرق بورسعيد عقب تعرضها لمشكلات ميكانيكية عند المدخل الشمالي للقناة، ما سلط الضوء على أهمية الجاهزية الفنية والدعم اللوجستي في الموانئ المصرية.
سياق أمني وسياسي ضاغط
ومنذ أواخر 2023، تجنبت غالبية شركات الشحن الكبرى المرور عبر السويس بسبب المخاطر المرتبطة بالحرب على غزة والهجمات التي استهدفت السفن التجارية في البحر الأحمر.
وأوضحت ميرسك أن أي توسع في العودة سيظل مرهونًا باستمرار تحسن الأوضاع الأمنية.
في المقابل، أكد رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، أن الهيئة تجري محادثات مع مشغلين عالميين آخرين لبحث استئناف تدريجي للعبور.
ولا تقتصر الإشارات الإيجابية على ميرسك وحدها؛ إذ أكملت مجموعة CMA CGM الفرنسية ثالث عبور لها منتصف نوفمبر، شمل أول رحلة شمالية منذ بداية الأزمة.
كما أعلنت هاباغ-لويد الألمانية أن أي عودة ستكون تدريجية، مؤكدة أن المخاطر لم تختفِ بالكامل بعد. هذه الخطوات تعكس ثقة متجددة ولكنها لا تزال محدودة ومحكومة بالحذر.
الأثر الاقتصادي بالأرقام
قبل الأزمة، كانت ميرسك من أكبر مستخدمي القناة، مسجلة 1،158 عبورا في 2023 نقلت خلالها نحو 127 مليون طن من البضائع، وحققت إيرادات للقناة بلغت 732.5 مليون دولار. إلا أن تحويل السفن إلى رأس الرجاء الصالح أدى إلى تراجع إيرادات القناة بأكثر من 60% في 2024.
وتشير التقديرات إلى أن إيرادات 2025 قد تبلغ 4.1 مليار دولار، مع توقعات بانتعاش أوضح في 2026 إذا استمرت العودة التدريجية.
تستحوذ قناة السويس على نحو 12% من التجارة العالمية، وتمثل حلقة وصل حيوية بين آسيا وأوروبا. تعطّلها أطال زمن الرحلات، ورفع استهلاك الوقود وتكاليف التأمين، ما أعاد التأكيد على دورها المحوري في سلاسل الإمداد الدولية.
وعليه، فإن عودة ميرسك—even وإن كانت محدودة—تبعث بإشارة مهمة إلى استعادة الممر تدريجيا لمكانته الاستراتيجية.
ويمثل عبور ميرسك الأول عبر البحر الأحمر اختبارًا أمنيًا واقتصاديًا في آن واحد. خطوة محسوبة تفتح نافذة أمل لعودة تدريجية قد تعيد الزخم لقناة السويس وتدعم إيراداتها، لكنها تظل مشروطة باستقرار إقليمي مستدام وضمانات فعّالة لأمن الملاحة.
وفي انتظار اتساع دائرة العائدين، تبقى القناة في قلب معادلة التجارة العالمية، بين الحذر والرهان على الاستقرار.





