إسرائيل تحذر واشنطن من هجوم إيراني مباغت تحت غطاء تدريبات صاروخية
في خضم تصاعد التوتر بين تل أبيب وطهران، رفعت إسرائيل مستوى تحذيراتها إلى واشنطن، معتبرة أن المناورات الصاروخية التي ينفذها الحرس الثوري الإيراني في الخليج قد لا تكون مجرد تدريبات اعتيادية، بل غطاء محتملًا لهجوم مفاجئ.
وجاء هذا التحذير عقب اتصالات مباشرة بين رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زمير وقائد القيادة المركزية الأمريكية برادلي كوبر، شدّد خلالها الجانبان على أهمية التنسيق الدفاعي الوثيق في مرحلة شديدة الحساسية، وفقا لصحيفة نيوزماكس الأمريكية.
مؤشرات الخطر
وترى إسرائيل أن مؤشرات الخطر لا يمكن تجاهلها، حتى وإن قدرت مصادرها الاستخباراتية احتمال الهجوم بأقل من 50 في المئة. فالتجربة السابقة، قبل نحو ستة أسابيع، شهدت تحركات صاروخية إيرانية مشابهة لم تتطور إلى مواجهة، غير أن تل أبيب تؤكد أنها لن تتعامل مع السيناريو الحالي باعتباره تدريبًا روتينيًا.
وفي هذا السياق، صرّح زمير علنًا بأن الجيش الإسرائيلي “سيضرب حيثما اقتضت الضرورة، في الجبهات القريبة والبعيدة”، في تلميح مباشر إلى أن إيران تبقى هدفًا محتملًا إذا وقع تصعيد جديد.
وفي المقابل، تتبنى واشنطن موقفًا أكثر حذرًا. فالاستخبارات الأمريكية لم ترصد حتى الآن دلائل قاطعة على هجوم وشيك، لكنها لا تستبعد اندلاع مواجهة نتيجة “سوء تقدير” متبادل بين الطرفين.
وقد دفعت هذه المخاوف القيادة المركزية الأمريكية إلى عقد اجتماعات عاجلة في تل أبيب مع كبار القادة العسكريين الإسرائيليين لمراجعة السيناريوهات الدفاعية المحتملة.
وتحاول الإدارة الأمريكية الموازنة بين التزامها بأمن إسرائيل وسعيها لتجنّب الانجرار إلى حرب إقليمية واسعة، خاصة في ظل تداعيات حرب يونيو 2025 التي شهدت مشاركة أمريكية محدودة في ضرب منشآت نووية إيرانية.
وتلقي خلفية تلك الحرب بظلالها الثقيلة على المشهد الحالي. فقد شنّت إسرائيل في يونيو 2025 حربًا استمرت 12 يومًا استهدفت البرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين، وأسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص في إيران وتدمير منشآت استراتيجية.
وردّت طهران بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية وأكثر من ألف طائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، ما خلّف عشرات القتلى وآلاف الجرحى ودمارًا واسعًا في البنية التحتية.
ورغم أن الحرب قلّصت الترسانة الإيرانية بشكل ملموس، وتشير صحيفة تايمز أوف إسرائيل إلى أن طهران بدأت بالفعل إعادة بناء قدراتها، مع إمكانية الوصول إلى إنتاج آلاف الصواريخ سنويًا إذا لم يتم ردعها.
وعلى الجانب الأخر، لا تخفي إيران استعدادها للتصعيد. فقد أعلن وزير الخارجية عباس عراقجي أن بلاده “مستعدة بالكامل” لجولة جديدة من القتال إذا فُرضت عليها، مؤكدًا أن المنشآت الاستراتيجية التي تضررت في الحرب الأخيرة أُعيد بناؤها.
وتواصل طهران استعراض قوتها عبر معارض للصواريخ والطائرات المسيّرة، في رسالة ردع واضحة موجهة لإسرائيل والغرب.
ولا تزال إسرائيل ترى في المناورات الإيرانية تهديدًا وجوديًا وتلوح بخيارات عسكرية مفتوحة، والولايات المتحدة تراقب بحذر دون دلائل حاسمة على هجوم وشيك، فيما تمضي إيران في استعراض قوتها وإعادة بناء ترسانتها.
وبين هذه المواقف المتباعدة، يبدو شبح الحرب حاضرا على الطاولة، لا كاحتمال بعيد، بل كخيار قابل للتحقق إذا استمرت لعبة الرسائل الصاروخية والتقديرات الخاطئة وسعي إسرائيل المستمر لإثارة القلاقل إقليميا ولعب دور الجانب المهدد دائما.





