الأحد 21 ديسمبر 2025 الموافق 01 رجب 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

جولة عربية لوزير خارجية الصين.. دبلوماسية بكين الهادئة تعزز الاستقرار والتنمية بالشرق الأوسط

علم الصين
علم الصين

اختتم وزير الخارجية الصيني، وانج يي، جولة استمرت خمسة أيام شملت الإمارات والسعودية والأردن، أكد خلالها أن هذه الزيارات عززت الثقة الاستراتيجية بين الصين والدول العربية، ودفعت التعاون في مجالات متعددة إلى الأمام، في وقت تستعد فيه بكين لاستضافة القمة الصينية – العربية الثانية العام المقبل. 

وشدد وانج على أن دبلوماسية القادة يجب أن تحدد أهدافًا طويلة المدى للعلاقات الثنائية، وأن تضع خططًا أكثر منهجية مع تنفيذ خطوات عملية ملموسة، مشيرًا إلى أن الذكرى السبعين للعلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية ستكون مناسبة لتعزيز التنسيق وضمان نجاح القمة المقبلة، وفقًا لصحيفة تشاينا دايلي.

وكانت القمة الأولى التي عقدت بالرياض عام 2022 قد شهدت قيام الرئيس شي جين بينج بطرح 8 مبادرات رئيسية لتعزيز التعاون العملي بين الصين والدول العربية، كما أعلن الطرفان تأسيس "مجتمع صيني–عربي بمستقبل مشترك لعصر جديد". 

وانج أكد أن الصين مستعدة للعمل مع الدول العربية للحفاظ على روح الصداقة القائمة على التضامن والمساواة والمنفعة المتبادلة والانفتاح والتعلم المشترك، والسعي معًا نحو مستقبل أكثر إشراقًا.

ومع اقتراب بدء تنفيذ الخطة الخمسية الخامسة عشرة (2026–2030)، أبدى قادة الدول العربية اهتمامًا كبيرًا بمضامينها، معتبرين أنها تعكس التزام الصين بالانفتاح والتعاون وتحقيق نتائج رابحة للجميع. 

خطة تتماشى مع استراتيجيات الدول العربية 

الباحثون الصينيون أوضحوا أن هذه الخطة تتماشى مع استراتيجيات الدول العربية في تنويع الاقتصاد وتطوير الطاقة الخضراء، ما يفتح آفاقًا أوسع للتعاون، خاصة في مجالات الطاقة الجديدة والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي.

لكن التعاون لم يعد مقتصرًا على الجانب السياسي أو الاقتصادي التقليدي. فمع نهاية 2025، توسع التعاون العملي بين الصين والشرق الأوسط في العمق والاتساع، رغم استمرار الاضطرابات والصراعات. المستثمرون الصينيون أطلقوا أو وسّعوا مشاريع من الخليج إلى شمال أفريقيا، ساعدت الحكومات على تسريع النمو وخلق فرص عمل وتقليل الاعتماد على النفط والغاز. 

ورغم أن البنية التحتية والطاقة التقليدية ما زالت محورية، فإن التعاون بات يتجه بقوة نحو الطاقة المتجددة، المركبات الكهربائية، الذكاء الاصطناعي، الفضاء، وغيرها من القطاعات المستقبلية.

وتعكس أرقام التبادل التجاري هذا التحول؛ إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين ودول الجامعة العربية 240 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من 2025، بزيادة 3.2% عن العام السابق، وهو أعلى مستوى مسجل لتلك الفترة. 

وفي نوفمبر، أكد مركز Asia House البريطاني أن الصين أصبحت أكبر شريك تجاري لدول الخليج، متجاوزة حجم التجارة مع الولايات المتحدة وبريطانيا ومنطقة اليورو مجتمعة.

وباتت المشاريع التقنية عنوانًا جديدًا للشراكة. وأطلقت مشاريع للقيادة الذاتية في الإمارات والسعودية، بينما نجحت شركة  صينية في ديسمبر بإطلاق الصاروخ التجاري "Kinetica 1" حاملًا أقمارًا صناعية للإمارات ومصر. 

وفي السعودية، تُستخدم روبوتات صينية مزودة بخوارزميات الذكاء الاصطناعي لصيانة مزارع الطاقة الشمسية العملاقة. الباحث أبو بكر الديب وصف هذه النقلة بأنها "قفزة نوعية نحو الصناعات المستقبلية".

هذه المشاريع ليست مجرد أعمال تجارية، بل باتت جزءًا من الحياة اليومية. وأكد مهندسون في الجزائر أن التعاون مع الصين في مشاريع الطاقة الشمسية وفر عددًا كبيرا من الوظائف وساهم دون شك في تحسين الخدمات، حتى أصبح "جزءًا أساسيًا من أسلوب حياتنا"، على حد عبارتهم.

ويرى المحللون أن الشراكة المثمرة مدفوعة بتكامل قوي: فبينما تسعى اقتصادات الشرق الأوسط إلى بناء بنية تحتية رقمية وطاقة متجددة ونمو مستدام، وتقدم الصين حلولًا ناضجة وفعّالة من حيث التكلفة. 

تجدر الإشارة إلى أن انتشار السيارات الكهربائية الصينية في المنطقة مثال واضح، إذ ساعدت على تقدم كبير في مسار التحول الأخضر. وفي المقابل، استثمرت دول الشرق الأوسط أكثر من 4 مليارات دولار في الصين خلال عشرة أشهر من 2025، في قطاعات التمويل والرعاية الصحية والطاقة المتجددة.

وخلق هذا التلاقي بين قدرات الصين وإصرار الشرق الأوسط على التنمية "معادلة استثنائية"، قادرة على تحويل الطموحات إلى مشاريع واقعية، ومع تراجع حدة بعض التوترات، يرى خبراء أن المنطقة تدخل مرحلة تتفوق فيها القوة الاقتصادية على الهيمنة العسكرية، وأن المنافسة الاستراتيجية باتت تدار عبر آليات التجارة والتكنولوجيا والاستثمار، مع التأكيد المتزايد على أن  الصين تمنح المنطقة "فرصة غير مسبوقة لتحقيق التكامل والاستقرار والنمو"، هذه الرؤية يشاركها محللون آخرون، مشيرين إلى أن الصين تحترم خصوصيات كل دولة ولا تسعى للاحتكار أو الاستغلال، بل تعزز اقتصادات شركائها. 

هذا النهج القائم على عدم التدخل والمكاسب المشتركة يمنح التعاون حيوية مستمرة ويقرب كل مشروع من بناء مجتمع صيني–عربي بمستقبل مشترك.