بمشاركة مصر وقطر وتركيا.. ماذا تحمل مباحثات ميامي لمستقبل غزة وفلسطين؟
انعقدت مباحثات ميامي بمشاركة الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا، بقيادة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، لمناقشة المرحلة الثانية من اتفاق غزة الذي وُقع في أكتوبر ٢٠٢٥.
هذه المرحلة تنص على انسحاب إسرائيل من مواقعها داخل غزة وتشكيل سلطة انتقالية فلسطينية بديلة عن حركة حماس، مع نشر قوة دولية للاستقرار.
غير أن التقدم كان بطيئًا، وسط اتهامات متبادلة بخرق الهدنة، حيث قُتل مئات الفلسطينيين منذ بدء التوقف الجزئي للقتال وفقًا لتقرير قناة فرانس ٢٤.
الأجندة الأمريكية والأوروبية
تركز واشنطن في الوقت الراهن على أولوية تثبيت وقف إطلاق النار ومنع انهيار الاتفاق، وربط المرحلة الثانية بترتيبات أمنية مثل تقليص نفوذ حماس أو نزع سلاحها.
وأشارت صحيفة نيوز-٢٤ الجنوب أفريقية، التابعة لمجموعة ناسبرس العالمية، إلى أن واشنطن تضغط على الوسطاء لتسريع التنفيذ وتطالب بخطوات ملموسة من الجانبين، أما فيما يتعلق بفرنسا وأوروبا، فإنهما تدفعان نحو حل الدولتين وتكثيف الضغط الدبلوماسي عبر مؤتمرات دولية واعترافات محتملة بالدولة الفلسطينية، معتبرة أن تثبيت الهدنة يجب أن يقود إلى مسار سياسي نهائي.
تجدر الإشارة إلى أن فرنسا على وجه الخصوص ترى أن أي تقدم ميداني يجب أن يُستثمر في إعادة إطلاق عملية السلام، أما المملكة المتحدة وألمانيا، فتتبنيان موقفًا داعمًا للوساطة الأمريكية، لكن لندن وبرلين يوازنان بين دعم إسرائيل وضمان حقوق الفلسطينيين، مع التركيز على إعادة الإعمار والجانب الإنساني. وأوضح معهد واشنطن أن برلين ولندن تركزان على الجانب الإنساني والاقتصادي كمدخل لتخفيف التوترات
السيناريوهات المحتملة
تثبيت تدريجي للهدنة: يتوقف هذا السيناريو على مدى نجاح الوسطاء في فرض آليات رقابة واضحة قد يؤدي إلى تحسين دخول المساعدات وإعادة بناء البنية التحتية في غزة.
هذا السيناريو يتوافق مع ما ذكرته «نيوز٢٤» حول ضرورة وجود مؤشرات أداء قابلة للقياس.
اتفاق محدود إنساني–أمني: يتضمن هذا السيناريو ربط إطلاق الأسرى وتسهيل المساعدات بتهدئة قطاعية، مع بقاء القضايا السياسية مؤجلة، كما أن حماس ترى في ميامي فرصة لوقف الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية وضمان مكاسب إنسانية عاجلة، وفقًا لراديو فرانس إنترناسيونال.
تعثر جزئي وتدويل أكبر: لهذا السيناريو نصيب من الواقع، إذا فشلت ميامي في تحقيق تقدم، قد تتحرك أوروبا لدفع مسار أممي أو اعترافات متزايدة بفلسطين، ما يضع واشنطن أمام خيار إعادة الانخراط السياسي، وذكرت قناة فرانس ٢٤ أن باريس تلوّح بخيارات دولية إذا لم يتحقق تقدم ملموس.
عقبات في طريق ميامي
ثمة عقبات أمام مباحثات ميامي، أبرزها أولا؛ غياب الثقة وسط تاريخ طويل من خرق الاتفاقات يجعل أي تفاهم هشًا ما لم يُرفق بآليات إنفاذ مستقلة.
وقد شدد معهد واشنطن على أن المشكلة ليست غياب الأفكار بل غياب التنفيذ الملزم،أما العقبة الثانية فتتمثل في تباين الرؤى، إذ تركز واشنطن على خطوات تكتيكية، بينما ترى باريس وبرلين ولندن أن الحل السياسي يجب أن يكون حاضرًا منذ الآن.
هذا التباين يخلق فجوة في الضغط الدولي ويتيح للأطراف المحلية اللعب على التناقضات، وفقًا لقناة فرانس 24.
وثالثًا؛ على صعيد الوضع الميداني، فإن استمرار القصف والقيود على الحركة يهدد أي تقدم، ويجعل المطالب الفلسطينية بوقف الخروقات شرطًا أساسيًا كما يضعف ثقة حماس في جدية الوسطاء.
ماذا يعني ذلك لمستقبل غزة وفلسطين؟
إعادة ترتيب الأولويات:
قد يترتب على مباحثات ميامي تحويل وقف إطلاق النار من تفاهم هش إلى مسار محكوم بمؤشرات أداء، يفتح الباب أمام إعادة الإعمار وتحسين الوضع الإنساني.
«آر إف آي» أكدت أن الوسطاء يسعون إلى خطوات عملية تمنع المماطلة، ويمثل نجاح مباحثات ميامي كذلك بناء جسر مرن بين التكتيكي والاستراتيجي؛ أي نجاح تثبيت الهدنة الذي من شأنه أن يمنح أوروبا أرضية أقوى للدفع بحل الدولتين، حتى لو بقيت واشنطن متمسكة بتحفظاتها في هذا الخصوص إذ ترى باريس في أي تقدم فرصة لإعادة إطلاق العملية السياسية.
تقليص المماطلة:
يرجح المراقبون أن إدراج أدوات ضغط على المعرقلين هو جوهر نجاح ميامي، لأنه يفتح الباب أمام تراكم إنجازات صغيرة قابلة للاستمرار، كما ترغب واشنطن في امتلاك آليات واضحة لمعاقبة الطرف الذي يخرق الاتفاق.
وأجمعت الصحف العالمية على أن مباحثات ميامي ليست الحل النهائي، لكنها قد تكون نقطة تحول إذا نجحت في تثبيت الهدنة وربطها بمسار سياسي أوسع.
أما مستقبل غزة وفلسطين، فسيعتمد على قدرة الوسطاء على سد فجوة الرؤى بين واشنطن وأوروبا، وتحويل التفاهمات الجزئية إلى خطوات استراتيجية طويلة الأمد. فإذا تحقق ذلك، فإن ميامي قد تُسجَّل كبداية لمسار جديد يوازن بين الأمن والإنسانية والسياسة، ويمنح الفلسطينيين متنفسًا حقيقيًا، ويعيد وضع حل الدولتين على الطاولة الدولية.





