الأربعاء 17 ديسمبر 2025 الموافق 26 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الأوقية تتجاوز 4320 دولارًا.. لماذا تقترب أسعار الذهب من مستويات تاريخية جديدة؟

الرئيس نيوز

تشهد أسعار الذهب في ديسمبر ٢٠٢٥ موجة صعود غير مسبوقة، حيث تجاوزت الأسعار حاجز ٤٣٢٠ دولار للأوقية مقتربة من الذروة التاريخية المسجلة في أكتوبر عند ٤٣٨٣ دولار. 

أداء الاستثنائي يعكس تداخل عوامل اقتصادية وجيوسياسية واستثمارية

هذا الأداء الاستثنائي يعكس تداخل عوامل اقتصادية وجيوسياسية واستثمارية، إضافة إلى عنصر بالغ الأهمية يتمثل في مشتريات البنوك المركزية الكبرى وعلى رأسها بنك الشعب الصيني.  

وجعل الضعف المستمر في الدولار الأمريكي وبيئة خفض الفائدة الفيدرالية وتراجع عوائد السندات الأمريكية والأوروبية من الذهب أصلا استثماريا أكثر جاذبية للمستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن. 

ووصفت صحيفة فاينانشال كونتنت هذا الارتفاع الراهن بأنه "اختراق تاريخي"، مؤكدة أن الذهب والفضة كسرا مستويات قياسية نتيجة حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي. 

كما أوضحت بي بي إس نيوز أور أن المستثمرين يتجهون إلى الذهب مع تراجع الثقة في الأسواق التقليدية، خاصة مع استمرار التضخم.  

وتلعب العوامل الجيوسياسية دورًا محوريًا في هذا الصعود. الحرب في أوكرانيا والصراع في غزة رفعا مستويات القلق لدى المستثمرين، بينما الانتخابات الأمريكية المقبلة والاضطرابات في آسيا والشرق الأوسط عززت من جاذبية الذهب كأصل آمن. 

وكان تقرير لصحيفة إنديا توداي قد أشار إلى أن الذهب والفضة أصبحا أكثر الأصول متابعة مع اقتراب العام الجديد، مؤكدًا أن التوترات الدولية دفعت المستثمرين إلى تعزيز حيازاتهم.  

وكان الطلب الاستثماري والمؤسسي عاملًا حاسمًا أيضًا. ووفقًا لتقرير شبكة نيوزكيس الإخبارية، سجلت صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب تدفقات قياسية بلغت ٢٥ طن خلال أسبوعين فقط، لترتفع الحيازات العالمية إلى نحو ٩٨ مليون أوقية، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر. 

كما توقعت مؤسسات مالية كبرى مثل مورغان ستانلي أن يصل الذهب إلى ٤٨٠٠ دولار للأوقية بحلول الربع الأخير من ٢٠٢٦، مدفوعًا بزيادة الطلب من الصين والأسواق الناشئة.  

أما البنوك المركزية، فقد عززت هذا الاتجاه بشكل واضح. وكشفت صحيفة مايننغ دوت كوم الإكترونية أن بنك الشعب الصيني أضاف في نوفمبر نحو ٣٠ ألف أوقية إلى احتياطياته، ليصل الإجمالي إلى أكثر من ٧٤ مليون أوقية. 

هذه هي المرة الثالثة عشرة على التوالي التي يواصل فيها البنك المركزي الصيني شراء الذهب منذ نوفمبر ٢٠٢٤، ما يعكس استراتيجية طويلة الأمد للتحوط ضد الدولار وتعزيز الاستقرار المالي.

وأكدت تقارير مجلس الذهب، وورلد غولد كاونسل أن البنوك المركزية حول العالم اشترت ٥٣ طنًا من الذهب في أكتوبر وحده، بزيادة ٣٦٪ عن الشهر السابق، مع بروز بولندا كمشترٍ رئيسي إلى جانب الصين.  

وبالمقارنة مع المعادن الأخرى، تجاوزت الفضة ٦٢ دولارًا للأوقية بزيادة تفوق ١٠٠٪ خلال العام الذي يشرف على الانتهاء، بينما ارتفع النحاس بنسبة ٢٨٪ فقط، ما جعل الذهب والفضة الأبرز بين المعادن في ٢٠٢٥. 

هذا التباين يوضح أن المستثمرين يفضلون المعادن المرتبطة بالملاذات الآمنة أكثر من تلك المرتبطة بالصناعة.  

وتقترب أسعار الذهب من مستويات تاريخية جديدة أمام عدة عوامل مجتمعة بما في ذلك ضعف الدولار الأمريكي وتراجع عوائد سندات الخزانة، علاوة على تصاعد التوترات الدولية، والتدفقات الاستثمارية القياسية، ومشتريات ضخمة من قبل البنوك المركزية وعلى رأسها الصين. 

هذه التركيبة تجعل المعدن الأصفر ليس فقط ملاذًا آمنًا، بل أيضًا أداة استراتيجية لإعادة تشكيل النظام المالي العالمي ناهيك عن دوره كأداة التحوط المفضلة لدى كيف واسع من المستمرين.