هل سيؤدي الهجوم على تدمر إلى تسريع اندماج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش؟
تناول تقرير لموقع المونيتور الأمريكي الهجوم الأخير الذي استهدف مدينة تدمر بوصفه حدثًا أمنيًا بالغ الدلالة، لا يقتصر أثره على الخسائر البشرية الكبيرة التي خلّفها، بل يمتد إلى إعادة فتح ملفات سياسية وعسكرية ظلت مؤجلة لسنوات.
أسفر الهجوم، المنسوب إلى خلايا متشددة، عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى، ما أعاد تسليط الضوء على هشاشة الترتيبات الأمنية في مناطق يُفترض أنها تخضع لسيطرة الدولة.
وفي هذا السياق، عاد النقاش بقوة حول مستقبل قوات سوريا الديمقراطية، واحتمالات دمجها في الجيش السوري ضمن مقاربة جديدة تهدف إلى سد الفراغات الأمنية ومنع تكرار مثل هذه الهجمات.
خلفية الهجوم وسياقه الأمني
وقع الهجوم في منطقة شديدة الحساسية من الناحية الجغرافية والعسكرية، إذ تحتل تدمر موقعًا استراتيجيًا يربط البادية السورية بالحدود العراقية، ويشكّل عقدة وصل بين الشرق والوسط السوري.
كما تحمل المدينة رمزية تاريخية تجعل أي خرق أمني فيها ذا وقع سياسي وإعلامي مضاعف.
وأثار حجم الخسائر البشرية مخاوف جدية من عودة التنظيمات المتشددة إلى استغلال الثغرات الأمنية في مناطق واسعة من البادية، الأمر الذي دفع دمشق إلى إعادة تقييم انتشارها العسكري وآليات التنسيق الأمني القائمة، لا سيما في المناطق المتداخلة النفوذ.
تجدد النقاش حول دمج قوات سوريا الديمقراطية
أعاد الهجوم الدامي طرح ملف دمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري بوصفه خيارًا مطروحًا، وإن كان محفوفًا بالتعقيدات.
الطرح الرسمي: ترى بعض الدوائر داخل الحكومة السورية أن الدمج قد يشكّل خطوة عملية لمعالجة القصور الأمني، إذ يسمح بتوحيد القيادة العسكرية، وتوسيع نطاق السيطرة المباشرة للدولة على المناطق الشرقية والشمالية، بما يقلل من فرص تسلل الجماعات المتشددة.
الموقف الكردي: في المقابل، تتمسك قيادات قوات سوريا الديمقراطية بجملة من الشروط، أبرزها الاعتراف بخصوصية الإدارة الذاتية، وضمان تمثيل سياسي فعلي داخل مؤسسات الدولة، إضافة إلى الحفاظ على قدر من الاستقلالية الإدارية والأمنية، وهو ما يجعل مسألة الدمج أقرب إلى تفاوض سياسي طويل الأمد منها إلى قرار عسكري مباشر.
الموقف الإقليمي: إقليميًا، ترفض تركيا أي صيغة تمنح قوات سوريا الديمقراطية شرعية رسمية، معتبرة إياها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، وترى في دمجها تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. في المقابل، تدفع روسيا باتجاه فكرة الدمج كحل وسط يحافظ على وحدة الأراضي السورية، ويحدّ من احتمالات التصعيد، ويمنح دمشق دورًا مركزيًا في إدارة الملف الأمني.
يشير تقرير المونيتور إلى أن الهجوم على تدمر قد يسرّع إدراج ملف الدمج على جدول الأولويات، إذ باتت دمشق تنظر إلى استمرار الوضع القائم بوصفه مصدرًا لفراغات أمنية خطيرة تستغلها التنظيمات المتشددة لإعادة تنظيم صفوفها. غير أن أي خطوة عملية في هذا الاتجاه ستظل رهينة تفاهمات دولية معقدة، خصوصًا في ظل الوجود العسكري الأميركي في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، والدور الذي تلعبه واشنطن في دعم هذه القوات سياسيًا وعسكريًا. كما أن غياب توافق إقليمي واسع قد يحدّ من فرص نجاح أي صيغة اندماج سريعة.
ويشكل الهجوم الدامي على تدمر مؤشرًا صارخًا على هشاشة الترتيبات الأمنية الحالية، ودافعًا لإعادة التفكير في مستقبل قوات سوريا الديمقراطية ودورها ضمن المعادلة السورية. وإذا قررت دمشق المضي قدمًا في خيار الدمج، فقد يفتح ذلك الباب أمام إعادة تشكيل المؤسسة العسكرية على أسس جديدة، ويعزز قدرة الدولة على ضبط الأمن في مناطق شاسعة.
غير أن هذا المسار من المتوقع أن يصطدم بعقبات سياسية وإقليمية ودولية معقدة، ما يجعله خيارًا ضروريًا من الناحية الأمنية، لكنه شديد الصعوبة من الناحية العملية، ويحتاج إلى وقت وتفاهمات تتجاوز البعد العسكري إلى تسوية سياسية أوسع.