الأربعاء 10 ديسمبر 2025 الموافق 19 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
اقتصاد مصر

قرار الفيدرالي المرتقب يهز الأسواق العالمية.. الذهب ينتظر انطلاقة تاريخية والدولار تحت ضغوط متزايدة

الذهب والدولار
الذهب والدولار

مع اقتراب ساعة إعلان قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن سعر الفائدة، تتجه الأنظار عالميًا نحو تأثير هذا القرار على اثنين من أهم المؤشرات في الأسواق الدولية: مؤشر الدولار وسعر الذهب. الأسواق المالية تُظهر توترًا محسوبًا، ومزيجًا من الترقب والخوف، إذ إن أي تغيير — مهما بدا طفيفًا — في توجه السياسة النقدية يمكن أن يعيد رسم خريطة أسعار الأصول حول العالم خلال الأشهر المقبلة وفقًا لصحيفة مورنينج ستار.  

الدولار تحت ضغط التوقعات

تشير بيانات المتابعة إلى أن مؤشر الدولار يقف حاليًا عند مستوى يقارب ٩٩ نقطة، وهو مستوى يعكس ضعفًا نسبيًا مقارنة بذروة الأشهر الماضية حين كان المؤشر يحوم فوق ١٠٤–١٠٥ نقاط. 

هذا الانخفاض المرتبط بتوقعات خفض الفائدة منح الذهب دفعة استثنائية. فإذا صدر الخفض بمقدار ربع نقطة مئوية، وهو الاحتمال الأرجح الليلة، فإن الدولار قد يتراجع سريعًا إلى ما دون ٩٩ نقطة، بينما يتجه الذهب إلى مستويات أعلى مدفوعًا بزيادة الطلب على أصول الملاذ الآمن.  

الذهب: موقع قوة تاريخي

يتداول المعدن الأصفر في نطاق ٤١٨٠–٤٢٢٠ دولارًا للأوقية؛ بنسبة ارتفاع سنوية تتراوح بين ٥٦٪ و٦٠٪، وهو أعلى أداء سنوي للذهب في التاريخ الحديث. هذا الصعود القوي جاء انعكاسًا مباشرًا لرهان المستثمرين على دخول الفيدرالي في دورة تيسير نقدي جديدة. فإذا جاءت لهجة بيان الفائدة أكثر مرونة، فمن المتوقع أن يتجاوز الذهب مستوى ٤٣٠٠ دولار للأوقية باندفاع قوي. أما إذا كانت اللهجة حذِرة، فقد يتعرض المعدن الأصفر لتصحيح نحو ٣٩٠٠–٤٠٠٠ دولار وفقا لصحيفة يو إس إيه توداي.  

الأهم من القرار نفسه هو المؤتمر الصحفي الذي يعقده رئيس الفيدرالي جيروم باول بعد دقائق من صدور البيان. هنا تتضح اللهجة المقصودة: هل هي مرنة تؤكد دورة خفض ممتدة، أم حذِرة تشير إلى أن التضخم ما يزال يشكّل تهديدًا؟ الأسواق عادةً تتحرك بقوة بعد تصريحات باول، لأن المستثمرين يقرأون بين السطور لتحديد المسار المستقبلي للفائدة. وبالتالي، فإن المؤتمر الصحفي هو اللحظة التي ستكشف ملامح السياسة النقدية المقبلة بوضوح وفقًا لشبكة سي إن بي سي نيوز.  

الـ Dot Plot: مخطط النقاط وخريطة النوايا

إلى جانب القرار والمؤتمر الصحفي، يولي المستثمرون اهتمامًا بالغًا بما يُعرف بـ مخطط النقاط، وهو الرسم البياني الذي ينشره الفيدرالي ويعرض توقعات أعضاء لجنة السوق المفتوحة لمسار الفائدة. 

هذا المخطط لا يُعد قرارًا ملزمًا، لكنه يُعتبر بمثابة “خريطة نوايا” تكشف عن متوسط توقعات صانعي السياسة النقدية. فإذا أظهر أن غالبية الأعضاء يتوقعون خفضًا إضافيًا في العام المقبل، فإن الأسواق ستقرأ ذلك كإشارة قوية على دورة تيسير ممتدة، ما يعزز ضعف الدولار ويدفع الذهب إلى مستويات قياسية جديدة.

 أما إذا جاءت النقاط متباينة أو مائلة نحو تثبيت الفائدة، فسيتراجع التفاؤل، وقد يفسر المستثمرون ذلك على أنه تردد أو ربما انقسام بين صانعي السياسة النقدية داخل الفيدرالي وفقا لموقع إيه إنفست.  

البعد السياسي وتأثير ترامب

لا يمكن تجاهل البعد السياسي في المشهد. إدارة الرئيس دونالد ترامب تمارس ضغوطًا غير مباشرة على الفيدرالي لتسريع وتيرة الخفض دعمًا للنمو وأسواق الأسهم قبل الاستحقاقات السياسية. هذه الضغوط، وإن لم تُعلن رسميًا، تدخل دائمًا في حسابات المستثمرين، لأن استقلالية الفيدرالي هي ركيزة الثقة في السياسة النقدية الأمريكية. 

التاريخ يؤكد أن ترامب لم يُخفِ استياءه سابقًا من سياسة جيروم باول الذي لا يستطيع عزله حتى تنتهي ولايته في منصب رئيس مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي في وقت لاحق من العام الماضي، ووجّه له انتقادات متكررة بوصفه “بطيئًا” أو “مبالغًا” في رفع الفائدة وتشديد السياسة النقدية بل واشتعلت بورصة التكهنات خلال نوفمبر وصولا إلى ديسمبر الجاري حول من سيختاره ترامب خلفا لجيروم باول في إطار مساعي الرئيس الأمريكي لفرض سيطرة أكبر على البنك المركزي، وفقًا لشبكة سي إن بي سي نيوز.  

التداعيات العالمية

تجدر الإشارة إلى أن قرار الليلة لا يخص الأسواق الأمريكية فقط، بل يمتد أثره إلى الاقتصادات الناشئة والسلع العالمية. ضعف الدولار يجعل الواردات أرخص للدول الأخرى، بينما ارتفاع الذهب يزيد كلفة الصناعات المعتمدة على المعادن. كما أن تدفقات رؤوس الأموال بين الأسواق الناشئة والمتقدمة تتأثر مباشرة بمسار الفائدة الأمريكية، ما يجعل قرار الفيدرالي حدثًا عالميًا بامتياز وفقا لموقع إيه إنفست.  

السيناريوهات المحتملة

في حالة إذا تبنى جيروم باول، خلال المؤتمر الصحفي اللاحق لقرار الفائدة، لهجة مرنة: يتوقع اداء الدولار عند ٩٧–٩٨، وقد يصعد الذهب فوق ٤٤٠٠ دولار للأوقية وفقا لبلومبرج.

أما إذا شعرت الأسواق بلهجة حذِرة من قبل رئيس مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، فمن المتوقع أن يصعد الدولار بين ١٠٠–١٠١، وفي المقابل من المتوقع أن يتحول أداء الذهب نحو المنطقة ٣٩٠٠–٤٠٠٠ دولار للأوقية وفقا لموقع كيتكو المتخصص في أسعار المعادن الثمينة.

وبين هذين السيناريوهين، ستتحدد صورة الأسواق المقبلة، وقد يكون قرار الليلة، الأخير  في العام الجاري، هو الأكثر تأثيرًا منذ خفض الفائدة الاضطراري في صيف ٢٠٢٠.