الأربعاء 10 ديسمبر 2025 الموافق 19 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

حادثة هيثرو.. سرقة باستخدام رذاذ الفلفل تحوّل أكبر مطارات بريطانيا إلى ساحة فوضى

مطار هيثرو في لندن
مطار هيثرو في لندن

شهد مطار هيثرو في لندن صباح الأحد 7 ديسمبر 2025 حادثة غير مسبوقة عندما استخدم لصوص رذاذ الفلفل لإرباك الركاب والعاملين في موقف السيارات متعدد الطوابق التابع للصالة رقم 3، قبل أن يستغلوا الفوضى لتنفيذ عملية سرقة جريئة. 

وأسفرت الحادثة عن إصابة واحد وعشرين شخصًا بينهم طفلة في الثالثة من عمرها، ونُقل خمسة منهم إلى المستشفى لتلقي العلاج قبل أن يُصرح لاحقًا بخروجهم جميعًا. 

هذا المشهد الذي بدا أقرب إلى فيلم بوليسي أثار جدلًا واسعًا حول قدرة السلطات على حماية الركاب في أكثر مطارات أوروبا نشاطًا.  

ووفقًا لصحيفة الإندبندنت، أوضحت الشرطة البريطانية أن المهاجمين استهدفوا امرأتين فور خروجهما من مصعد موقف السيارات، وسرقوا حقائبهما قبل أن يطلقوا رذاذ الفلفل في اتجاههما.

تسبب الرذاذ في إصابة العشرات من الركاب الذين كانوا في محيط المكان، ما أدى إلى حالة من الذعر اضطرت المسافرين إلى التدافع نحو المخارج. 

وهرعت قوات الشرطة المسلحة إلى الموقع عند الساعة 8:11 صباحًا، وألقت القبض على مشتبه بهم خارج مبنى المطار، فيما واصلت التحقيقات لتحديد هوية بقية المتورطين.  

وأعلنت شرطة العاصمة أن التحقيقات أسفرت عن توجيه تهم رسمية إلى رجلين هما تايرون ريتشاردز (31 عامًا) وأنتون كلارك-بوتشر (24 عامًا)، حيث وُجهت إليهما تهمتان بالسطو وتهمتان باستخدام مادة ضارة. 

وأكدت هيئة المحاكم والخدمات القضائية أن الرجلين سيمثلان أمام محكمة أوكسبرج الجزئية اليوم الثلاثاء. 

وفي تطور لاحق، ألقت الشرطة القبض على امرأة تبلغ من العمر 23 عامًا بشبهة التآمر لارتكاب عملية سطو، قبل أن تُخلى سبيلها بكفالة، كما اعتُقلت امرأة أخرى تبلغ من العمر 57 عامًا بنفس التهمة وأُطلق سراحها رهن التحقيق. 

كذلك، احتجزت الشرطة رجلًا يبلغ من العمر 31 عامًا بشبهة الشجار ولا يزال قيد الاحتجاز وفقا لصحيفة ديلي إكسبريس.  

وأثارت الحادثة نقاشًا واسعًا في بريطانيا حول مستوى الأمن في مطار هيثرو، الذي يستقبل أكثر من ثمانين مليون راكب سنويًا ويُعتبر بوابة رئيسية للسفر الدولي. 

اعتبر خبراء أمنيون أن استخدام رذاذ الفلفل في مكان مزدحم يمثل تهديدًا خطيرًا، ليس فقط من ناحية السرقة، بل أيضًا من ناحية إمكانية استغلاله في أعمال إرهابية أو تخريبية. 

وأكدوا أن الحادثة تكشف عن ثغرات في بروتوكولات الاستجابة السريعة، إذ استغرق الأمر دقائق طويلة قبل أن تسيطر السلطات على الموقف وتعيد تنظيم حركة المسافرين.  

وشددت إدارة المطار على أن سلامة الركاب تمثل أولوية قصوى، وأعلنت أنها تعمل مع الشرطة لتعزيز الإجراءات الأمنية. 

زادت الإدارة عدد الدوريات وكثفت المراقبة بالكاميرات، وراجعت بروتوكولات التعامل مع المواد الكيميائية. الشرطة من جانبها أكدت أن الحادثة مرتبطة بعصابة منظمة تستهدف المسافرين في المطارات الكبرى، وأنها ستواصل التحقيقات لتحديد ما إذا كان هناك شركاء آخرون.  

وسلطت الحادثة الضوء على هشاشة الأمن في المطارات الكبرى خاصة بالحلقات الأكثر ضعفا مثل مواقف السيارات أمام أساليب غير تقليدية للجريمة. 

ووجد مطار هيثرو نفسه في قلب انتقادات إعلامية ودولية، خصوصًا أن المنافسة بين المطارات الأوروبية الكبرى مثل شارل ديجول في باريس وفرانكفورت في ألمانيا تعتمد على السمعة المرتبطة بالأمان والموثوقية. 

أي اهتزاز في صورة هيثرو قد ينعكس على ثقة شركات الطيران والركاب، ويؤثر على مكانته كمركز عالمي للطيران.  

ترك الحادث أثرًا نفسيًا واضحًا على الركاب الذين شهدوا الفوضى. وصف بعضهم التجربة بأنها مرعبة وغير متوقعة، فيما أكد آخرون أنهم شعروا بأن حياتهم كانت في خطر. 

أبرزت هذه الشهادات أن الأمن في المطارات لا يقتصر على حماية الممتلكات، بل يشمل أيضًا ضمان شعور الركاب بالطمأنينة أثناء السفر.  

كشفت حادثة هيثرو أن التهديدات الأمنية لم تعد محصورة في الهجمات الإرهابية التقليدية، بل باتت تشمل أساليب إجرامية مبتكرة تستغل ازدحام المطارات وضعف الاستجابة الأولية.

 واصلت الشرطة تحقيقاتها لتحديد هوية الجناة وملاحقتهم، فيما طرحت الحادثة سؤالًا كبيرًا حول قدرة بريطانيا على استعادة ثقة العالم في أمن أكبر مطاراتها. وبينما ينتظر الرأي العام نتائج التحقيقات، يبقى المؤكد أن حادثة هيثرو ستظل علامة فارقة في سجل الأمن الجوي البريطاني، وستدفع السلطات إلى إعادة النظر في استراتيجياتها لمواجهة التهديدات المستقبلية.