علماء إيطاليون يؤكدون وجود أعمدة مخفية أدنى أهرامات الجيزة| صور
على مدى قرون ظلّت أهرامات الجيزة قادرة على إثارة الدهشة الإنسانية، لكنّ العلم يبدو اليوم على وشك إعادة كتابة القصة من جديد.
ففي تقرير علمي مثير، عاد فريق من العلماء الإيطاليين ليؤكد ما أعلنوه قبل أشهر: وجود أعمدة وهياكل معمارية عملاقة تقع على عمق يتجاوز ثلاثة آلاف وخمسمائة قدم أدنى هرم خفرع، متصلة بشبكة من الغرف والأنفاق الضخمة التي قد تغيّر فهمنا للتاريخ القديم، وذلك وفقًا لصحيفة دايلي ميل البريطانية.
هذا الكشف يضع الأهرامات مرة أخرى في قلب النقاش العالمي حول أسرار الحضارة المصرية القديمة، ويثير تساؤلات لا تنتهي عن مدى تقدم المعرفة الهندسية والروحية لدى المصريين القدماء.
تأكيد علمي غير مسبوق
أوضح المهندس الإيطالي فيليبو بيوندي، مطوّر تقنية تصوير رادارية مبتكرة، أن أربع شركات أقمار صناعية مستقلة سجّلت البيانات نفسها حول الأعمدة والهياكل المعمارية الجوفية.
تطابق النتائج دفعه إلى القول: “لا مجال للصدفة… كل الأقمار أظهرت نفس الصورة”. هذا التوافق بين مصادر متعددة يعزز مصداقية الاكتشاف ويضعه في مصاف الاكتشافات العلمية الكبرى التي قد تغيّر نظرتنا إلى التاريخ.
ويشير بيوندي إلى أن هذه التقنية لم تُستخدم من قبل في مواقع أثرية بهذا الحجم، ما يجعل النتائج أكثر إثارة للدهشة والجدل.

تقنية وإدارية تكشف أعماق الأرض
تعتمد طريقة بيوندي على قياس اهتزازات دقيقة للغاية على سطح الأرض تحمل بصمات صوتية قادمة من أعماق باطنها. ووفقًا للبيانات، تظهر ثمانية أعمدة عمودية ضخمة تهبط مباشرة من قاعدة هرم خفرع، يلتف حول كل منها لولب معماري مثالي الصنع، قبل أن تنتهي إلى غرف مكعبة عملاقة أكبر من معظم الملاعب الحديثة.
هذه الصور تفتح الباب أمام فرضيات جديدة حول استخدام المصريين القدماء للهندسة الصوتية والاهتزازية في البناء أو الطقوس الدينية، وربما تشير إلى أن الأهرامات لم تكن مجرد مقابر ملكية، بل مراكز معمارية وروحية ذات وظائف متعددة.
جدل بين العلماء
ورغم تشكيك خبراء بارزين مثل الدكتور زاهي حواس، يتمسك الفريق الإيطالي بموقفه، معلنًا أنه رصد هياكل معمارية مشابهة تحت هرم منقرع وعمودًا مفردًا تحت تمثال أبو الهول، بل وحتى بصمات هندسية مطابقة على بُعد ثلاثين ميلًا في منطقة هوارة التي وصفها القدماء بـ“المتاهة”.
هذا الجدل يعكس الانقسام بين المدرسة التقليدية التي ترى الأهرامات مجرد مقابر ملكية، والمدرسة الحديثة التي تعتبرها مراكز علمية وروحية معقدة.
ويؤكد الباحثون أن تكرار الأنماط الهندسية في مواقع مختلفة يعزز فرضية وجود شبكة معمارية متكاملة تحت الأرض، ربما كانت جزءًا من مشروع حضاري ضخم لم يُكشف عنه بعد.
وظيفة غامضة
الغموض يتعمّق أكثر مع اعتراف بيوندي بأن الفريق لا يعرف بعد الوظيفة الحقيقية لهذه الأعمدة والهياكل المعمارية. لكنه يلمّح إلى إمكانية ارتباطها بالمعرفة أو الطاقة، قائلًا: “المعلومات هي كل شيء… وربما تكون هذه الهياكل مرتبطة بها”.
هذه الفرضية تفتح المجال أمام نظريات تربط الأهرامات بمخازن للمعرفة أو حتى كمراكز لتوليد الطاقة، وهي أفكار طالما أثارت الجدل في الأوساط العلمية والشعبية.
بعض الباحثين يقترحون أن الأعمدة قد تكون جزءًا من نظام معقد لتخزين البيانات أو الطاقة، بينما يرى آخرون أنها ربما كانت مرتبطة بطقوس دينية تهدف إلى ربط الأرض بالسماء.
تجارب داعمة للمصداقية
وللرد على االمشككين، قام بيوندي بتجارب عمياء أثبت فيها أن التقنية نفسها صوّرت منشآت مخبر جران ساسو تحت جبل في إيطاليا بدقة مئة في المئة.
هذا النجاح يعزز مصداقية النتائج المتعلقة بالجيزة، ويؤكد أن التقنية قادرة على كشف الأعمدة والهياكل المعمارية الجوفية بدقة عالية، ما يجعل الاكتشاف أكثر من مجرد فرضية نظرية.
ويشير الفريق إلى أن هذه التجارب أثبتت أن التقنية الرادارية يمكن أن تُستخدم مستقبلًا في مواقع أثرية أخرى حول العالم، ما قد يفتح الباب أمام ثورة جديدة في علم الآثار.
الخطوة التالية بانتظار الضوء الأخضر من السلطات المصرية، إذ تقترح البعثة الإذن بدخول المجمع تحت الأرض عبر ممرات قديمة قرب أبو الهول، دون الحاجة لحفر جديد. وإن تمت الموافقة، قد تبدأ أولى عمليات الاستكشاف الميداني في عام 2026، وهو موعد قد يحمل مفاجآت تُغيّر تاريخ أقدم حضارة عرفتها البشرية.
هذا الاحتمال يثير حماسة الباحثين والجمهور على حد سواء، إذ قد نكون أمام أكبر كشف أثري في القرن الحادي والعشرين. ويؤكد الفريق أن التعاون مع السلطات المصرية سيكون حاسمًا لضمان نجاح المشروع، وأن أي اكتشاف جديد سيُعلن للعالم بشفافية كاملة.
في كنف حضارة قادرة دائما على طرح الألغاز، يبدو أن الجيزة ما زالت تحتفظ بأكبرها. فالأهرامات، التي طالما اعتُبرت رمزًا للخلود والدهشة، قد تكشف قريبًا عن مدينة مفقودة أو شبكة من الأعمدة والهياكل المعمارية أعمق من أن يتخيلها أحد.
وبينما يستمر الجدل بين المشككين في الاكتشاف الحديث والمؤيدين له، يبقى المؤكد أن مصر لا تزال أرضًا للأسرار التي لم تُكتشف بعد، وأن العلم الحديث يضع العالم على بُعد خطوة واحدة فقط من إعادة كتابة قصة أبرز رموز وإنشاءات الحضارة المصرية القديمة.





