الجمعة 26 ديسمبر 2025 الموافق 06 رجب 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل.. كيف تؤثر على أسعار وقود المنازل في تل أبيب؟

الرئيس نيوز

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الطاقة إيلي كوهين في ديسمبر ٢٠٢٥ عن إتمام صفقة تاريخية لتصدير الغاز الطبيعي من حقل ليفياثان إلى مصر بقيمة ٣٥ مليار دولار، تمتد حتى عام ٢٠٤٠ وتشمل توريد نحو ١٣٠ مليار متر مكعب من الغاز. وعد نتنياهو بأن الصفقة ستضخ ٥٨ مليار شيكل (١٨ مليار دولار) في خزينة الدولة لدعم التعليم والصحة والبنية التحتية والأمن، مؤكدًا أنها لن تؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة للمستهلكين. 

لكن خبراء الطاقة حذروا من أن الصفقة ستستنزف نحو ١٥٪ من الاحتياطي المؤكد للغاز في إسرائيل، أي ما يعادل عقدًا من الاستهلاك المحلي، ما يعني أن عصر الاستقلال الطاقي سينتهي أبكر بعشر سنوات من المتوقع، وذلك وفقًا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.  

وأوضحت الصحيفة أن الشراكة المالكة لحقوق تطوير حقل ليفياثان تضم شركات كبرى مثل "نيو ميد إنرجي" (المعروفة سابقًا باسم ديليك دريلينج) بحصة ٤٥.٣٪، و"شيفرون" الأمريكية بحصة ٣٩.٦٦٪، و"راتيو أويل كورب" بحصة ١٥٪. 

هذه الشركات ستجني نصف عوائد الصفقة، بينما تحصل الحكومة الإسرائيلية على النصف الآخر. 

ورغم أن حكومة نتنياهو تعتبر الاتفاق إنجازًا اقتصاديًا ودبلوماسيًا، يرى منتقدوها في الداخل الإسرائيلي أنه بيع مبكر لاحتياطات الدولة اليهودية لصالح قلة من المستثمرين، على حساب المستهلكين الذين سيواجهون ارتفاعًا في أسعار الكهرباء والغاز المنزلي.  

وأكد خبراء مثل أريئيل باز-ساويكي من مجموعة "لوبي ٩٩" أن الصفقة ستضاعف معدل إنتاج حقل ليفياثان وتؤدي إلى نضوبه بسرعة أكبر، ما سيجبر إسرائيل على استيراد الغاز بأسعار مرتفعة بحلول منتصف الثلاثينيات. 

أشار إلى أن التجارب السابقة في دول مثل هولندا والمملكة المتحدة أظهرت أن التوسع في التصدير يؤدي إلى فقدان الاستقلال الطاقي والاعتماد على واردات مكلفة.  

وتوقع باز-ساويكي أن ترتفع فواتير الكهرباء في إسرائيل بنسبة تصل إلى ٢٥٪ خلال العقد المقبل إذا لم يتم تعزيز الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة. وأكد أن أكثر من ٧٠٪ من الكهرباء الإسرائيلية حاليًا يعتمد على الغاز المحلي، ما يجعل أي نقص في الاحتياطي خطرًا مباشرًا على تكاليف المعيشة.  

من جانبه، أوضح غابرييل ميتشل، الباحث في معهد "ميتڤيم" والزميل الزائر في صندوق مارشال الألماني، أن الصفقة تعني أن "ذروة الغاز" ستأتي أبكر مما كان متوقعًا، ربما في عام ٢٠٣٥ بدلًا من ٢٠٤٥. 

شدد على أن هذا سيؤثر بشكل واضح على تكلفة المعيشة، لأن كل مواطن يستهلك الكهرباء يوميًا.  

وأضاف ميتشل أن إسرائيل تواجه معضلة استراتيجية، إذ ترتبط بعقد ضخم مع مصر وبشركات خاصة تفضل الأسواق الخارجية ذات الأرباح الأعلى، ما يضعف قدرة الحكومة على التفاوض لتقليل حجم الصادرات.

 وأكد أن مصر ستستفيد من الصفقة عبر سد فجوة الطاقة المتزايدة لديها، بينما سيجد الإسرائيليون أنفسهم أمام أسعار أعلى وفقدان تدريجي للاستقلال الطاقي.  

وحذر خبراء آخرون من أن وعود حكومة نتنياهو بشأن العوائد الضريبية والرسوم قد تكون مبالغًا فيها. ففي عام ٢٠١٥ توقعت وزارة المالية أن يدخل أكثر من ٥ مليارات دولار إلى صندوق الثروة السيادي بحلول ٢٠٢٤، لكن الرقم الفعلي لم يتجاوز ١.٥ مليار دولار، أي أقل من ثلث التقديرات. هذا يثير شكوكًا حول قدرة الصفقة الجديدة على تحقيق العوائد الموعودة للمواطنين.  

وخلصت الصحيفة إلى أن الصفقة مع مصر قد تمنح إسرائيل مكاسب مالية ودبلوماسية قصيرة الأمد، لكنها تضعها على مسار فقدان استقلالها بشأن الطاقة وتعرض مواطنيها لارتفاع تكاليف الكهرباء والغاز المنزلي. وأكدت أن الحل يكمن في وضع استراتيجية طويلة الأمد توازن بين المصالح الجيوسياسية والاحتياجات المحلية، مع الاستثمار الجاد في الطاقة المتجددة لتجنب أزمة مستقبلية.