الأربعاء 24 ديسمبر 2025 الموافق 04 رجب 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

شكوك وانتقادات عربية.. تفاصيل مشروع «صن رايز» الأمريكي لإعادة إعمار غزة

الرئيس نيوز

كشفت صحيفة نيويورك بوست عن مشروع أمريكي طموح لإعادة إعمار غزة تحت اسم "Project Sunrise" أو مشروع “صن رايز”، بمبادرة يقودها صهر الرئيس جارد كوشنر والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، وبمشاركة كبار مستشاري البيت الأبيض وبمباركة ترامب.

ويطرح المشروع كخطة شاملة بقيمة 112 مليار دولار تمتد على 10 سنوات، تهدف إلى تحويل غزة إلى مدينة ساحلية ذكية ومركز تكنولوجي متطور، بفنادق فاخرة، وشبكة نقل سريع، وبنية تحتية رقمية ذكية، وشبكات طاقة محسوبة بالذكاء الاصطناعي.

وأبرزت صحيفة وول ستريت جورنال ما يتضمنه المشروع من إنشاء مكتب رقمي رئيسي Chief Digital Office ومختبر ابتكار لتحديد المعايير والسياسات التقنية، كما صممت شرائح العرض التقديمي ببرنامج PowerPoint بعناية لإظهار غزة كوجهة عالمية مستقبلية ومزدهرة.

وأشارت وول ستريت جورنال إلى أن التمويل سيغطيه التحالف الدولي، حيث تتوقع الولايات المتحدة “تثبيت” نحو 60 مليار دولار على شكل منح وضمانات قروض، بينما يفترض أن تتحمل دول عربية وإقليمية، من بينها مصر وتركيا وقطر، الجزء الأكبر من الاستثمارات. 

ومع ذلك، حذر مسؤولو البيت الأبيض من أن تنفيذ المشروع يعتمد على موافقة حماس على نزع السلاح، وهو شرط بالغ الحساسية سياسيًا وأمنيًا.

الرؤية العربية للمشروع

وتتسم النظرة العربية بالتشكيك العميق في أهداف المشروع. ويرى المحللون أن "صن رايز" لا يركز على الاحتياجات الأساسية لسكان غزة الذين يعانون نقصا حادا في الغذاء والمياه والأدوية، بل يستخدم كأداة سياسية واقتصادية لخدمة مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، بما يشبه نموذج “السلام الاقتصادي” في “صفقة القرن”، حيث يتم تقديم التنمية الاقتصادية الضخمة كبديل عن الحل السياسي الجذري للقضية الفلسطينية.

وأشارت صحيفة بيزنس إنسايدر إلى أن إدارة ترامب تعتزم التسويق لفكرة المشروع الذي يقدم غزة كمدينة مستقبلية متقدمة تكنولوجيًا، ولكن الإدارة تتجاهل معاناة أكثر من مليوني فلسطيني قد يضطرون للانتقال مؤقتا أو دائما أثناء عمليات البناء، وهو ما يثير قلقا عميقا حول العدالة الاجتماعية وإمكانية تمكين السكان المحليين.

استعمار حديث؟

ولفتت صحيفة نيويورك بوست إلى أن بعض الأكاديميين العرب وصفوا المشروع بأنه نموذج حديث للاستعمار الاقتصادي، حيث يعتمد على استقطاب رؤوس الأموال الدولية والتحكم في القطاعات الحيوية مثل العقارات والطاقة الرقمية والتكنولوجيا، بدلًا من تمكين الفلسطينيين المحليين.

ويثير المشروع تساؤلات حول من سيمتلك ويدير هذه البنية التحتية، وكيف ستؤثر السيطرة الأجنبية على القرارات الاقتصادية والسياسية المستقبلية في غزة، خاصة في ظل وجود شروط مسبقة مرتبطة بالسيطرة الأمنية ونزع سلاح حماس.

تجاهل البعد السياسي

يتجاهل المشروع بوضوح الاحتلال الإسرائيلي المستمر وحق الفلسطينيين في تقرير المصير، حيث يشكل شرط نزع سلاح المقاومة أحد أكثر بنود المشروع إثارة للجدل. 

ويرى المنتقدون أن هذه الخطة تقدم حلولًا أحادية الجانب، وتضع السكان في موقف ضعف دون أي ضمانات سياسية واضحة، مما يجعل تحقيق التنمية المستدامة صعبًا ما لم يسبقها حل سياسي شامل يعترف بالحقوق الأساسية للفلسطينيين.

يثير تمويل المشروع تساؤلات حول استعداد الدول العربية والإقليمية، مثل مصر وقطر وتركيا، لتحمل أعباء مالية ضخمة وسط ضغوط اقتصادية وسياسية إقليمية. 

ويحذر المحللون من أن تحميل غزة ديونًا ضخمة لمصلحة المستثمرين الدوليين قد يؤدي إلى استغلال اقتصادي، وتحويل القطاع إلى مشروع استثماري يخدم مصالح رأس المال الأجنبي أكثر من رفاه السكان المحليين.

واتسمت ردود أفعال الحكومات العربية بنبرة احترازية، مع دعم واضح لخطط مصرية لإعادة الإعمار ترتكز على السيادة الفلسطينية والواقع المحلي، مع محاولة تحقيق توازن بين التنمية والحماية السياسية. 

أما فيما يتعلق بالرأي الشعبي، فقد ساد رفض قاطع عبر منصات التواصل الاجتماعي والتحليل الشعبي، معتبرين المشروع “حلًا خارجيًا يتجاهل جذور القضية الفلسطينية”، مع مخاوف من تهجير تدريجي أو تغييرات ديموغرافية قد تصيب القطاع بالاختلال السكاني والاجتماعي ما يعكس شكوكا شعبية عميقة في الدوافع الأمريكية، واعتبار المشروع أداة لخدمة مصالح سياسية واقتصادية أكثر الاكتراث برفاهية السكان.