تنبؤات الوسطاء الروحانيون تجدد النقاش حول صحة ترامب في العام الجديد
مع اقتراب العام الجديد 2026، أثارت توقعات مجموعة من الوسطاء الروحانيين في بيرو جدلا متجددا حول صحة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد أن أعلن هؤلاء الوسطاء خلال احتفالهم السنوي على شاطئ في حي ميرا فلوريس في ليما أن ترامب قد يواجه مرضا خطيرا أو انتكاسة صحية شاملة في الأشهر المقبلة.
وأوضحت التوقعات أن الولايات المتحدة يجب أن تستعد للتأثير المحتمل لهذا المرض على النشاط السياسي للرئيس السابق، خاصة مع اقتراب انتخابات العام الجديد.
وفي بيرو، يعرف الشامان، أو الوسطاء الروحانيون، بأنهم أشخاص يمتلكون قدرات خاصة تجعلهم وسطاء بين عالم البشر وعالم الأرواح. يمارس هؤلاء الوسطاء طقوسا تعتمد على السحر والكهانة، وغالبًا ما يدخلون في حالات غيبوبة أو صرع أثناء أداء مهامهم الروحانية، مثل التحكم في الأرواح، والاستغراق في إيجاد الأشياء المفقودة، والتنبؤ بالمستقبل.
وذكرت صحيفة الإندبندنت البريطانية أن أصل الكلمة يعود إلى سيبيريا، ولكن ممارسات الوسطاء الروحانيين تنتشر في ثقافات بدائية حول العالم، بما في ذلك أمريكا الجنوبية وآسيا وأفريقيا، حيث يُنظر إليهم كحلقة وصل بين العالمين المادي والغيبي.
في طقسهم السنوي الأخير، ظهر الوسطاء الروحانيون مرتدين أزياء تقليدية ملونة، مزينين بالزهور على الرمال، وحملوا صورا لعدد من القادة العالميين بمن فيهم ترامب، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى جانب قادة آخرين.
ووفقا لصحيفة "رو ستوري" الأمريكية، أعلن الوسطاء الروحانيون من خلال هذه الطقوس تنبؤاتهم للعام الجديد، متناولين مجموعة من الأحداث المحتملة على الصعيد العالمي، بما في ذلك انتهاء الحرب في أوكرانيا ورفع علم السلام، وهروب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو من البلاد، فضلًا عن توقعات بحدوث تغيرات اقتصادية وسياسية في عدة دول.
ورغم الطابع الرمزي والروحاني لهذه التنبؤات، لا تستند إلى أي أسس علمية أو طبية مؤكدة، إلا أن ظهورها هذا العام جاء في وقت حساس، وسط استمرار النقاش حول صحة ترامب والتكهنات المتعلقة بتأثير حالته على الساحة السياسية الأمريكية.
وقد لاحظ مراقبون أن بعض التنبؤات السابقة للوسطاء الروحانيين كانت صحيحة جزئيًا، مثل توقعاتهم بشان وفاة الرئيس البيروفي السابق، ألبرتو فوجيموري، في 2023، وبالفعل توفي بعد عام واحد من تنبؤهم، بينما أخفقت توقعاتهم لعام 2024 بشأن اندلاع "حرب نووية" بين إسرائيل وغزة، إذ لم ينتهي العام الجاري إلا بعد إبرام اتفاق هدنة في الواقع في منتجع شرم الشيخ في مصر برعاية ترامب والرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة برئاسة مصرية أمريكية مشتركة.
وفي تصريحات خلال الاحتفال، قال أحد الوسطاء الروحانيين، خوان دي ديوس جارسيا: "على الولايات المتحدة أن تستعد لأن دونالد ترامب سيقع مريضًا بشكل خطير".
وأضاف أن هذا التنبؤ قد يكون مستندًا جزئيًا إلى الأخبار والتقارير الأخيرة حول الحالة الصحية للرئيس الأمريكي البالغ من العمر 79 عامًا، والتي تشمل مشكلات جسدية مثل انتفاخ الكاحلين وكدمات اليدين، إضافة إلى تشخيصه بمشكلات في الدورة الدموية تسبب ركود الدم في الساقين.
ورغم ذلك، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن ترامب في "صحة ممتازة"، مشددة على أنه قادر على ممارسة مهامه بشكل طبيعي، بينما لاحظ خبراء أن سلوكياته الأخيرة، مثل تكثيف تسمية الأبنية والمؤسسات باسمه، قد تعكس وعيه المتزايد بفناء حياته.
تجدر الإشارة إلى أن الوسطاء الروحانيين لا يقتصر عملهم على التنبؤ بالمرض أو الوفاة، بل يمتد إلى تقديم رسائل سياسية وروحانية، وممارسة طقوس للشفاء والحماية، أحيانًا للتأثير على القرارات الجماعية أو على المجتمعات المحلية.
ويعتبر البعض أن هذه الطقوس تمثل انعكاسًا لرؤى اجتماعية وسياسية، حيث يعكس كل تنبؤ ما يشعر به الوسطاء الروحانيون تجاه الأزمات الإنسانية والسياسية في العالم، مثل الحروب والنزاعات الإقليمية والكوارث الطبيعية.
وقد أثارت التنبؤات الأخيرة للوسطاء الروحانيين جدلًا بين الصحافة والمتابعين، إذ انقسمت الآراء بين من يرى أنها مجرد شعوذة رمزية بلا تأثير على الواقع، ومن يعتقد أنها قد تحمل إشارات رمزية أو تنبؤية لما سيحدث في العام الجديد.
وفي الأوساط الإعلامية، سلطت صحف مثل الإندبندنت الضوء على هذه الطقوس السنوية، مشيرة إلى أن سجل الوسطاء الروحانيين في التنبؤات متباين، حيث يصيبون أحيانا ويخطئون أحيانا أخرى، لكن في كل الأحوال تجذب مراسمهم اهتمام الجمهور المحلي والدولي نظرًا لطابعها الطقوسي والرمزي الفريد.
ويؤكد خبراء علم الاجتماع أن الاهتمام العالمي بتنبؤات الوسطاء الروحانيين يعكس حاجة المجتمعات إلى العثور على علامات وأدلة غير تقليدية للتعامل مع عدم اليقين السياسي والاقتصادي.
وفي هذا السياق، قد تلعب التنبؤات دورًا في تشكيل الرأي العام، سواء من خلال تعزيز المخاوف أو التأكيد على توقعات معينة حول أحداث عالمية، دون أن تكون لها أي سلطة عملية على مسار الأمور.
كما لفت الباحثون، في تصريحات نشرتها "رو ستوري" إلى أن الوسطاء الروحانيين في بيرو حافظوا على تقاليدهم القديمة التي تمزج بين الاعتقادات الروحانية والمعرفة بالأنماط الطبيعية للطقس والموسم والزراعة، وهو ما يمنح مراسمهم بعدًا اجتماعيًا وثقافيًا يعكس الترابط بين الإنسان والطبيعة والغيبيات الروحانية.
وتستمر الطقوس السنوية للوسطاء الروحانيين في كونها مناسبة لمراجعة التوقعات السابقة، ومناقشة التحديات العالمية، وإرسال رسائل رمزية إلى القادة والشعوب، كما هو الحال في تنبؤات ترامب لعام 2026.
وأشارت صحيفة ميامي هيرالد الأمريكية إلى أن تداول هذه التنبؤات مجددا يعكس استمرار الاهتمام العالمي بالطقوس الروحانية والوسطاء الروحانيين كنافذة على عالم غير مرئي، حيث تتلاقى المعتقدات القديمة مع الأحداث المعاصرة، ويستمر النقاش حول صحتها وأهميتها في التأثير على الرأي العام والسياسة، وهو ما يجعل كل توقع جديد مادة غنية للتحليل والنقاش في الصحافة الدولية والمحلية، مع الاستمرار في مراقبة تأثيرها على المزاج الشعبي تجاه الشخصيات العامة والسياسات العالمية.





