أرقام صادمة.. قوائم انتظار المرضى تتفاقم في بريطانيا تحت حكومة ستارمر
تواجه خدمات الرعاية الصحية في بريطانيا، منذ تولي حكومة كير ستارمر السلطة، أزمة غير مسبوقة، حيث ارتفع عدد المرضى الذين ينتظرون أكثر من شهر للحصول على موعد مع طبيبهم العام بشكل قياسي، في حين تراجعت مستويات الرضا عن الخدمات الصحية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق.
وكشفت البيانات الجديدة أن ما يقرب من ثمانية ملايين شخص في إنجلترا انتظروا أكثر من شهر للحصول على موعد مع طبيب عام خلال خريف 2025، وهو رقم يزيد بنحو 300 ألف عن نفس الفترة من العام الماضي، مما زاد الضغوط على الحكومة وأكد تدهور قدرة هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) على تلبية احتياجات المواطنين، وفقًا لتقرير صحيفة دايلي ميل البريطانية.
وتكشف البيانات أن عدد المرضى الذين واجهوا تأخيرًا لأكثر من أربعة أسابيع وصل إلى 7.6 مليون مريض بين سبتمبر ونوفمبر 2025، بزيادة 312،112 مريضًا مقارنة بنفس الأشهر في 2024، أي ما يعادل 4.2٪ ارتفاعًا في عام واحد فقط.
وتعكس هذه الأرقام أن حوالي واحد من كل ثلاثة عشر موعدًا (7.5٪) استغرق أكثر من أربعة أسابيع للوصول إليه، بينما حدث واحد من كل خمسة مواعيد (20.9٪) بعد أسبوعين على الأقل من الحجز.
وفي نوفمبر وحده، انتظر 1،770،148 مريضًا أكثر من شهر للحصول على موعد، أي بزيادة 246،625 مريضا مقارنة بعام 2024، في أكبر ارتفاع مسجل منذ تولي حزب العمال السلطة.
ولا تقتصر الأزمة على المواعيد مع الأطباء العامين، بل امتدت إلى أقسام الطوارئ في المستشفيات البريطانية، حيث سجلت أكتوبر 2025 أسوأ فترة انتظار منذ بدء تسجيل البيانات.
وشهدت أقسام الطوارئ أعدادا قياسية من حالات الاستقبال اليومية، تجاوزت 75 ألف مريض في اليوم الواحد، مع قدرة المستشفيات على استيعاب المرضى خلال أربع ساعات فقط لسبعة من كل عشرة حالات، وهو ما يقل عن الهدف الرسمي.
وأوضح تقرير مستقل أن نقص أطباء الأسنان أدى إلى اضطرار بعض المرضى إلى خلع أسنانهم بأنفسهم أو السفر لمسافات تزيد عن 100 ميل للحصول على رعاية، بينما اضطر آخرون للاتصال بخدمة NHS 111 طلبًا للمساعدة.
وفي القطاع الإكلينيكي المتقدم، اضطر عدد متزايد من مرضى السرطان إلى اللجوء للعلاج الخاص أو إنفاق مدخراتهم على العلاج الكيميائي، بينما فشلت هيئة الرعاية الصحية في تحقيق أهدافها الأساسية لعلاج السرطان، مع حصول ثلثي المرضى فقط على التشخيص والعلاج الأول خلال 62 يومًا من الإحالة العاجلة. وأكدت بيانات شبكة المعلومات الصحية الخاصة أن عدد المواعيد العلاجية الخاصة بالسرطان زاد بنسبة 1.7٪ بين أبريل ويونيو 2025 مقارنة بنفس الفترة من 2024.
ويشير الخبراء إلى أن الأزمة تنجم عن تزايد الطلب على خدمات الرعاية الأولية ونقص الكوادر الطبية المؤهلة، مع ضغوط متنامية على المستشفيات، وعدم قدرة توزيع الموارد بشكل فعال. كما أوضحوا أن أي فشل في تحسين الوصول إلى المواعيد يفاقم المخاطر الصحية للمرضى، خصوصًا كبار السن والمرضى المزمنين، ما يرفع معدلات الاستعانة بخدمات الطوارئ.
وقد حاولت الحكومة التخفيف من الأزمة عبر استثمار إضافي بقيمة 1.1 مليار جنيه إسترليني في الرعاية الأولية وتوظيف 2،500 طبيب عام جديد، وتقليص عدد الأهداف الإدارية للأطباء لتكريس المزيد من الوقت لرعاية المرضى.
ونتج عن هذه الإجراءات تقديم 6.5 مليون موعد إضافي في آخر 12 شهرا، ما رفع إجمالي المواعيد من 378.2 مليون إلى 384.7 مليون موعد، مع توقع تسجيل 2025 كعام قياسي في هذا المجال، وفق بيانات وزارة الصحة البريطانية.
وتواجه الحكومة تحديا مزدوجا، إذ يجب عليها موازنة تلبية الطلب المتزايد على الرعاية الصحية مع محدودية الموارد والقدرة المالية للنظام، بينما يواصل المجتمع المدني والجمعيات الصحية الضغط لفرض إصلاحات عاجلة، بما في ذلك حق قانوني للوصول إلى الطبيب في الوقت المناسب، وهو مطلب طالما دعت إليه منظمات الدفاع عن حقوق المرضى.
وتشير جميع المؤشرات إلى أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة، حيث يواجه النظام الصحي البريطاني خطر تفاقم قوائم الانتظار، وزيادة الضغط على الأقسام الطارئة، مع استمرار ارتفاع أعداد المرضى الذين يحتاجون إلى الرعاية الأساسية والمتخصصة.
ويؤكد المحللون أن أي تحسن مستقبلي يتطلب استراتيجيات إصلاحية شاملة، تشمل زيادة التمويل، وتحسين توزيع الموارد، وتوظيف مزيد من الكوادر الطبية، لتخفيف الضغط عن المرضى وضمان تقديم رعاية صحية آمنة وفعالة.





