نقاش محتدم حول "الضفة الغربية" في كواليس اجتماع ترامب ونتنياهو
كشف الاجتماع الذي ضم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أه-لاجو بفلوريدا عن خلافات جوهرية حول سياسات إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة.
وناقش الطرفان التصعيد الأخير في أعمال العنف في الضفة الغربية، وحذّر ترامب نتنياهو من أن استمرار العنف الاستيطاني يعرقل جهود السلام في غزة ويضعف فرص توسيع اتفاقيات إبراهام مع الدول العربية، وفقا لشبكة سي إن إن الإخبارية.
واستضاف ترامب نتنياهو، أمس الإثنين، ووصف اللقاء بأنه "مثمر". وبحث الطرفان مستقبل الضفة الغربية وسياسات المستوطنات، وناقشا المخاطر الإقليمية، خصوصًا التهديدات المتزايدة من إيران وحزب الله. وضغط ترامب وكبار مستشاريه على نتنياهو لتغيير سياسات الاحتلال تجاه الضفة الغربية، وأوضحوا أن استمرار العنف الاستيطاني يضر بعلاقات إسرائيل مع أوروبا ويعرقل جهود إدارة ترامب لتوسيع اتفاقيات إبراهام.
وأقر ترامب علنا بأن هناك خلافات بينه وبين نتنياهو، وقال: "لن أقول إننا نتوافق بشأن الضفة الغربية بنسبة 100٪، لكننا سنتوصل إلى نتيجة".
وأضاف أن نتنياهو "سيفعل الشيء الصحيح. أعرف ذلك، أعرفه جيدا، سيفعل الشيء الصحيح". هذه التصريحات أظهرت إدراك الولايات المتحدة لأهمية تهدئة الوضع في الضفة الغربية، وأكدت أن ملف المستوطنات يشكل نقطة توتر أساسية بين الحليفين.
وسجلت الأشهر الأخيرة تصاعدا في هجمات المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين، وأثارت هذه الهجمات انتقادات أوروبية وأممية. وأعربت واشنطن عن قلقها العميق تجاه هذه السياسات، وأكد المسؤولون الأمريكيون أن السيطرة على الوضع في الضفة الغربية شرط أساسي لاستعادة ثقة أوروبا وتشجيعها على دعم العملية السياسية.
وركز نتنياهو على التهديدات الإقليمية، وحذر من أن إيران وحزب الله يعيدان بناء قدراتهما العسكرية، خصوصا تطوير الصواريخ بعيدة المدى.
وأشار ترامب خلال المؤتمر الصحفي إلى أن واشنطن لا تستبعد شن ضربات عسكرية ضد إيران إذا واصلت تطوير برامجها الصاروخية. وشدد الطرفان على أن التوازن بين الضغوط الأمريكية لتقليل العنف في الضفة وحماية الأمن الإسرائيلي يبقى مسألة حاسمة.
وناقش الاجتماع أيضا المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وركز الطرفان على تثبيت وقف إطلاق النار وإطلاق مشاريع إعادة الإعمار. تناولوا إمكانية استئناف محادثات أمنية مع الحكومة السورية، بهدف إعادة ترتيب الموازين الإقليمية. أبدت واشنطن اهتمامها بقدرة إسرائيل على تهدئة الضفة الغربية، إذ رأت أن استمرار التوتر هناك يقلل من مصداقية أي مبادرات سلام أوسع ويضعف فرص نجاح جهود إعادة إعمار غزة.
وأثار المسؤولون الأمريكيون خلف الكواليس ملف الوضع المالي المتدهور للسلطة الفلسطينية. وحذرت الإدارة الأمريكية من أن انهيار السلطة قد يفتح المجال أمام تصاعد نفوذ حماس أو جماعات متشددة أخرى. وربطت واشنطن الاستقرار المالي الفلسطيني بالأمن الميداني، وأكدت أن أي انهيار اقتصادي يفاقم الأزمة الأمنية ويزيد من الضغوط على إسرائيل لإيجاد حلول عاجلة، وفقا لموقع أكسيوس.
وأوضح الاجتماع أن ملف المستوطنات يظل حساسا بالنسبة لنتنياهو، نظرا لتأثير جماعات الضغط الاستيطانية على حكومته وحزبه. تجنب نتنياهو أي تنازل قد يفسر داخليا كضعف سياسي، بينما أعرب ترامب عن ثقته بأن نتنياهو سيتصرف بما يحقق التوازن.
وعكس الاجتماع تحولا واضحا في الموقف الأمريكي تجاه الضفة الغربية، إذ بدأ ترامب يضغط علنا على إسرائيل لتغيير السياسات، بعد سنوات من الموقف الغامض من قبل واشنطن حول عنف المستوطنين غير الشرعيين. وأظهر النقاش أن الملفات الإقليمية مترابطة، وأن أي تصعيد في الضفة قد يهدد جهود التهدئة في غزة ويضعف التحالفات الإقليمية، وفقا لصحيفة آسيا وان.
ويواجه نتنياهو تحديا داخليا يتمثل في الموازنة بين إرضاء حلفائه في المستوطنات والاستجابة للضغوط الأمريكية، بينما سعى ترامب لإظهار نفسه كوسيط قوي قادر على إدارة الملفات الحساسة. وبدا الاجتماع بمثابة محطة حاسمة تكشف عن تصدعات في العلاقة الأمريكية–الإسرائيلية حول واحدة من أعقد القضايا في الشرق الأوسط، وهي الضفة الغربية ومستقبل السلام الفلسطيني–الإسرائيلي.
وبقي الملف الفلسطيني في قلب النقاش، إذ شدد ترامب على أن الاستقرار في الضفة الغربية يشكل مفتاحًا لإنجاح أي اتفاقات مستقبلية في غزة، ويمثل معيارًا أساسيًا لقياس مصداقية إسرائيل أمام المجتمع الدولي. بينما يحاول ترامب الضغط على إسرائيل لتقليل العنف، يواجه نتنياهو معضلة سياسية داخلية بين الحفاظ على دعم المستوطنين والالتزام بالمعايير الدولية لحماية المدنيين من العنف، ما يجعل المرحلة المقبلة دقيقة وحاسمة في تحديد مسار السياسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.