الإثنين 29 أبريل 2024 الموافق 20 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

رغم الحرب.. مخاوف البطالة والتشرد تجبر لاجئين على العودة للسودان

الرئيس نيوز

بعد مرور عشرة أشهر على اندلاع الحرب في السودان مما أدى إلى فرار مئات الآلاف، يواجه العديد من أولئك الذين لجأوا إلى البلدان المجاورة خيارات قاتمة بين التشرد والعودة إلى ديارهم على مسؤوليتهم الخاصة، إذا أخفقوا في بدء حياة جديدة في المهجر.

وذكر موقع فرانس 24 إن العشرات من السيدات السودانيات المتجمعات في مأوى جماعي، يقولن إنه منذ خروجهن مع عائلاتهن من السودان كانت عائلاتهن، المحشورة في شقق خانقة، تنام على الأرضيات العارية.

العديد من مئات الآلاف من الأشخاص الذين فروا من الحرب الدموية في السودان وطلبوا اللجوء في الدول المجاورة بعد عشرة أشهر يجدون أنفسهم مجبرين على الاختيار بين أن يصبحوا بلا مأوى أو المخاطرة بحياتهم من خلال العودة.

وارتفعت الإيجارات في الدول التي لجأ إليها السودانيون مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في دول الجوار، رغم أن جماعات حقوقية وسودانيين قالوا لوكالة فرانس برس إن أصحاب العقارات يرحبون بالسكان السودانيين على وجه التحديد، ولكن الإخفاق في العثور على عمل أو عدم تدبير القيمة الإيجارية لن يكون له سوى معنى واحد وهو الطرد من المسكن، ومع احتدام الحرب، لم يعد أمام اللاجئين الآن أي خيار سوى تدبير حياتهم في البلدان المجاورة أو العودة إلى السودان ومواجهة الحرب والموت.

وأجرت مراسلة فرانس برس مقابلة مع الأم السودانية الشابة، رحاب، التي جاءت إلى مصر منذ سبعة أشهر، وهي تكافح من أجل بناء حياة لأطفالها وقالت الشابة البالغة 28 عاما لوكالة فرانس برس "لدي ابنة ولدت هنا ولا أستطيع العمل لإعالتها".

وقالت عشرات النساء، مثل رحاب، المتجمعات في مأوى جماعي تابع لجهة خيرية بشرق القاهرة، إن عائلاتهن - المتكدسة في شقق مكتظة - تنام على أرضيات عارية منذ وصولهن.

وقال إبرام كير، 28 عامًا، وهو مدرس من السودان، موجود في مصر منذ خمس سنوات ويساعد اللاجئين من خلال الجهات الخيرية: "جاء غالبية اللاجئين إلى مصر معتقدين أن الحياة ستكون أفضل هنا".

وأضاف لوكالة فرانس برس "لكن بعد ذلك صدمتهم الحقيقة... ليس لديهم أي أموال، ولا يمكنهم الحصول على شقة، والجو بارد ولا يمكنهم شراء ملابس شتوية، ولذلك يعود بعضهم للسودان".

ومنذ بدء القتال في أبريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، عبر أكثر من 450 ألف شخص الحدود إلى مصر، وفقًا للأرقام الرسمية وقال كثيرون لوكالة فرانس برس إن أولويتهم هي العثور على مكان آمن لوضع رؤوسهم فيه، حتى ولو على أرضية باردة من البلاط.

ولكن مع مرور الأشهر، أصبح من المستحيل تقريبًا العثور على فرص العمل والسكن المناسب والمساعدة، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية المستمرة في مصر منذ عامين.

وألحق ارتفاع التضخم - الذي سجل رقما قياسيا بلغ 39.7 بالمئة العام الماضي - أضرارا بسبل العيش مع بدء وصول السودانيين الذين أنهكتهم الحرب.

وحضر العديد منهم بالملابس التي يرتدونها فقط وانتهى بهم الأمر بالبقاء في شقق صغيرة مع عائلتين أو ثلاث عائلات معًا، وكثير منهم مع معيل واحد فقط يكسب أقل من الحد الأدنى للأجور.

وحاول دان مهيك أكوم، البالغ من العمر 34 عامًا والذي يعمل في تنظيف المنازل بدوام جزئي، إقناع صديق له بأن الأمور ستتحسن، ولكن بعد أشهر من رؤية عائلته "غير قادرة حتى على الوصول إلى مطبخ الشقة الصغيرة لإعداد طعامها" بسبب الاكتظاظ، "قرر العودة إلى السودان"، بحسب ما قال لوكالة فرانس برس.

وقالت معلمة سودانية، تدعى رندة حسين، إن ابنة عمها غادرت القاهرة في أكتوبر عائدة إلى منزلها في ضواحي الخرطوم التي مزقتها الحرب وأضافت أنها قالت إنها "تفضل الموت هناك في السودان على البقاء في المهجر دون ملامح واضحة لأي مستقبل" ولم تسمع عائلتها عنها منذ ذلك الحين.

وتستضيف رندة حسين الآن لاجئة أخرى، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 20 عامًا وكانت تقيم مع جدتها، إلى أن هدد المالك المرأة المسنة بالإخلاء إذا لم يغادر الوافدون الجدد.

ونشر الموقع الإخباري الفرنسي صورة لمتطوع مصري يسلم وجبات مجانية لعائلة من اللاجئين السودانيين تم استضافتها قرية وادي كركر، بالقرب من أسوان في 14 مايو 2023، ولكن بعد مرور أشهر يقول عدد كبير من السودانيين إنهم غير قادرين على العثور على عمل أو شقة، ويصر البعض على العودة إلى السودان، ومن بينهم أمهات، وبعض الأمهات "لديها طفل عمره عام واحد ولا تستطيع إطعامه وهي لا تعرف ماذا تفعل."

لكن الوضع في السودان ليس أفضل: فقد تعرض الحي الذي كانوا يعيشون فيه في الخرطوم للقصف لدرجة أنه لم يمكن التعرف عليه، واجتاح المقاتلون المنازل التي لا تزال قائمة وقالت الخبيرة الاقتصادية السياسية السودانية رجاء مكاوي: "الناس مجبرون على الاختيار بين التشرد وعدم الأمان".

وأضافت في تصريحات لوكالة فرانس برس: "لأنهم غير قادرين على تحمل الظروف المزرية، اختاروا العودة، مفضلين التفاوض على أمنهم مع الجهات المسلحة بأي طريقة ممكنة" وقد أصبح خطر التشرد قاب قوسين أو أدنى، بحسب العديد من السودانيين الذين أجرت وكالة فرانس برس مقابلات معهم.

وتم طرد حواء تالفون، زوجة أحد الواعظين، بعد إشعارها بأسبوعين فقط بسبب استضافتها لعدد كبير جدًا من أفراد الأسرة النازحين وكانت تعيش في منزل صغير في دولة مجاورة على مدار خمس سنوات، قبل أن تنضم إليها عائلة شقيقها التي فرت من الحرب، ولكن اعترض صاحب المنزل على ضيوفها.

واستمعت وكالة فرانس برس إلى عشرات العائلات السودانية التي واجهت المصير نفسه، حيث ذكر أصحاب العقارات أسبابًا مثل "الاستهلاك الزائد" للعقارات ومرافقها.