الإثنين 29 أبريل 2024 الموافق 20 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

عاجل.. ماذا يعني وصول إثيوبيا للبحر الأحمر بقاعدة عسكرية عبر "الصومال لاند"؟

الرئيس نيوز

فيما تبدو خطوة قد تضفي على منطقة القرن الأفريقي مزيدا من الاضطرابات إلى جانب التي تشهدها في منطقة باب المندب، حيث جماعة الحوثي التي تستهدف السفن الإسرائيلية المارة من هناك، قالت إثيوبيا إنها حصلت على امتياز مدته 50 عاما تحصل بموجبه على منفذ على البحر الأحمر، تحوله لقاعدة عسكرية وميناء تجاري. 
ما تسمى جمهورية "الصومال لاند" الانفصالية، غير المعترف بها دوليا هي التي سهلت لإثيوبيا الأمر، إذ وقع آبي أحمد اتفاقا مبدئيا مع أرض الصومال، لاستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر. مما يعني أن الأوضاع بين إثيوبيا من جهة وجمهورية الصومال وجيبوتي وإريتربا، من جهة أخرى مؤهلة للتوتر وربما للصدام إذا تصاعدت الأمور. 
ووفق وكالات أنباء، ستكون إثيوبيا أول دولة تعترف بأرض الصومال  كدولة مستقلة، في المقابل استئجار إثيوبيا منفذا على البحر الأحمر من أرض الصومال من أجل استخدامه كقاعدة عسكرية أو لأغراض تجارية لمدة 50 عاما.
أما مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، قال إن رئيس الوزراء آبي آحمد وقع مع رئيس أرض الصومال موسى بيهي عبدي في العاصمة الإثيوبية اتفاقا ستكون إثيوبيا بموجبه أول دولة تعترف بأرض الصومال كدولة مستقلة في الوقت المناسب.
فيما قال رضوان حسين، مستشار الأمن القومي لأبي أحمد، إن الاتفاق المبدئي يمهد الطريق لإثيوبيا للتجارة البحرية في المنطقة بمنحها إمكانية الوصول إلى قاعدة عسكرية مستأجرة على البحر الأحمر.
ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن رضوان حسين قوله إنه سيتم اختتام المفاوضات المفصلة للتوصل إلى اتفاق رسمي خلال شهر، موضحًا آن الاتفاق سيمكن إثيوبيا من استئجار منفذ إلى البحر الأحمر من أرض  الصومال من أجل استخدامه كقاعدة عسكرية أو لأعراض تجارية لمدة 50 عاما.
أشار حسين إلى أن إثيوبيا ستتمكن من بناء بنية تحتية وممر.
في المقابل فإن أرض الصومال ستحصل أيضا على حصة في الخطوط الجوية الإثيوبية المملوكة للدولة لكنه لم يفصح عن مزيد من التفاصيل ولم يؤكد أو ينفي شرط الاعتراف بأرض الصومال.
ولم تنل أرض الصومال اعترافا دوليا على نطاق واسع رغم إعلانها الحكم الذاتي عن الصومال في عام 1991. وتقول الصومال إن أرض الصومال جزء من أراضيها.
كانت وكالة الأنباء الوطنية الصومالية (صونا) قالت الأسبوع الماضي إنه بعد جهود وساطة قادتها جيبوتي، اتفقت الصومال وأرض الصومال على استئناف محادثات تستهدف حسم نزاعاتهما.


تصريحات عدائية


ووفق "دويتش فيله" فإن آبي أحمد قال خلال أكتوبر الماضي في محاضرة بثها التليفزيون؛ إن الوصول إلى البحر الأحمر هدف استراتيجي. 
وحذر من أن الفشل في تأمين هذا يمكن أن يؤدي إلى صراع، قبل أن يخفف من تصريحاته. وقد قوبلت تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي بانتقادات من جانب اريتريا والصومال وجيبوتي، ووصفت الدول الثلاث سيادتها ووحدة أراضيها بأنها مقدسة وغير مطروحة للنقاش.

أهمية البحر الأحمر لإثيوبيا

ووفق الباحث المشارك في مركز الأهرام للدراسات، أحمد عسكر فإن لدى إثيوبيا مصلحة استراتيجية في الوصول إلى جميع الموانئ البحرية في منطقة القرن الأفريقي في إطار استراتيجية رئيسية يرتكز عليها آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، في مشروعه الإقليمي الذي يقوم على ضمان التقدم الاقتصادي لإثيوبيا والتغلب على كونها دولة حبيسة، مما يعزز المساعي الإثيوبية لامتلاك حصص في الموانئ البحرية بالمنطقة.
ووفق عسكر الذي كتب ورقة بحثية في مركز الأهرام للدراسات تحمل عنوان "لماذا تسعى إثيوبيا لامتلاك منفذ بحري؟". فقد شرعت إثيوبيا عقب تولي آبي أحمد السلطة في أبريل 2018 في تبني دبلوماسية الموانئ، كجزء من المشروع الإثيوبي الإقليمي الطامح لتوحيد القرن الأفريقي ككتلة اقتصادية يلعب سلاح البحرية دورًا بارزًا ويكون جزءًا رئيسيًّا منه، بهدف التغلب على المعضلة الجغرافية التي لازمت إثيوبيا منذ تسعينيات القرن الماضي، وذلك عقب استقلال إريتريا في عام 1993، الذي شكل نقطة تحول استراتيجي في السياسة الإثيوبية التي انخرطت في البحث عن بدائل متنوعة من الموانئ البحرية في دول الجوار الإقليمي، للاعتماد عليها في النفاذ إلى البحر الأحمر أو المحيط الهندي من أجل ضمان استمرار عبور التجارة من وإلى أديس أبابا.
وقد دفع ذلك آبي أحمد إلى المسارعة لتوقيع سلسلة من الاتفاقات مع بعض دول الجوار الجغرافي مثل جيبوتي والصومال وكينيا والسودان إلى جانب أرض الصومال بشأن استخدام الموانئ البحرية، والحصول على حصص فيها لتسهيل التجارة الإثيوبية مع العالم الخارجي، وهو ما تزامن مع عودة العلاقات الاستراتيجية مع إريتريا عقب توقيع اتفاق السلام بينهما في عام 2018. 
عزز تلك المساعي الإثيوبية أيضًا إعلان آبي أحمد في عام 2019 نية بلاده إعادة تأسيس القوة البحرية الإثيوبية بمساعدة فرنسية حتى تكون إثيوبيا جاهزة لقيادة المنطقة في إطار مبادرة التكامل الإقليمي.
يقول عسكر: "تزايدت المخاوف الإثيوبية خلال السنوات الثلاثة الأخيرة بشأن إخفاقها في تأمين أكثر من بديل للتواصل مع العالم الخارجي عبر طرق الملاحة البحرية، خاصة مع التهديدات التي أطلقها مقاتلو قوات دفاع تيجراي خلال الحرب الإثيوبية الأخيرة بقطع الطريق الرئيسي الواقع في إقليم عفر والواصل بين العاصمة أديس أبابا وميناء جيبوتي؛ مما أثار انتباه الإدارة الإثيوبية لضرورة استمرار المساعي من أجل تأمين بدائل استراتيجية لميناء جيبوتي الذي تعتمد عليه أديس أبابا في عبور أكثر من 95% من التجارة.

مصالح إثيوبية

ولإثيوبيا مصالح استراتيجية في الوصول للبحر الأحمر.

يقول عسكر: "هناك مصالح استراتيجية: فيمثل امتلاك منفذ بحري دائم لإثيوبيا في البحر الأحمر هدفًا رئيسيًّا للإدارات الإثيوبية المتعاقبة منذ تحول إثيوبيا لدولة حبيسة، وهو الذي يضمن لها -حال نجاحها- وجود دائم في البحر الأحمر؛ يترتب عليه استمرار تجارتها مع العالم الخارجي، وقد يؤسس لها الحق في لعب دور في معادلة أمن البحر الأحمر وصولًا إلى امتلاك قاعدة بحرية إثيوبية -بدعم غربي- بالقرب من مضيق باب المندب بحجة تعزيز التجارة الإثيوبية مع العالم الخارجي، وحماية مرور التجارة الدولية والملاحة البحرية في البحر الأحمر، خاصة أن أديس أبابا لديها شعور بالسخط بعد تجاهل مجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن الذي تأسس في يناير 2020 لها، وهو ما عبر عنه آبي أحمد في فبراير 2022 بأن أمن البحر الأحمر لا يتحقق دون مشاركة إثيوبيا التي ستحافظ على مصالحها الاستراتيجية في المناطق البعيدة خلال السنوات الخمسة عشر القادمة.

3- المصالح الاقتصادية: تدرك إثيوبيا أن السعي نحو تقوية اقتصادها يعزز نفوذها الإقليمي في القرن الأفريقي، كونه يجعلها قادرة على ربط اقتصادات دول المنطقة بالاقتصاد الإثيوبي باعتباره الاقتصاد المهيمن هناك. كما يجعلها مقصدًا للاستثمارات الأجنبية، وبوابة مهمة للقوى الكبرى إلى دول المنطقة والعمق الأفريقي.

لذلك، تقود إثيوبيا مبادرة التكامل الإقليمي في القرن الأفريقي وما تتضمنه من مشروعات إقليمية عدة، من أجل تحقيق هدفين أساسيين هما؛ تعزيز ربط البنية التحتية بين إثيوبيا ودول المنطقة كما هو الحال في مشروع لابسيت LAPSSET الذي يربط بين دول كينيا -ميناء لامو- وإثيوبيا وجنوب السودان. بالإضافة إلى إمكانية توافر عدة بدائل استراتيجية فيما يتعلق بالموانئ البحرية، مما قد يسهم في تعزيز النفوذ الإثيوبي في القرن الأفريقي.

4- المصالح الأمنية: لدى إثيوبيا مصلحة حيوية في تعزيز الاستقرار الأمني الإقليمي في منطقة القرن الأفريقي التي توصف بأنها إحدى البؤر المضطربة على مستوى العالم بسبب التوترات والصراعات السياسية والأمنية، في ضوء تصاعد نشاط الإرهاب هناك لا سيما حركة الشباب المجاهدين في الصومال وامتداداتها الإقليمية، وذلك في ضوء حرص إثيوبيا على تعزيز سلامة أمنها الداخلي، وتأمين حدودها من التهديدات الأمنية خاصة في ظل التأثيرات الجيوسياسية في القرن الأفريقي". 
وقد تواجه الخطوة الإثيوبية بمزيد من المعارضة خاصة من جيبوتي والصومال وإريتريا، ومن الممكن أن تقود تلك الدول تحالف فيما بينها لإجهاض تلك الخطوة، خاصة أنها تعد تهديد مباشر لها، في ظل الطموح الإثيوبي المتزايد. 
كما تعد الأزمة الاقتصادية في إثيوبيا عامل ضاغط لتمرير خطة آبي أحمد، إلا إذا تحالف مع إحدى الدول الكبرى مثل فرنسا لتنفيذ المخطط في مقابل صلاحيات في تلك المنطقة الإستراتيجية.