الجمعة 03 مايو 2024 الموافق 24 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

اشتباكات السودان.. هل يتحول الصراع إلى أسوأ أزمة تشهدها المنطقة؟

استمرار الاشتباكات
استمرار الاشتباكات المسلحة في السودان

تشهد الساحة السودانية صراعًا عسكريًا من النوع الذي يعتمد بشكل كبير على مواقف الجهات الخارجية، التي يمكن أن تؤدي مشاركتها إلى تفاقم الوضع أو تخفيفه.

ووسط الاضطرابات السياسية والجنون الإعلامي الذي أحاط بانتهاء وقف إطلاق النار وإجلاء الرعايا الأجانب، أصدر رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك تحذيرًا من أن الصراع قد يتصاعد إلى مستويات أكثر خطورة من تلك التي شهدتها سوريا وليبيا.

وأثار هذا التصريح تكهنات حول ما يقصده حمدوك وإمكانية حدوث مثل هذا السيناريو وسرعان ما ردد وزير التنمية الدولية البريطاني، أندرو ميتشل، هذه المخاوف، قائلًا إن الوضع يمكن أن يتحول إلى خطر للغاية ما لم يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

من المحتمل جدًا أن ينبع تحذير رئيس الوزراء السوداني السابق من رؤيته التي تعتبر على درجة كبيرة من الإلمام بخبايا السياسة الداخلية والتفاعلات السرية بين أصحاب المصلحة المحليين والأجانب التي تظل مخفية عن المراقبين الخارجيين.

ووفقًا لصحيفة “جيروزاليم بوست”، من الممكن أن تكون دوافعه واضحة للجميع، لا سيما خشيته من تأثير العوامل المشابهة التي أدت إلى الأزمة الحادة التي أدت إلى استمرار الصراع في سوريا وليبيا ومن أهم هذه المصالح الخارجية المتضاربة التي تتنافس على السلطة في السودان، والتي تعتبر أكثر أهمية من تلك الموجودة في سوريا وتقريبًا بنفس الدرجة من الجدل كما هو الحال في ليبيا.

وعلى عكس سوريا، التي شهدت موقفًا إقليميًا ودوليًا موحدًا، تواجه كل من ليبيا والسودان وضعا مجزئا للغاية، مع تقسيم الدعم الإقليمي والدولي بين الفصائل المختلفة.

ومن المرجح أن يستمر هذا المأزق حتى تتمكن الأطراف الداخلية والخارجية من التوصل إلى توافق في الآراء بشأن وجهات نظرهم ومصالحهم وقد يظل تحقيق هذه النتيجة بعيد المنال حتى يضمن أحد الأطراف المرونة للتفاوض على موقفه.

الجانب الثاني الحاسم للأزمة السودانية هو استعداد الفصائل المتصارعة للانخراط في مواجهة عسكرية طويلة الأمد وواسعة النطاق على عكس الأزمتين الليبية والسورية، حيث كان جانب واحد (هو الجيش) جاهزًا بالفعل للقتال، بينما حصل الجانب الآخر (الميليشيا) تدريجيًا على معدات عسكرية بمرور الوقت، يبدو وضع السودان مختلفًا، فمن ناحية، يوجد جيش وطني، بينما من ناحية أخرى، هناك وحدات شبه عسكرية مشتتة ذات هيكل قيادة هرمي وقدرات قتالية مناسبة، وإن كانت محدودة (بالأسلحة الخفيفة بشكل أساسي) لهذا النوع من الصراع وغالبًا ما تسمى هذه الأنواع من النزاعات بالحروب الأهلية، حيث تشير التجارب السابقة إلى أن الميليشيات المسلحة تسليحًا خفيفًا تتمتع بميزة على الجيوش النظامية غير المستعدة.

بالإضافة إلى ذلك، تمتلك قوات الدعم السريع خبرة ومعرفة متخصصة، سواء في دارفور أو في الأزمات الداخلية الأخرى، وتجاهلها للبروتوكولات والإجراءات المعمول بها التي تحكم الجيوش النظامية تمكنها من زرع الفوضى والاضطراب.

والعامل الثالث الذي أدى إلى تفاقم المخاوف بشأن الأزمة السودانية هو موقف المجتمع الدولي والقوى الإقليمية والعالمية، هذه الأطراف تعالج الأزمة بشكل رسمي، مما يعكس النهج المتبع في ليبيا.

يمتلك البرهان وحميدتي، شبكة اتصالات خارجية تمكنهما من التواصل ونقل وجهات نظرهما إلى العالم الخارجي، إنهم متورطون في معركة إعلامية شرسة تتبعها جميع وكالات الأنباء الدولية الكبرى ولا يُنظر إلى أي منهما رسميًا على أنه حزب مارق أو متمرد بل حزبان يتنافسان على السلطة في بلادهم.

في الواقع، لا يزال حميدتي يشغل منصبه كنائب لرئيس مجلس السيادة، وحتى كتابة هذه السطور، لم يتخذ اللواء عبد الفتاح البرهان أي قرار بإقالة نائبه، الذي يقود القوات التي يعتبرها الجيش السوداني متمردة ويشمل هذا العنصر أيضًا الاتصالات الخارجية الرسمية التي تحدث مع كلا الجنرالات والتي يتم الإعلان عنها علنًا ويرجع ذلك أساسًا إلى أن حميدتي عضو في الإطار السياسي الداخلي والخارجي المعترف به في السودان، وبالتالي تبدو هذه الاتصالات روتينية، نظرًا للظروف السائدة في البلاد قبل اندلاع القتال مؤخرًا.