الأربعاء 08 مايو 2024 الموافق 29 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

أسامة الشيخ: ماسبيرو "مكنش بيكسب ولا عمره هيكسب".. والتلفزيون يجب أن يدير أصوله بنفسه (1-2)

الرئيس نيوز

توجيه ميزانية ماسبيرو كاملة للأجور خطأ فادح

وضعت مشروع لحل مديونية ماسبيرو في عهد "محلب" لكن لم يكتمل

اختصاصات وزير الإعلام هي أقصى ما يمكن تقديمه له حتى لا يتعارض مع الدستور

الإعلام يجب أن يعمل لدى المواطنين

ماسبيرو "مكنش بيكسب ولا عمره هيكسب"

خطط تطوير ماسبيرو فشلت بسبب الاستعانة بغير المتخصصين

نظام الأقدمية فاشل والعمل التليفزيوني يقوم على الإبداع

 أسعار "واتش إت" مبالغ فيها ومنحه تراث التليفزيون خطأ

سوء اختيار الأعضاء أحد عومل فشل الهيئات الإعلامية

 

المهندس أسامة الشيخ، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق، يعد أحد أبرز رموز وخبراء ومتخصصي الإعلام خلال حقبة تاريخية تزيد عن 20 عاما، وذلك بسبب كثرة تجاربه الإعلامية سواء في مصر أو خارجها، وهو أحد أهم العاملين في مجال الإعلام بمصر، عمل الشيخ بالعديد من الشبكات التليفزيونية العربية وأسس الكثير منها، ويعد من أبرز هذه التجارب خارج مصر قنوات "art" و"روتانا" و"الراي".

وداخل مصر تولى الشيخ قبل وبعد ثورة يناير الكثير من الشبكات التليفزيونية المهمة، أبرزها "دريم" و"النهار" و"العاصمة"، وكان له تجربة قصيرة لم تتجاوز شهرين مع إعلام المصريين، وفي لقائه مع "الرئيس نيوز" لم يتردد الشيخ في أن يتناول بصراحة كثير من القضايا الإعلامية المطروحة على الساحة .

انتقد المهندس منصة "واتش إت" وصف رسوم الاشتراك بها بأنها مبالغ فيها.

وقال الشيخ  إن تراث ماسبيرو كنز من الإبداع لم يستغل حتى الآن، وإن تركه لصالح "واتش إت" خطأ، وكان الأولى أن يدير ماسبيرو مكتبته، كما هاجم نظام الأجور في ماسبيرو وانتقد ما وصفه بالعدالة العمياء التي ساوت في الأجور بين المبدع والعمال والإداريين، ما دفع المبدعين للهجرة لقنوات أخرى خارج ماسبيرو.

بداية، ما تقييمك لدور الهيئات الإعلامية الثلاث ومصيرها في ظل عودة وزارة الدولة للإعلام؟

فى الحقيقة نظام الهيئات والمجلس هو السياق الطبيعي في العالم كله، وأرى أن التجربة المكتوبة في الدستور لا غبار عليها، ولكن فشل تنفيذها على أرض الواقع لأسباب عدة، أولها سوء اختيار الأعضاء، إضافة إلى أن اللوائح التنفيذية لم تكن واضحة ولم يكن هناك آلية للتنسيق بين الهيئات، وأصبحوا يزايدون على بعضهم البعض بكلمة (هيئة مستقلة) فى حين أنهم فهموا الاستقلالية بشكل خاطئ، ومع عودة الوزارة كان من الممكن إلغاء المجلس الأعلى والهيئات ولكن بحكم الدستور تم الإبقاء عليها حتى لا يتم المساس بالدستور.

وماذا عن دور الوزير الجديد واختصاصاته؟

لو تم تنفيذ ما بالدستور بطريقة صحيحة لما كنا احتجنا لوزير، ولكن لأن ما جرى عكس ما كان مخطط له فكان يجب عودة الوزير للتنسيق والإدارة، وأعتقد أن أسامة هيكل سيكون له الكلمة العليا فى الاختيارات، وبصفة شخصية أرى أن اختصاصات الوزير هو أقصى ما كان يمكن تقديمه له فى ظل وجود الهيئات ونصوصها فى الدستور.

وماذا عن الأسماء التى يتم تداولها مؤخرا كأعضاء للهيئات فى التشكيل الجديد؟

لا أرغب فى التعليق حتى لا يغضب منى أحد، ولكن سأقول ملاحظة، وهي أن بعض المرشحين يعملون مذيعين والإعلام به تخصصات كثيرة جدا ومهمة يجب أن تكون لهم ممثلين فى عضوية الهيئات والمذيعين لم ولن ينجحوا فى الإدارة.

إذا تحدثنا عن ماسبيرو ما رأيك في دعوات وقف خسائره المستمرة.. وهل كان يحقق مكاسب قبل ثورة يناير؟

طبعا لأ، ماسبيرو مكنش بيكسب ولا عمره هيكسب، فهو هيئة خدمية في الأساس ليس مطلوب منها الربح، في حال تحقيقه لمكاسب فهذا أمر جيد، ولكنه شبه مستحيل، ومن يتحدث عن مكاسب ماسبيرو لا يعرف شيئا عن هذا المبنى، وهنا يجب أن نكشف أمر مهما، وهو أن القضية الأساسية فى ماسبيرو ليست قضية مكسب وخسارة، فهناك أهداف استراتيجية يجب على ماسبيرو أن يحققها للدولة، فهو جهاز خدمة عامة.

معنى ذلك أنك عندما أطلقت قطاع القنوات المتخصصة وراديو النيل لم يكن لتحقيق مكاسب؟

للمرة الثانية ماسبيرو ليس مطالب بتحقيق مكاسب مادية ولكن مطالب بما هو أهم، وهو القدرة على الوصول للجمهور المصرى واكتساب مصداقية المواطنين، وعندما كنت أتولى المسؤولية لم أتجاوز أبدا الميزانية المحددة، ولم أطالب يوما بزيادة الميزانية، وكنا ننافس قنوات كبيرة مثل "الحياة و"دريم" وغيرها وحققنا أهداف الدولة وكانت لدينا أكبر نسبة مشاهدة ومصداقية، وهذا برغم أن ما كان يحصل عليه ماسبيرو فى عهدي أقل بكثير مما يحصل عليه حاليا، ولكن للأسف أنه برغم زيادة الميزانية من 84 مليون إلى 220 مليون، إلا أن كل هذا المبلغ يتم إنفاقه كأجور للعاملين فقط، ولا يوجد ميزانية للإنتاج البرامجي أو شراء المحتوى.

لماذا أصبح البعض يعتبر ماسبيرو عبئا على الدولة فى الوقت الحالي؟

هذا بسبب سوء إدارة للموارد والأموال والممتلكات، وكل الميزانية يتم توجيهها للأجور فقط لمن يعمل ومن لا يعمل، وبنظام العدالة العمياء، والإعلام فى الأصل عمل إبداعي، لا يصح أن يتساوى به بين الإدارى والبرامجي المبدع والبرامجي الفاشل، وبرغم انخفاض أعداد العاملين فى ماسبيرو بعد قرار منع التعيين الذى يصل إلى 7 سنوات وخروج عدد كبير من العاملين على المعاش، إلا أن الهيكل الإداري فى ماسبيرو مقلوب ومن يعملوا فى الخدمات المعاونة والأعمال الإدارية عددهم أضعاف البرامجيين والمتخصصين، وتجد فى النهاية أن الأجور متساوية طبقا للدرجات الوظيفية، وهو ما يشعر المبدع بالإحباط ويفضل عدم العمل ويهرب للعمل فى الخارج، فتجد فى ماسبيرو أجر المبدع مساو لأجر الموظف طالما كانت درجتهم الوظيفية واحدة، وهذا النظام الذى اخترعه أحد المسؤولين بعد الثورة تسبب فى أزمة كبيرة للمبنى، وقبل الثورة كان مخصصا لكل قطاع ميزانية خاص بشراء المحتوى والإنتاج البرامجي، كانت تساعد كثيرا فى التطوير والتجديد والمنافسة، ولكن حاليا كل هذه الأموال تصرف أجور فقط، نضيف إلى ذلك أن زمان كان هناك مرونه فى التصرف بهذه الأموال لصالح العمل.

وما هي أسباب فشل خطط التطوير التي كانت تجرى خلال السنوات الماضية؟

في الحقيقة كانت هناك محاولات تطوير جرت خلال السنوات الماضية ويمكن أن نقول أنهم 3 محاولات فاشلة، ودعنى أقول أن السبب الرئيسي فى الفشل هو سوء الاختيار (الناس كانوا بيروحوا لغير متخصصين)، فالتطوير يبدأ من اختيار نماذج قادرة على الإدارة والإبداع، ولكن للأسف دائما نختار من يهمهم فقط الحفاظ على الكرسي، ومن الأسباب أيضا التي ادت لفشل هذه التجارب نظام اللائحة حيث إن هناك أشخاص يتم وضع أسمائهم على التترات فقط دون عمل من أجل الحصول على السقف، ومع كل مره نسمع عن التطوير لا نجد نتيجة، والتطوير يجب أن يكون شاملا للفواصل والبراند واللوجوهات والإيقاع، ويجب أيضا دراسة طبيعة المشاهدين وعمل بحث دائم مع كل المتغيرات، ولأن هذا كله لم يحدث فإنصرف المشاهدين عن التليفزيون تماما، وأقول لكم بصدق أن الأزمة سوء إدارة الموارد وعدم استخدام القيمة المضافة وكيفية تحقيق دخل بطرق مبتكرة وحديثة.

هل يجب وضع معايير ثابتة للاختيارات؟ وما هي المعايير المقترحة؟

بالطبع يجب وضع معايير مهنية، وستجد أننا عندما تعاقدنا مثلا مع محمود سعد وأعطيناه 9 ملايين جنيه سنويا، كان هناك معايير حاكمة فكان البرنامج الذى يقدمه يحقق 130 مليون جنيه فى حين أن تكلفته الإنتاجية 35 مليون جنيه فقط، ولذلك فمن الطبيعى أن نعطى هذه الأجور بعد أن حقق البرنامج نجاحا وعائد كبير لماسبيرو، وهنا أقصد معيار الربح والإعلانات، ومن المعايير الأخرى دراسة الخريطة البرامجية جيدا ومعرفة قوة المنافسين وخرائطهم البراجية ودراسة السوق ومطالب المشاهدين، مع وضع خريطة برامجية تتلائم مع المشاهد نفسه وتستهدف جمهور معين فى توقيتات بعيمها، وللأسف هذا لا يحدث حاليا، وهناك معيار آخر هو تقديم محتوى وبرامج جيدة حتى لو لم تحقق عائد مادي طالما تحقق نسب مشاهدة وجذب للجمهور، نضيف إلى كل ذلك ما يسمى بنظام الأقدمية الفاشل، فهذا النظام يجب أن يتم إلغائه فورا فالعمل الإبداعي لا يرتبط إطلاقا بنظام الأقدمية، ويجب أيضا التحرر من العمل بنظام الحكومة التقليدي الروتيني، يجب تحرير الأمور بعض الشيئ لمن يدير، وأختم هذه المعايير بأهمها على الإطلاق، وهو أن الإعلام خاصة فى ماسبيرو يعمل لدى المشاهد وولاؤه يجب أن يكون للشعب والمواطنين أولا ويقدم لهم ما يرغبوا فى مشاهدته وما فى مصلحتهم.

لماذا لم يعد ماسبيرو يقوم بشراء برامج فورمات عالمية؟

زمان كنا نشتري فورمات زي ما بيعمل قنوات "mbc" والوقت الحالي المنافسة قوية جدا ويجب أن يتم دعم هذا الأمر، ولكن للأسف لا يوجد أموال لشراء هذه البرامج حاليا لأن الميزانية كلها تذهب أجور كما قلت من قبل، ولا أخفيكم سرا أنه حتى من يدير الآن لا يعرفون من أين تشترى هذه البرامج وليس لهم علاقات قوية خارجية للتواصل مع الشركات العالمية التى تؤسس هذه البرامج، وهنا أود أن أضيف أمر مهما، وهو أن ماسبيرو لم يعد ينفرد بأي شيئ مهم للمشاهدين، فلا به حفلات ضخمة خاصة ولا حديث خاص لرئيس الجمهورية ولم يعد هناك حتى أهم شيئ فى ماسبيرو وهو الرياضة وكرة القدم التى يعشقها الجمهور وكان ينفرد بها ماسبيرو طيلة مسيرته، ولم يعد ماسبيرو يواكب التطور التكنولوجي، حتى حفلات التليفزيون تحولت إلى "سبوبة وباظت" خلال أيامها الأخيرة.

وماذا عن مديونية ماسبيرو التي وصلت إلى 48 مليار جنيه.. هل هناك حلول لها؟

 

فى عهدي كانت المديونية 12 مليار جنيه فقط، وهذه المديونية فوائد مركبة وطالبت بإسقاطها أو حلها عن طريق حصول الدولة على الأراضى غير المستغلة التى يمتلكها ماسبيرو، ولو حدث ذلك منذ سنوات لم يكن يزداد هذا الدين بهذه الدرجة المخيفة، وفى الوقت الحالى أعتقد أن هذه الأراضى لن تغطى تكلفة الدين، وأعتقد أن الخدمات للوزارات والهيئات والمصالح الحكومية لم يحصل ماسبيرو على قيمتها أيضا من الدولة، وهنا يمكن أن أكشف لكم تفاصيل أرويها لأول مرة، خلال عام 2014 تواصل معي المهندس إبراهيم محلب وهو رئيس وزراء، وطلب مني وضع خطة عمل كاملة لحل أزمة الديون وسلمتها له بالفعل تحت اسم (خارطة طريق لإصلاح إعلام الدولة والإعلام الخاص) وطلب مني بعدها أن أجلس وأنسق مع وزير التخطيط أشرف العربي لصياغة قوانين وضوابط لهذا المشروع، وبالفعل بدأت وأسست المفوضية العليا للإعلام الخاصة بمنح الترددات والحساب والعقاب، وقدمت لهم 50 اسما للمشاركة فى تنفيذ المشروع يختاروا من بينهم أعضاء المجالس والهيئات التى كان حينها يتم وضع قوانينها، وكلهم من تخصصات مختلفة فى الإعلام وطالبت بعدم حصولنا على أى مقابل أو أجر على هذا العمل، وفوجئت بثورة غضب فى ماسبيرو حركها البعض ضدي وأنني أستهدف تسريح العاملين وغيرها من الأمور غير لبدقيقة، فاعتذرت على الفور وقررت الابتعاد.

لماذا لم يتمكن ماسبيرو من استغلال تراثه الذي يعتبره البعض كنزا حقيقا؟

في الحقيقة هذا التراث كنز إبداعي حقيقي ولكن لم يتم استغلاله الاستغلال الأمثل، وكنت أول من سعى لاستغلال هذا التراث من خلال إطلاق قناة "التليفزيون العربي" وهي فكرتي من الأساس ونفذتها بالفعل، ولكن فور رحيلي فوجئت بإغلاقها لفترة طويلة ثم عادت فى ثوبها الجديد قناة "ماسبيرو زمان"، وولدت الفكرة تحديدا عندما كنا نجهز للاحتفال بمرور 50 عاما على إنشاء التليفزيون المصري، وأردت أن أقول كيف ولد ماسبيرو عملاقا ووافق على الفكرة الوزير أنس الفقى ونفذتها بالفعل، وكانت القناة تؤكد ما شهده ماسبيرو من أحداث تاريخية فى كل الظروف انتصارات وانكسارات وظهور زعماء وتغييرات الجولة بالكامل منذ الستينات، ولا أرى أنه تم الاستفادة من ها التراث حتى الآن.

 

اتجه التلفزيون مؤخرا لاستغلال مكتبته الضخمة من خلال منصة ووتش إت، ما تقييمك للتجربة؟

في الحقيقة أرفض هذا الأمر تماما، فالتراث ملك ماسبيرو وكان يجب أن يتم استغلاله بشكل أفضل من خلال إطلاق منصة مملوكة له، أضيف إلى ذلك أن أسعار المنصة مبالغ فيها مقارنة بالمنصات الأخرى التى تحتوى على مكتبة عالمية بها أعمال جاذبة كثيرة مثل منصة أخرى سعودية التى أعيد إطلاقها مجددا وبأسعار زهيدة جدا، وعندما تقارن بين مكتبة المنصتين ستكتشف فرق كبير فى المحتوى، وأقول إن التليفزيون لا بد أن يدير مقوماته وممتلكاته البشرية والمادية بنفسه.