الثلاثاء 30 أبريل 2024 الموافق 21 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"الفلاح الاشتراكي".. الحزب المجهول الذي دعا الشعب للإفطار بـ"بتاو ومِشْ"

الرئيس نيوز

 -              إسماعيل مظهر أطلق الفكرة عام 1929.. وكامل قطب حققها على أرض الواقع بعد 9 سنوات

-              نادى بتحديد الملكية الزراعية عام 1929.. وإلزام أصحاب الأطيان بتوفير منازل آدمية للفلاحين

-              طالب بإخضاع ماء النيل لحكومة مصر أولاً.. وتحريم بيع الأراضي للأجانب إلا بشروط


قبل 90 سنة بالضبط، وبينما كانت الحياة السياسية المصرية محكومة بطبقة أصحاب الإقطاعيات الزراعية، نشأت فكرة تأسيس حزب باسم "الفلاح المصري"، والذي رفع عدة مطالب سبقت عصرها بعقود.

 

"الرئيس نيوز" يستعرض قصة الحزب المجهول، الذي دعا إلى تحديد الملكية الزراعية، في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، وكيف ماتت الفكرة لنحو 10 سنوات، قبل أن تحيا من جديد.

 

في أكتوبر 1929، أطلق المفكر الليبرالي إسماعيل مظهر، في مقال له بمجلة "العصور" التي كان يصدرها، فكرة تأسيس حزب باسم "الفلاح المصري"، كاشفًا عن مبادئ وأهداف عامة.

 

وتحددت أهداف "الفلاح المصري" في عدة أهداف ومطالب، أهمها تحديد ملكية الأراضي الزراعية، وزيادة نسبة صغار الملاك، وإنشاء مصانع ومعامل برؤوس أموال مصرية وشركات مصرية بحتة، وضرورة تحسين الحالة الصحية للفلاحين والعمال وضرورة إلزام أصحاب الأطيان ببناء مساكن تتوفر فيها الشروط الصحية لفلاحين وتنظيم القرى على القواعد الصحية الحديثة، والتوسط بين أصحاب الأطيان والفلاحين في إبان اشتداد الأزمات المالية".

 

وتضمنت مبادئ الحزب "حماية مياه نهر النيل والعمل على جعل سياسة الماء خاضعة لحكومة مصر وافية بحاجة البلاد أولاً"، ودعا لـ"تحريم بيع الأراضي لغير المصريين إلا لأجل محدود وسن قانون بذلك".

 

وطالب الحزب في برنامجه المبدئي أيضًا بـ"سن قانون بتحريم إنشاء الشركات الأجنبية الإنتاجية إذا لم يحتفظ بنصف أسهمها على الأقل للمصريين، وتلقين الفلاح المصري معنى الاستقلال في الرأي والشجاعة على إبداء آرائه وطرق الدفاع عن حقوقه وتحبيب الحرية إليه وغرس مبادئ الفضيلة في نفسه".

 

وأضاف إسماعيل مظهر على أهدافه هذه "إلغاء الحروب والحض على كراهيتها وغرس روح الإخاء الشعوبي بين الأمم، وكذلك محاربة المبادئ البلشفية".

 

حاول "مظهر" تأسيس الحزب على أرض الواقع، فلجأ إلى مصطفى النحاس زعيم حزب "الوفد"، لطلب دعم "بيت الأمة"، لكن الحزب هوجم ولم يجد فرصة على الساحة، فاختفى أثر الفكرة سريعًا، واعتزل "مظهر" العمل السياسي منشغلا بالتأليف والترجمة.

 

بعد نحو 9 سنوات، تبنى المحامي أحمد كامل قطب الفكرة سنة 1938، وعدل في اسم الحزب ليصبح "حزب الفلاح الاجتماعي والاقتصادي". وفي ديسمبر من ذلك العام، أُعلن الحزب رسميا، بلجنة إدارية مكونة من 12 عضوًا.

 

ويكشف المفكر اليساري الراحل، د. رفعت السعيد، في مقال منشور، سبتمبر 2014، أن "قطب" أصدر برنامجين للحزب، الأول اجتماعي، ودعا فيه إلى "محاربة الأمية بين الفلاحين، والنهوض بالمستوى الاجتماعي بين أوساطهم ومحاربة المخدرات والبدع والخرافات والجهالة، وتنظيم القرية بانتخاب مجلس للقرية، وتكوين رأى عام يمكن من انتخاب ممثلين للفلاح يدافعون عن مطالبه فى البرلمان".

وفي البرنامج الاقتصادي، دعا مؤسس الحزب إلى "رفع الجوع والفقر والبؤس عن كاهل الفلاح وأسرته، إقرار حد أدنى لأجور المزارعين، إنقاذ الفلاح من الديون العقارية، تحديد ساعات عمل الفلاح عند أصحاب الأملاك وتحديد أيام للراحة، وتأمين اجتماعى واقتصادى للفلاح وتكوين جمعيات تعاونية".

وعندما توجهت أفكار أحمد كامل قطب ناحية الاشتراكية، غير اسم الحزب عام 1945 إلى "حزب الفلاح الاشتراكي"، وكان مقره 30 شارع فؤاد، ووضع له برنامجا جديدا بشعار "الله معنا والمستقبل لنا"، فيما اتخذ شعارات أخرى تحت اسم الحزب مثل "أعطوا الفقير حقه دون أن يطلبه".

ونادى أحمد كامل قطب بـ"عدم السماح للأجانب بتملك الأراضى فى مصر، ومناهضة النزعات الاستبدادية وتمكين كل فرد أو جماعة من التمتع بحرية الرأى كاملة فى حدود الدستور. ومنح المرأة والشبان الذين بلغوا سن الثامنة عشرة حق الانتخاب ومساواة المرأة بالرجل فى جميع الحقوق السياسية".

وكان "قطب" يرى، في البرنامج الجديد لحزبه عام 1945، أن الدولة ملزمة بالآتي: "استصدار التشريعات لتحقيق العدالة الاجتماعية وإنصاف الطبقات الفقيرة والنهوض بها، ضمان استقرار حياة الفرد بالتأمين الاجتماعى ضد المرض والشيخوخة والعوز والبطالة، تقريب الفوارق بين الطبقات، تخفيض رواتب كبار الموظفين، ورفع رواتب صغارهم، وحد أقصى للملكية، وتوزيع الأراضى البور على صغار الفلاحين وتدعيم نظام التعاون".

وطالب "الفلاح الاشتراكي" بفرض ضرائب تصاعدية، وإدارة الدولة لجميع المرافق العامة وشركات الاحتكار لحساب الأمة، ثم إنهاض الصناعة الثقيلة وتحقيق الاستقلال الاقتصادى.

وبحسب وثائق كشف عنها رفعت السعيد، فإنه في سبتمبر 1951، قرر الحزب عقد مؤتمر جماهيري للفلاحين في حديقة الأزبكية، بحضور 10 آلاف فلاح، و"طلب من الحكومة إعداد ثلاثة قطارات لنقل أعضاء المؤتمر، على أن يتوجه أعضاء المؤتمر إلى قصر عابدين ودار البرلمان، حاملين عرائض مكتوبة بدمائهم يطالبون فيها بتحديد الملكية الزراعية بخمسين فدانا وغيرها من المطالب. لكن الحكومة قررت منع المؤتمر من الانعقاد".

وفي مقال له بصحيفة "النضال"، لسان الحزب، دعا أحمد كامل قطب الشعب في إلى الصيام يوم الجمعة ٢٣ يونيو ١٩٣٩، احتجاجا على إهمال مصالح الفلاح، قائلًا: "نصوم ونجوع يوما من أجل الفلاح الذى ظل جائعا آلاف السنين، ثم يتناول أعضاء مجلس إدارة الحزب وبعض الفلاحين طعام الإفطار بمقر الحزب ومن ذات طعام الفلاح الخبز الفلاحي والمش".