غزة ولبنان وإيران.. ملفات تفجر التوتر بين ترامب ونتنياهو في محادثات غير مريحة
يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لعقد محادثات في نهاية ديسمبر 2025 في منتجع مار‑أ‑لاجو بفلوريدا، والتي من المتوقع أن تكون غير مريحة بطبيعتها بسبب الخلافات الواضحة بين الطرفين حول ملفات حاسمة في الشرق الأوسط، خاصة قطاع غزة ولبنان وإيران، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.
وتمثل هذه الزيارة الخامسة لنتنياهو إلى الولايات المتحدة خلال العام الحالي، ما يعكس الضغط السياسي الهائل الذي يواجهه كلاهما لإحراز تقدم في ملفات السلام الإقليمي.
وتأتي هذه المحادثات في وقت يشهد تأخرًا كبيرًا في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترامب للسلام في غزة، والتي أُعلن عنها بعد اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2025. وفقًا للخطة، كان من المفترض أن تنسحب إسرائيل تدريجيًا من القطاع، وأن تتنازل حماس عن سلاحها ودورها في الحكم، مع إنشاء هيئة فلسطينية تكنوقراطية تحت إشراف مجلس السلام برعاية ترامب ونشر قوة دولية لحفظ السلام، وفقا لصحيفة آراب ويكلي اللندنية.
غير أن الخطة واجهت تأخيرات جسيمة، إذ تتبادل تل أبيب وحركة حماس الاتهامات حول الانتهاكات، فيما تعيد حماس تأكيد سيطرتها على أجزاء كبيرة من القطاع، في حين تظل قوات إسرائيلية منتشرة في نصف غزة تقريبًا.
ووفقًا لتقرير صحيفة يديعوت أحرونوت، من المتوقع أن تشمل المحادثات نطاقا واسعا من القضايا الإقليمية، بما في ذلك إيران، واتفاقية أمن محتملة مع سوريا، ووقف إطلاق النار مع حزب الله في لبنان، والمراحل القادمة لخطة غزة. ومع ذلك، تشير المصادر إلى أن الإدارة الأمريكية ليست في توافق كامل مع الحكومة الإسرائيلية على العديد من هذه الملفات.
وأوضحت نيويورك تايمز أن أجندة نتنياهو ستشمل المرحلة الثانية للتهدئة في غزة، إضافة إلى قضايا إيران ولبنان، مع العلم أن واشنطن تضغط لإنشاء إدارة انتقالية فلسطينية في غزة قبل نشر القوة الدولية المقررة. هذه الإدارة، بحسب تصريح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، يجب أن تضم كفاءات فلسطينية تكنوقراطية لتسيير شؤون غزة بشكل مؤقت، وذلك قبل بدء عمل القوة الدولية التي اعتمدها مجلس الأمن في 17 نوفمبر الماضي.
ونقلت صحيفة ميامي هيرالد الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين قولهم أن الإدارة الأمريكية تشعر بالإحباط من خطوات نتنياهو التي قد تضعف وقف إطلاق النار الهش وتعرقل عملية السلام، ما يعكس تصاعد القلق الأمريكي بشأن تعثر المرحلة الثانية من الخطة، وفقا لموقع أكسيوس.
وفي غزة، لا يزال النزاع يتجدد على فترات، إذ أسفرت الضربات الإسرائيلية منذ بدء وقف النار في أكتوبر عن مقتل أكثر من 400 فلسطيني، معظمهم من المدنيين، بينما قتل مسلحون فلسطينيون ثلاثة جنود إسرائيليين، وفق بيانات وزارة الصحة في غزة.
هذا المشهد يجعل من الضروري استئناف المفاوضات حول المرحلة الثانية بسرعة، كما قال جيرشون باسكين، المسؤول في لجنة بناء السلام والتحالف من أجل حل الدولتين "Alliance for " Two States، مشيرا إلى أن الحكومة الأمريكية تدرك أن الوقت الذي أعطاه حماس لإعادة بناء وجودها في غزة طويل جدًا بالنسبة لما هو مقبول.
أما على جبهة لبنان، فقد أقر وقف إطلاق النار المدعوم أمريكيا في نوفمبر 2024 نهاية أكثر من عام من النزاع بين إسرائيل وحزب الله، والذي اشتمل على مطالبة حزب الله بنزع السلاح في جنوب لبنان. لكن، بحسب نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، فإن الجماعة رفضت التخلي عن أسلحتها بالكامل، معتبرة أن الولايات المتحدة وإسرائيل تمارسان ضغوطا لا تصب في مصلحة لبنان.
وفي إيران، التي خاضت حربا قصيرة مع إسرائيل في يونيو 2025، أجرت طهران تمارين صاروخية متكررة خلال الشهر الحالي. يتوقع أن يكون ملف تطوير الصواريخ الباليستية والبرنامج النووي الإيراني من أبرز المواضيع التي سيطرحها نتنياهو على ترامب، في محاولة لتحويل التركيز بعيدًا عن غزة، وهو ما أشار إليه محللون مثل جيرشون باسكين ويوسي ميكيلبرج من المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن، تشاتام هاوس.
وترجح هذه المعطيات أن الاجتماع بين ترامب ونتنياهو لا يقتصر على المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة، بل يعكس تشابك الضغوط الداخلية في إسرائيل مع الواقع الإقليمي المعقد، ويضع الإدارة الأمريكية أمام تحديات توازن بين الضغط على تل أبيب وضمان استقرار المنطقة. كل المؤشرات تشير إلى أن اللقاء سيكون اختبارا حقيقيا لقدرة واشنطن وتل أبيب على معالجة ملفات حساسة على رأسها جذور محاولات عرقلة وتعطيل العملية السياسية القائمة.