الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

فضيحة محادثات شباب حزب ترامب: عنصرية وتمجيد لهتلر

الرئيس نيوز

في تسريب صادم هزّ الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية، كُشف عن مئات الرسائل الصوتية والنصية المسربة من مجموعات شبابية تابعة للحزب الجمهوري، حزب ترامب، تضمنت إهانات عنصرية، وتعليقات معادية للمثليين، وتمجيدًا صريحًا لأدولف هتلر. 

هذه التسريبات، التي نشرتها، في البداية، منصات إلكترونية أمريكية مستقلة، جاءت في توقيت حساس من الحملة الانتخابية، ما دفع مراقبين إلى وصفها بأنها "زلزال أخلاقي" يهدد صورة الحزب الجمهوري ويضع قيادته في موقف دفاعي حرج، وفقًا لموقع بوليتيكو.

محتوى التسريبات: كراهية منظمة لا مجرد "مزاح خاص"

بحسب ما نشرته الجارديان البريطانية، فإن التسريبات تعود إلى مجموعات مغلقة على تطبيقات مشفرة، تضم عشرات من النشطاء الشباب المرتبطين بحملة ترامب الانتخابية. وتضمنت الرسائل نكاتًا عنصرية ضد الأمريكيين من أصول إفريقية، تعليقات مهينة ضد المهاجرين، وسخرية من المثليين والمتحولين جنسيًا. الأخطر من ذلك، أن بعض المشاركين عبّروا عن إعجابهم الصريح بأدولف هتلر، واصفين إياه بأنه "قائد قوي أسيء فهمه"، بينما شبّه آخرون سياسات ترامب بـ"العودة إلى القيم الأوروبية الأصيلة".

هذه التصريحات لم تكن فردية، بل جاءت ضمن نقاشات سياسية متكررة، ما يشير إلى وجود ثقافة متجذرة من الكراهية داخل بعض أوساط القاعدة الشبابية للحزب. وقد أشار تقرير بوليتيكو إلى أن بعض هذه الرسائل تم تبادلها خلال فعاليات رسمية للحزب، بما في ذلك ورش عمل انتخابية ومخيمات تدريبية، ما يثير تساؤلات حول مدى علم القيادات العليا بها، أو حتى تواطؤها الضمني.

صمت القيادة: تواطؤ أم تجاهل؟

المثير للقلق أن إدارة ترامب وقيادات الجمهوريين لم تصدر حتى الآن أي بيان رسمي يدين أو يوضح موقفها من هذه التسريبات. بل على العكس، في أحد التجمعات الأخيرة بشأن التحضيرات لانتخابات التجديد النصفي، وصف ترامب الحضور الذين رددوا شعارات عنصرية بأنهم "وطنيون حقيقيون"، مضيفًا أن "الناس سئموا من الرقابة السياسية"، كما نقلت الجارديان البريطانية. هذا الصمت، أو ما يمكن اعتباره تبريرًا ضمنيًا، أثار موجة من الانتقادات داخل الحزب الجمهوري نفسه، حيث عبّر عدد من الجمهوريين المعتدلين عن استيائهم، محذرين من أن الحزب "يفقد بوصلته الأخلاقية".

من جانبه، وصف موقع بوليتيكو هذه التسريبات بأنها "مرآة تعكس ما يجري في الكواليس، بعيدًا عن أعين الإعلام"، مشيرة إلى أن ما تم الكشف عنه قد يكون مجرد "قمة جبل الجليد" في ثقافة حزبية تتسامح مع خطاب الكراهية، بل وتحتضنه أحيانًا.

تداعيات انتخابية: خسارة القاعدة المعتدلة؟

تأتي هذه الفضيحة في وقت حرج من الاستعدادات للحملة الانتخابية قبيل التجديد النصفي، حيث يسعى الحزب الجمهوري إلى توسيع قاعدته الانتخابية لتشمل المستقلين والناخبين المترددين، خاصة في الولايات المتأرجحة. ويرى محللون في الجارديان البريطانية أن هذه التسريبات قد تُستخدم من قبل خصومهم السياسيين لتقويض صورة الحزب الجمهوري، خاصة في أوساط الشباب والناخبين من الأقليات، الذين قد يرون في هذه الرسائل دليلًا على أن الحزب الجمهوري لم يعد يمثلهم.

كما أن هذه القضية قد تؤثر على تمويل انتخابات التجديد النصفي، إذ أبدى عدد من كبار المانحين تحفظهم على دعم حملات ومرشحين يتهمون بالتسامح مع خطاب الكراهية. ونقلت بوليتيكو عن مصادر مقربة من أحد كبار الممولين أنه "يعيد النظر في التزامه المالي بعد هذه التسريبات"، مشيرًا إلى أن "المال لا يمكن أن يُستخدم لتغذية الكراهية".

أزمة أخلاقية أم انعكاس لواقع أعمق؟

في ظل هذه التطورات، يطرح كثيرون سؤالًا جوهريًا: هل تمثل هذه التصريحات حالات فردية ونادرة، أم أنها تعكس ثقافة أوسع داخل أروقة الحزب الجمهوري؟ الإجابة عن هذا السؤال قد تحدد ليس فقط مسار الحملة الانتخابية للتجديد النصفي، بل مستقبل الخطاب السياسي الأمريكي في مرحلة ما بعد ترامب.

وطالبت منظمات حقوقية مثل "هيومن رايتس كامبين" و"الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية" بفتح تحقيق داخلي في الحزب، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الرسائل، معتبرة أن "التسامح مع الكراهية هو تواطؤ صريح معها". كما دعت الجارديان البريطانية إلى "مراجعة شاملة للخطاب السياسي الأمريكي، الذي بات يشرعن الإقصاء والعنصرية تحت غطاء الوطنية".

اختبار أخلاقي للحزب الجمهوري

تمثل هذه التسريبات اختبارًا أخلاقيًا حقيقيًا للحزب الجمهوري. فإما أن يواجه هذه الثقافة السامة بشجاعة، ويعيد بناء نفسه على أسس من الاحترام والتعددية، أو أن يستمر في الانحدار نحو خطاب شعبوي يستهين بالقيم الديمقراطية. وفي كلتا الحالتين، فإن الناخب الأمريكي سيكون هو الحكم، والصندوق هو الفيصل.