مسلسل استهداف المنتقدين.. مستشار ترامب السابق جون بولتون في مرمى النيران القضائية
في تطور لافت يعكس ما يصفه البعض بـ"مسلسل استهداف المنتقدين"، وُجهت اتهامات جنائية رسمية إلى جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس دونالد ترامب، بتهم تتعلق بحيازة ونقل وثائق سرية، ما أثار جدلًا واسعًا حول دوافع هذه الخطوة وتوقيتها. وبحسب تقرير نشرته يورونيوز، فإن لائحة الاتهام تتضمن 18 تهمة جنائية تتعلق بتخزين معلومات مصنفة في منزله دون إذن رسمي، وفقًا لصحيفة ميامي هيرالد الأمريكية.
استهداف ممنهج أم تطبيق للقانون؟
بولتون، الذي شغل منصبه في البيت الأبيض خلال ولاية ترامب الأولى، تحول لاحقًا إلى أحد أبرز منتقديه، خاصة بعد نشره كتاب "الغرفة التي حدث فيها ذلك" الذي كشف فيه تفاصيل حساسة عن إدارة ترامب. ووفقًا لصحيفة بوليتيكو، فإن السلطات القضائية ترى أن بولتون لم يتعاون بشكل كافٍ مع الجهات المختصة، رغم علمه بأن بعض الوثائق التي بحوزته مصنفة على أنها سرية.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ تشير لائحة الاتهام إلى أن حساب بولتون الإلكتروني تعرض للاختراق من قبل جهات يُعتقد أنها مرتبطة بإيران، ما أدى إلى تسرب معلومات حساسة. وعلى الرغم من أن ممثلًا عن بولتون أبلغ مكتب التحقيقات الفيدرالي بالحادثة، إلا أن الادعاء يؤكد أنه لم يكشف عن أن تلك الرسائل احتوت على معلومات سرية، بحسب ما أوردته شبكة سي إن إن.
نمط متكرر: بولتون ليس الأول ولن يكون الأخير
ما يثير الريبة في هذه القضية هو أن بولتون ليس أول منتقد لترامب يتعرض للملاحقة القضائية منذ عودة الأخير إلى البيت الأبيض. فقد سبقه اثنان من المسؤولين السابقين الذين أبدوا مواقف معارضة لترامب، ما دفع مراقبين إلى التساؤل: هل أصبح انتقاد الرئيس سببًا كافيًا لفتح ملفات قضائية؟ صحيفة الغارديان أشارت إلى أن هذه الخطوة قد تكون جزءًا من نمط أوسع لاستهداف الأصوات المعارضة داخل الحزب الجمهوري.
في هذا السياق، يرى البعض أن هذه الاتهامات تأتي في إطار "ترهيب الخصوم السياسيين"، خاصة وأن بولتون يُعد من الأصوات الجمهورية القليلة التي لم تتردد في انتقاد سياسات ترامب الخارجية، لا سيما في ما يتعلق بإيران وكوريا الشمالية.
بولتون يرد: "لم أرتكب أي مخالفة"
من جانبه، نفى بولتون جميع التهم الموجهة إليه، واصفًا إياها بأنها ذات دوافع سياسية وتهدف إلى إسكات الأصوات المستقلة داخل الحزب الجمهوري. وأكد محاموه أن الوثائق التي تم العثور عليها لا تحتوي على معلومات مصنفة، وأن بولتون كان يتعاون مع السلطات منذ البداية، كما نقلت عنه يورونيوز.
دلالات أوسع
هذه القضية تفتح الباب أمام نقاش أوسع حول استقلالية القضاء الأمريكي في ظل إدارة ترامب الثانية، ومدى استخدام الأدوات القانونية كوسيلة لتصفية الحسابات السياسية. كما تثير تساؤلات حول حرية التعبير داخل الحزب الجمهوري، خاصة عندما يتعلق الأمر بانتقاد الرئيس. ووفقًا لتحليل نشرته بوليتيكو، فإن هذه المحاكمة قد تشكل سابقة خطيرة في العلاقة بين السلطة التنفيذية ومعارضيها من داخل النظام نفسه.
في النهاية، سواء ثبتت التهم أم لا، فإن محاكمة بولتون ستكون اختبارًا حقيقيًا لمصداقية المؤسسات الأمريكية، وقد تترك أثرًا بعيد المدى على مستقبل حرية التعبير داخل النخبة السياسية في واشنطن.