الإثنين 29 أبريل 2024 الموافق 20 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

عاجل.. حوار| عبد الله السناوي: مصر تعيش حالة من الخواء السياسي.. وأحزاب الموالاة هشة والمعارضة منقسمة ومتهالكة

الكاتب الصحفي والمحلل
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عبد الله السناوي

أكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عبد الله السناوي، أن الحوار الوطني يمثل فرصة كبيرة للنظام لتجديد شعبيته، إذا تعامل معها بحرص، لكنه في نفس الوقت قد يؤدي لأزمة ثقة إذا لم يسفر عن نتائج حقيقية.

وقال السناوي في حواره لـ"الرئيس نيوز"، إن إعادة إنتاج مجالس نيابية بنظام القائمة المغلقة أمر لم يعد مقبولا، معقبا: “النخبة تريد مجلسا نيابيا له احترامه”.

وحذر من إجراء انتخابات رئاسية تفتقد لضمانات النزاهة والجدية لأنها ستصيب المواطنين بالإحباط في ظل أزمة اقتصادية وتجفيف البيئة السياسية ما يمكن أن يمهد لعودة جماعة الإخوان الإرهابية إلى الشارع السياسي.

وأشار إلى أن المزاج العام وغالبية المواطنين يميلون إلى الاستقرار، بشرط الاقتناع أن النظام حريص على تحقيقه، موضحا أن المواطن المصري قادر على التحمل بـ"الرضا" وليس "التحمل الاضطراري". 

وإلى الجزء الأول من نص الحوار..

■ تتباين المواقف بين التفاؤل والتشاؤم بشأن مجريات الحوار الوطني.. كيف ترى مساره حتى الآن؟

-  سؤال الحوار الوطني يطرح نفسه على كل القوى السياسية، والمسكوت عنه في هذا الشأن أكثر مما هو معلن، والقضية ليست تفاؤلا أو تشاؤما، لكن ما هي الحقيقة على الأرض، منذ أبريل 2022 حتى الآن، إذ مر أكثر من عام على دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي في إفطار الأسرة المصرية.

والمشكلة الأولى أنه لم يكن هناك تصور للحوار سواء من جانب القوى الداعية له أو المعارضة، وبالتالي جرى تصميم وبناء المسار على حسابات معقدة تداخلت فيها الأجهزة الأمنية والحكومة والقوى المعارضة فضلا عن الطلب الملح بالإفراج عن المحبوسين على ذمة قضايا سياسية، وتفعيل لجنة العفو الرئاسي، لذلك كان الحوار معطلا، وقيل إنه بغرض الإعداد الجيد للمحاور والجلسات، لكن يبدو أن المقصود هو التحكم الكامل بمخرجاته.

أما المشكلة الثانية فهي أن هناك تصورا مسبقا لنتائج هذا الحوار، وظهر ذلك في الجلسة الأولى لمناقشة قانون الانتخابات البرلمانية، والتي شهدت طرح نظام القائمة المغلقة المطلقة على المشاركين، حيث تدخل أحد مسؤولي الحوار فجأة واعتبر أن القائمة المغلقة مسألة منتهية، وهذا يعتبر نوعا من المصادرة، فالحوار لا بد من أن  يكون بين أنداد لديهم أفكار مختلفة، يجري التوافق بينهم بشكل أو بآخر لتحسن المناخ العام، وفتح المجال السياسي.

(يتساءل) كيف يتم المصادرة في قضية حاكمة ومهمة وتعد أحد مؤشرات نجاح الحوار من عدمه؟

النظام الانتخابي محطة فارقة في قضايا المحور السياسي، ويبدو أن هناك تمسكا بـ"القائمة المغلقة" كالتزام بالتمييز الإيجابي للفئات بالدستور.

والقائمة المغلقة المطلقة نظام انتخابي غير مناسب، والجميع يعرف كيف تم إجراء انتخابات المجلس النيابي الأخيرة، فالتشكيل غير مرض باستثناء وجود أصوات محدودة، الناس والنخبة تريد مجلسا نيابيا له احترامه.

فنحن نسير بمنطق "قل كما تشاء لكن نحن نقرر ما نشاء"، والتعنت ضد القوائم النسبية سببه أنها ستؤدي لإحياء الحياة الحزبية وتقوية الأحزاب.

ولدينا تجربة توافق سابقة بين القوى السياسية على النظام الانتخابي في ظل الإلزام الدستوري، إذ أدارات جريدة الشروق في 2014 حوارا ضم جميع الأحزاب بالإضافة إلى اللواء محمد العصار، واتفقت الأحزاب بالإجماع على وثيقة موقعة بنظام انتخابي يشمل 40 % قوائم نسبية، و40 % فردي، و20 % قائمة مغلقة للفئات المميزة، وهذا الحل تاريخي، وهذا الاقتراح ما زال صالحا هو وغيره.

إنما الإصرار على إعادة إنتاج مجالس نيابية بهذا الشكل أمر لم يعد مقبولا، وحتى الآن لا يوجد انتخابات محلية رغم أنه التزام دستوري ملزم.

■ ما هي الآلية المثلى للحوار.. ومن يمثل النظام؟ 

- هذا أحد أخطاء مسار الحوار، وفكرة عدم تمثيل النظام فيه مشكلة كبيرة وموجودة وطرحتها مبكرا فى أحد الاجتماعات التمهيدية، وطلبت وجود شخصية لإدارة الحوار تحظى بالقبول من السلطة وتكون محل احترام من المعارضة بحيث يستطيع أن يدير التناقضات والأفكار المختلفة للوصول إلى مخرجات.

المشكلة أنه إذا نظرنا إلى بنية السلطة الحالية تجدها تعانى من غياب شخصيات سياسية، وكل الأنظمة السابقة كان يوجد بداخلها شخصيات سياسية ومن قلب السلطة، اليوم إذا أردنا أن نختار سياسيا من داخل السلطة لن نجد، حد يشاور لي على شخصية فى مجلس الوزراء عنده قماشة سياسية تمكنه من إجراء مثل هذه الحوارات، فكان الحل البحث من خارج السلطة والاستقرار على رئيس هيئة الاستعلامات، وهو بشكل أو أخر يمثل السلطة، مع ملاحظة ضرورة أن يكون وزير الشؤون النيابية حاضرا فى مناقشات مشروعات القوانين بالمحور التشريعي للحوار الوطنى، ليعبر عن وجهة نظر السلطة، وأن تلى النقاشات الواسعة أخرى على نطاق أضيق لبحث التفاصيل.

■ هناك من يرى أن الحوار كان يجب أن يكون قاصرا على المحور السياسي دون غيره من المحاور الاجتماعية والاقتصادية؟

- هذا خطأ المعارضة وليس النظام فقط، هناك اعتقاد أن الناس غير معنية بالشأن السياسي فقط وبالتالي لا بد من الكلام في الشأنين الاقتصادي والاجتماعي وأنا أعتقد أن هذا سوء تقدير.

والكلام في الإصلاح السياسي يفتح الباب على بقية الملفات، والحوار الاجتماعي مهم وضروري ولكنه لا ينتهي ومفتوح ويحتاج إلى أفق أوسع من حوار تحتويه جلسات معدودة.

والمحصلة هي غرق الحوار في المستنقع البيروقراطي ولجان ينبثق عنها لجان بدعوى الإعداد الجيد.

ويبدو أن الأمانة الفنية أعدت مسبقا مخرجات الحوار، لأنها تلقت أوراقا واقتراحات من الأحزاب والهيئات والأفراد وصاغتها وفق مقتضيات رؤية السلطة وأي مقترحات تخرج عن السياق المعد مسبقا يتم مصادراتها، الأمر الذي يفقد الحوار مصداقيته.

■ ما هى النتائج الإيجابية التى حققها الحوار حتى الآن؟

- النتائج الإيجابية التي يمكن أن ننسبها للحوار حتى الآن هي مخرجات غير مباشرة وتتمثل في: أولا الإفراج عن المحبوسين رغم أنها منقوصة لكنها خطوة إيجابية جدا، وأنا غير مستعد لسماع أي تحفظ على هذه النقطة، ولو أن هذا الحوار نتج عنه الإفراج عن شخص واحد بريء فالمشاركة تستحق، والإفراج عن أكثر من ألف شخص هو رسالة إيجابية، إن كانت تحمل في طياتها تساؤلات عن حقيقية القضايا التي كانوا محبوسين على ذمتها ومدى خطورتهم، ومدى انفلات القواعد القانونية في البلد.

المكسب الثاني غير المباشر وهو مسألة تقديرية نسبية، وهي حالة الحوار نفسها وأن الناس بتتكلم وإن فيه قدرا من التنفس السياسي، رغم أنه محدود، وهناك وجوه خرجت للإعلام ولكنها مرة ودمتم، مازلنا نحتاج إلى حالة من تنافس السياسي والانفتاح الإعلامي، لأن البلاد لا يمكنها الاستمرار في ظل حالة انسداد الأفق السياسي.

■ يبدو واضحا من البداية أن الرئيس يتخذ خطوات متباعدة بينه وبين السياسة.. كيف انعكس ذلك على أداء السلطة؟

- هذا تصريح للرئيس شخصيًا "أنه ليس سياسيا"، لكن بالتعريف الدستوري فإن وظيفة رئيس الجمهورية سياسية، ومهامه تدخل فى إطار العمل السياسي، وبالطبع انعكس ذلك كأحد الأسباب الجوهرية لأزمات كثيرة مرت بها البلد كان يمكن تجنبها، فمصر تعيش حالة انكشاف سياسي، لا يوجد أفق سياسي واضح، ولا تصور ولا إدارة سياسية.

مثال أحداث الجمعية العمومية غير العادية لنقابة المهندسين، فهذه الأزمة تستدعي التوقف عندها بالتعلم والدرس، فى البداية جرى التصعيد من منتسبي أحد الأحزاب وجرى الذهاب إلى طرح الثقة بالنسبة للنقيب طارق النبراوي لعزله، رغم أنه مستقل ولا يمكن وصفه بأنه معارض خشن، فهو نقيب مهني ومستقل ورغم خلفيته السياسية إلا أنه توقف عن ممارسة العمل السياسي المنظم منذ فترة طويلة، والمفاجأة أن الأغلبية الساحقة من أعضاء النقابة استشعروا الرسالة، وما حدث تدخل سافر فى إرادتهم فكانت الهزيمة فاضحة، وهو ما يكشف حالة من سوء التقدير السياسي، وسط تراجع لشعبية النظام وممثليه وهو ما حدث خلال انتخابات نقابة الصحفيين، وستظهر نفس الحالة في أى انتخابات تتمتع بأى قدر من الشفافية والنزاهة. 

السؤال ما الذي يضر نظام الحكم أن يكون هناك نقيب مهني مستقل ومرن وتفاوضي؟، لا يوجد مبرر سياسي أو غير سياسي للاستعلاء بالقوة وسوء التقدير السياسي، ولكن اللافت أن الدولة انتبهت لعواقب ما حدث فى عمومية نقابة المهندسين وتداركت الأثار وجرت معالجة سياسية للأزمة بشكل لائق، فلماذا لا يكون هناك إدارة سياسية لكافة الأزمات من البداية.

■ هل هناك فرصة لوقف نزيف شعبية النظام في الشارع؟ 

-  ما زال هناك فرصة أمام النظام لتدارك نزيف شعبيته في الشارع، الأولى هي الحوار الوطني وتمثل فرصة كبيرة لتجديد شعبيته إذا ما أثبت أنه جاد في إحداث إصلاحات جوهرية وحقيقية وراغب في سد الثغرات، وهنا كل القطاعات المترددة وفاقدة الثقة تعيد الالتفاف حول الرئيس السيسي.

والمزاج العام وغالبية المواطنين يميلون إلى الاستقرار، بشرط الاقتناع أن النظام حريص على الاستقرار وليس بالترهيب، لكن سياسة "الربع خطوة" والتراجع عنها لن يكون كافيا للإقناع والمصداقية.

والحوار الوطني فرصة جيدة بشرط أن يصل إلى نتائج مقنعة في المجال العام، وفرص حقيقية للتنافس السياسي.

والفرصة الثانية، هي احتواء الضجر الاجتماعي، فالمعارضة نوعين سياسية متهالكة، وأخرى اجتماعية تتمثل في الضجر الاجتماعي وهي معارضة حقيقية جذرية لا تحتويها أحزاب أو أطر سياسية وليس لديها منابر رأي عام لكنها حالة ملموسة في الشارع.

ولو تحسن الوضع الاقتصادي بالطبيعة سيخفت الضجر الاجتماعي وينفتح الأفق لعودة شعبية النظام، المشكلة أن النظام لا يريد مراجعة أولوياته أو سياساته.

وكثير من الخبراء تكلموا وقدموا أطروحات كثيرة، وتم الاستهزاء ببعضها وصم الأذان عن البعض الآخر.

والمحور الاقتصادي يحتاج إلى مجموعة عمل من الخبراء الاقتصاديين من الداخل والخارج، تطرح عليهم المشاكل ويدخلون في الحلول مباشرة برعاية الرئيس شخصيا، وبحضور أعضاء المجموعة الاقتصادية، لوضع روشتة اقتصادية وطنية، نتحلل فيها من سياسات صندوق النقد الدولي، ونخفف من وطأة بيع المقتنيات العامة.

لا بد من أن  يقتنع الرأي العام بسياسات مختلفة وهو أن المواطن المصري قادر على التحمل ولكن ليس "التحمل الاضطراري"، ولكن التحمل بـ"الرضا" وليس بـ"الترهيب".

■  ما تقديرك لجدية الحديث عن الانتخابات الرئاسية واستقبال الرأي العام لها؟
-  قبل الشفافية والنزاهة نحتاج إلى الوضوح، كل الأطراف يجب أن تتحدث بوضوح عن الانتخابات الرئاسية، حتى الآن لم يتحدث أحد بشكل جاد عن الانتخابات الرئاسية، والتوقعات تتراوح بين إعادة سيناريو انتخابات 2005، أول انتخابات رئاسية تعددية شكلية فى مصر، وجرى فيها التباحث حول نسبة نجاح الرئيس الراحل حسنى مبارك، وجرى البحث عن من سينافسه، وجرى الإيعاز لخالد محيى الدين ليكون هذا الشخص، لكن كل من حوله رفضوا إهانة تاريخه، وتم الدفع بالدكتور نعمان جمعة، رئيس حزب الوفد لكنه عندما ترشح جرى تعمد إذلاله وتقديم أيمن نور عليه.

أو سيناريو 2018 والذي حمل عنوان "الإقصاء الخشن" لكل مرشح محتمل، وجرى تقديم مرشح صوري.

■ هناك شائعات عن تبكير الانتخابات الرئاسية.. ما وراء ذلك؟ 
- الأنباء المتداولة عن تبكير الانتخابات الرئاسية كلام له أساس وأعتقد أنه جرى التفكير فيه، والسؤال الذى يتردد لماذا تقدم موعد الانتخابات الرئاسية 4 شهور؟ ما الذي يخيف؟ وما الذي تسعى إليه؟ هذه الأطروحات تؤدي إلى أزمة الثقة، وهذا الكلام يضر بالسلطة والرئيس ولا معنى له، ويفقد الناس الأمل فى جدية الانتخابات المقبلة، وهذا كلام لا يصح أن يقال لأن هناك استحقاق دستوري يتم فى موعده بالضمانات والشروط مع السماح لكل من يرغب وتنطبق عليه الشروط بالتقدم، مع توفير شروط جدية فى انتخابات 2024.

ولا يصح ونحن دولة إقليمية كبيرة أن نتغافل عن التجربة التركية، فنسبة الإقبال 83% وكانت هناك انتخابات وبرامج ومنافسة حقيقية وانقسام فى الرأي العام، والأهم من ذلك أن المعارضة التركية لم تشكك فى نزاهة التصويت.

ونحن دولة عريقة ولدينا إرث سياسي كبير، ويجب أن نحتكم لانتخابات حرة ونزيهة.

■  ما السيناريوهات المتوقعة بشأن التصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟

- إذا أجريت الانتخابات بنزاهة ووفق القواعد، في ظل الأجواء المحبطة بالشارع، فإن التصويت العقابي قد يلعب دورا غير مسبوق، رغم عدم وجود مرشح قادر على طرح نفسه على الرأي العام في هذه الحالة من التجفيف السياسي.

وهناك بعض القوى السياسية المعارضة تلوح بالمقاطعة خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهذا سيناريو محتمل، لكن المقاطعة قرار خاطئ تاريخيا ولكن في أحوال معينة قد يكون بديهيًا، وإذا فقد الرأي العام الثقة في نزاهة التصويت أو أيقن أن النتائج مقررة سلفا فإن المقاطعة تصبح مجرد تحصيل حاصل، وفى حالة وجود ضمانات وأجواء وتنافس هنا أقول إن المقاطعة خطأ كبير.

■ كيف تنظر لإعلان رئيس حزب الوفد عزمه على الترشح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة؟

- أظن أن هناك مشكلة عند رئيس الحزب فهو اسم غير معروف للشارع وكان من باب أولى أن يكرس جهده ليكون له نشاط سياسي ودور حتى يكون له أثر ومعرفة بين أعضاء حزبه وبين القواعد الشعبية في الشارع، وحتى لا يتعرض حزب الوفد لإهانة غير مستحقة لأنه حزب تاريخي.

■ النائب السابق أحمد الطنطاوي أعلن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.. ما رأيك؟

-  من حق الطنطاوي الترشح شأن أي مواطن، وليس من حق أحد اتفق أو اختلف مع أطروحاته أن يعارض ترشحه فهذا حق دستوري مكفول لكل المواطنين، والرأى العام هو صاحب الحق في ترجيح كفة هذا أو ذاك طالما توفرت فيه الشروط الدستورية، وتوفرت في العملية شروط النزاهة الانتخابية.

■  كيف تتوقع الاتجاهات التصويتية لفئات الشباب، المرأة، الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل؟

- هذا سؤال ضروري ومفيد شريطة أن تكون هناك مؤشرات يمكن من خلالها قراءة النتائج بشكل حقيقي، وبشرط إجراء انتخابات حقيقية، حتى نتمكن من اكتشاف خريطة المستقبل وتكون عاكسة لتوجهات الرأي العام.

على سبيل المثال أحد مشاكل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان رغم فوزه فى الانتخابات أنه خسر مدن رئيسية مثل إسطنبول وأنقرة وأزميل والأكراد، وهناك مشكلة حقيقية فى القطاعات العلمانية بالمدن، ومن دعمه هى الأصوات المحافظة فى الأقاليم، رغم أن الفرق أقل من 5 أبناط.

وفى مصر الطبقة المتوسطة هى أكثر الطبقات المتضررة من الأزمة الاقتصادية، بينما لا يمكن حسم الاتجاهات التصويتية للمرأة خاصة مع ما تعانيه من تدبير مصروفات بيتها، أما الفئات التى حظيت بمظلة حماية اجتماعية خلال السنوات الماضية فسيكون لها اتجاهات تصويتية مغايرة.

وقد يعد استشراف المستقبل أكثر دقة فى حالة وجود انتخابات سابقة يمكن قياس على أساسها.

■ هل القوى الحزبية سواء الموالاة أو المعارضة قادرة على تقديم بدائل مؤهلة للمنافسة على الحكم؟

-  لدينا مشكلة فى البلد، وهى أن المعارضة ضعيفة ومنقسمة بينما يفتقد نظام الحكم لقوى سياسية، فحتى نظام مبارك كان له حزب وطني أمني بيروقراطي، ولديه إرث كبير من الاتحاد الاشتراكي وغيره من التنظيمات السياسية السابقة، أما الآن فأحزاب الموالاة "هشة"، جاءت من الفراغ وستذهب إلى الفراغ.

والأمر ذاته ينطبق على أحزاب المعارضة التاريخية فلا وجود لها بالشارع أما القوى الجديدة بالكاد تلملم نفسها وليس لديها تواصل مع جمهورها، وباقي المعارضة  ضعيفة وشبه متآكلة وتحاول أن تجمع نفسها بالكاد فى الحركة المدنية وهناك ضعف ظاهر وانشقاقات تتم، لكنها نجحت فى الحفاظ على قدر من التماسك، لكننا أما معارضه تعانى من مشكلات داخلية.

■ إذا فقدنا خيار البديل المدني الحزبي بشكل عام.. هل يمكن أن يقدم النظام بدائل مناسبة من داخله؟

- هناك حالة من الخواء السياسي، فالنظام يفتقد أى كوادر سياسية والحكومة ليس فيها وزير سياسي واحد فكلهم بيروقراطيين وهذا لا يمنع أن بعضهم على درجة عالية من الكفاءة، لكن ذلك غير مؤهل لتقديم بدائل، وشكل المستقبل لا يبشر بالخير فى ظل جفاف البيئة السياسية.

■ ما هى السيناريوهات المطروحة مستقبلا كبدائل للحكم؟  

- بطريقة التفكير الحالية لا يخامرني شك إذا أمد الله فى أعمارنا أنه عندما يقترب عام 2030 وإذا استقرت الأمور وجرى التخفف من حمل الأزمة الاقتصادية الطاحنة، سيتم الدعوة لتعديل الدستور لتمكين الرئيس السيسي من تولى فترة رئاسية جديدة، وذلك إذا عمل خلال الفترة الرئاسية المقبلة على وجود حياة سياسية وإصلاح سياسي واسع.

فطريقة الأداء بهذا الشكل وإضعاف الحياة السياسية وإنهاك القوى المدنية يفسح المجال لعودة جماعة الإخوان الإرهابية، وأنا أقول إن الإنجاز الحقيقي للنظام الحالي هو تقويض الإرهاب، لكنه لم يكن لديه استراتيجية لمواجهة الظاهرة بشكل عام، والمجلس القومي لمكافحة الإرهاب لم ينعقد سوى مرة واحدة.

ونحتاج إلى مؤسسات حقيقية وتقوية المجتمع المدني السياسي، تحسن كبير فى ملف الحقوق والحريات العامة، لابد أن يكون هناك اطمئنان أن البلد ستمضي وتتراكم خبراتها.

■  فى النهاية هل تنعكس متانة العلاقات "الخليجية - المصرية" على المشهد السياسي الداخلي؟

- لا يوجد نظام جاء إلى مصر أو حكمها بمقدوره أن يتجاهل محيطه وعالمه سواء بالتحدي أو الإذعان أيا كان خياراته السياسية والاجتماعية، والنظام الحالي فى نفس المعادلة وأمام نفس الخيارات، هناك ضغوط دولية عليه، وهناك سلبيات فى ملف حقوق الإنسان والحريات.

لكن بالقراءة حسابات الدول تختلف، الدول لها مصالح وتسعى للحفاظ على النظام طالما يحافظ على مصالحها، وإذا طرأت ظروف وترنح هذا النظام ستكون أول من يبيعه إذا وثقت أن ما بعده أكثر نفعا لها.

إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما راهنت على الإخوان المسلمين لحماية مصالحهم بدلا من نظام مبارك المترنح، هذا ليس معناه أن الإدارة الأمريكية إخوان، لكنها رأت أن الإخوان أقدر فى حينها على حماية مصالحها.

فى اللحظة الحالية علاقتك بدول الخليج حاليا ليست فى أفضل حالاتها، هناك مشاكل، هل يمكن يدعموا؟.. حسب ما هو معلن لن يحدث ذلك ولكن حسب تصوري وفق حسابات المتغيرات الإقليمية هناك حاجة إلى الدور المصري.