السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

اشتباكات السودان.. تداعيات إقليمية تلوح في الأفق ومخاوف من تحول القتال إلى حرب أهلية

الاشتباكات تتواصل
الاشتباكات تتواصل في الخرطوم وسط دعوات للتهدئة

بعد أن انزلقت السودان في قتال وصراع جديد، رجحت صحيفة “دفنس ويب” الصادرة في جنوب أفريقيا، أن ما يحدث ‏في السودان لن يبقَ داخل حدود السودان.

ورجحت أن تتطور الأحداث كما هو الحال في سوريا وليبيا واليمن ‏‏(ناهيك عن الصراعات التي شهدتها الساحة العراقية).

واستشهدت الصحيفة، في تقريرها، بأثر الدومينو الذي امتد ‏بالمنطقة في عام 2011، في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن عندما بدت هذه الموجات في البداية أنها تبشر ‏بالتغيير نحو نظام ديمقراطي في منطقة ظلت تعاني من حكومات غير فعالة، فتجرأت الشعوب على الحلم بمستقبل ‏أفضل.‏

وعندما حان الوقت ليقوم السودانيون بانتفاضتهم عام 2019 ضد حكم عمر البشير، استلمت السلطة حكومة انتقالية ‏ذات مكونات مدنية عسكرية، كان السودانيون يأملون أن تنتقل بلادهم إلى الحكم الديمقراطي وكان الجميع يأمل أن ‏يتعلم السودان تجنب سيناريوهات سوريا وليبيا، ولكن السودان كانت فريسة لنحو 35 انقلابًا عسكريًا ومحاولة انقلاب ‏ومؤامرات منذ الاستقلال في عام 1956 وكانت ضحية للعنف المنهجي من مختلف الحكومات، ويواجه السودانيون ‏بالفعل الآن واحدة من أسوأ الصراعات في تاريخهم.

ماذا حدث؟

في 15 أبريل، استيقظ مواطنو العاصمة السودانية الخرطوم على ما اعتبره الكثيرون أمرًا لا مفر منه بعد أن أعلن ‏الجيش السوداني والميليشيا شبه العسكرية المعروفة باسم قوات الدعم السريع الحرب ضد بعضهما البعض مما أدى ‏إلى تدهور الأوضاع المعيشية التي كانت صعبة بالفعل، مع القليل من الاهتمام بمعاناة الشعب السوداني المحاصر ‏في المنتصف بين جانبين مسلحين.‏

وتضم هذه الحرب الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (‏حميدتي) ومنذ وقت ليس ببعيد، كان الرجلان حليفين مقربين وعندما أطاحت الانتفاضات بعمر البشير، شكلا حكومة ‏عسكرية - مدنية في أغسطس 2019، وقد حرصا على تصوير أنفسهما كحراس للثورة على الرغم من أن ‏السودانيين لم يصدقوا الكثير مما يقال.

واعتقدت القوى الغربية أن بإمكانهم استخلاص إصلاحيين حقيقيين، وفي ‏أكتوبر 2021، نشبي الخلاف بين البرهان، بمساعدة حميدتي، والمكون المدني في الحكومة الانتقالية، وعكست ‏تطورات الأحداث اتجاه الآمال في انتقال ديمقراطي مدني وبعد شهور من الضغوط الداخلية والخارجية، وقع كلاهما ‏على إطار عمل تدعمه الأمم المتحدة في ديسمبر 2022 لاستعادة انتقال السودان إلى الديمقراطية وتم إيلاء القليل ‏من الاهتمام للكيفية التي أدى بها هذا الإطار إلى تفاقم التوترات حيث كان الجيش والدعم السريع يخشيان فقدان ‏القوة والسيطرة لصالح بعضهما البعض خلال هذه الفترة الانتقالية. ‏

ولم يرَ دبلوماسيون غربيون ودبلوماسيون أمميون أن الأزمة مقبلة وأخفق الغالبية في توقعها، رغم أن العديد من ‏المراقبين السودانيين والإقليميين حذروا من هذا السيناريو.‏

الآثار الإقليمية

يقع السودان على مفترق طرق بين الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والقرن الأفريقي، ويحده سبع دول وامتد القتال، ‏الذي بدأ من العاصمة الخرطوم، الآن إلى أجزاء أخرى من الدولة، بما في ذلك دارفور، حيث يقوم كلا الفاعلين ‏الرئيسيين بالحشد على أسس قبلية وعرقية، وتلوح في الأفق التداعيات الإقليمية والدولية لهذه الأزمة حيث من ‏المرجح أن يتحول القتال إلى حرب أهلية إذا لم يتوقف قريبًا وفي هذه المرحلة، لا أحد يعرف ما إذا كان الجيش أو ‏الدعم السريع سيهزم أحدهما الآخر، ولكن استمرار الحرب سيكون له عواقب وخيمة على الشرق الأوسط والقرن ‏الأفريقي كما أن جر الرعاة الإقليميين والجيران، مثل تشاد وجنوب السودان ومصر وإريتريا وإثيوبيا وليبيا إلى ‏صراع إقليمي هو احتمال واضح.‏

وللأزمة تداعيات أوسع حيث أن العديد من القوى الخارجية، التي كانت نشطة في السودان في العقد الماضي ‏لاستغلال النفط والموارد، لن تبقى متفرجة على هذا الصراع ومع فك الارتباط النسبي للولايات المتحدة بشؤون ‏السودان والشرق الأوسط، زاد الفاعلون الدوليون الآخرون من مشاركتهم وكانت لروسيا خطط لتوسيع نفوذها في ‏إفريقيا لكسر عزلتها بعد حرب أوكرانيا بالإضافة إلى التفاوض على الصفقات العسكرية والاقتصادية التي تسمح ‏لروسيا باستخدام موانئ السودان على الطرق التجارية الرئيسية إلى أوروبا، وكانت هناك اتهامات بأن مجموعة ‏فاجنر الروسية متورطة في تعدين الذهب غير المشروع في السودان. ‏

وعلى جبهة أخرى، استثمرت الصين، الشريك التجاري الأكبر للسودان، بشكل كبير في البنية التحتية واستخراج ‏النفط في السنوات الماضية، ما منحها مصالح كثيرة ترغب في حمايتها من تداعيات هذا الصراع.

ويدعم منتجو النفط ‏الأثرياء، السعودية والإمارات، الذين تدخلوا في تشكيل التحول في السودان واستثمروا في مجموعة من المشاريع ‏الاقتصادية والعسكرية وخاصة في الموانئ على البحر الأحمر.

وتثير الأزمة روايات وردود فعل متباينة ويتوقع المراقبون الأوروبيون أزمة لاجئين أخرى، وترى الدول المجاورة ‏عدم استقرار الأزمة وإلقاء أعباء إضافية على اقتصاداتها المثقلة بالمتاعب، ويجب على المنظمات الإنسانية التعامل ‏مع أزمة إنسانية كبرى أخرى دون تحضير أو استعداد كافيين، وتتنافس القوى الدولية على فرص لتوسيع نفوذها، ‏ولكن بالنسبة للشعب السوداني، فإن بلادهم تنهار تحت وطأة الظلم المتراكم والمظالم ومؤخرًا العنف.

ويرجح ‏التقرير أن السودانيون يقتربون من الانضمام إلى نظرائهم العرب في دفع ثمن الحلم بالرفاهية الاقتصادية والحرية.