الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

حجر عثرة فى طريق التطبيع المصري التركي..أنقرة توقع اتفاقية للتنقيب عن الغاز قبالة السواحل الليبية

السيسي وأردوغان
السيسي وأردوغان

يبدو أن جهود إعادة التطبيع بين مصر وتركيا تمر باختبار صعب للغاية؛ بسبب خطوات أنقرة الاستفزازية في ليبيا، بعد إعلان تركيا، بالأمس، توقيع اتفاقية تنقيب عن الغاز بالمياه الليبية، التوقيع جاء مع حكومة عبد الحميد دبيبة منتهية الصلاحية، والتي تسيطر على العاصمة طرابلس وترفض تسليم السلطة لحكومة فتحي باشاغا، المُعينة من قبل برلمان طبرق، بدعم من الميليشيات المسلحة وأنقرة.

ففي خطوة غير متوقعة، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرته الليبية نجلاء المنقوش من العاصمة طرابلس، أمس الاثنين، توقيع مذكرة تفاهم للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية وعلى الأراضي الليبية، من قبل شركات تركية ليبية مشتركة، وقال الوزير التركي: "هذه المذكرات هي مسألة بين دولتين تتمتعان بالسيادة، وهي مكسب للطرفين وليس للدول الأخرى الحق في التدخل في هذه الأمور".

ورحبت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش بهذا الاتفاق الذي وصفته بـ"المهم" والذي جرى توقيعه "في ظل الأزمة الأوكرانية وتداعياتها" بحسب وصفها. 

 

أول تعليق مصري

وفي أول تعليق مصر على الاتفاق، اعتبرت القاهرة وآثينا الاتفاق غير قانوني، ورفضت مصر واليونان توقيع حكومة الوحدة في ليبيا مذكرتي تفاهم مع تركيا، في مجال الموارد الهيدروكربونية، للقيام بالاستكشاف والتنقيب عن الغاز والنفط. وقالت الخارجية المصرية، في بيان، إن الوزير سامح شكري ونظيره اليوناني نيكوس ديندياس، أكدا أن "حكومة الوحدة" المنتهية ولايتها في طرابلس لا تملك صلاحية إبرام أية اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم".

أما المتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، قال في مداخلة هاتفية: "في الحقيقة أمر مستغرب جدًا أن تستمر هذه الحكومة منتهية الصلاحية في أداء عملها وفي توقيع هذا النوع من الاتفاقيات التي تؤثر على مستقبل ليبيا ومستقبل التعاون على ثروات ليبيا".

أضاف السفير: "حكومة منتهية الولاية والبرلمان الليبي نزع الثقة عن هذه الحكومة وبالتالي ليس لها هذه الصلاحية"، مشيرًا إلى أن ملتقى الحوار السياسي الليبي الصادرة في شهر ديسمبر 2020م، تنص المادة السادسة، الفقرة العاشرة على التالي: "لا تنظر السلطة التنفيذية خلال المرحلة التمهيدية في أي اتفاقيات أو قرارات جديدة أو سابقة بما يضر باستقرار العلاقات الخارجية للدولة الليبية أو يلقي عليها التزامات طويلة الأمد". 

تابع: "مصر موقفها واضح تجاه هذه الاتفاقيات ومن هذه الحكومة منتهية الولاية". 

وتولي مصر أهمية كبيرة للأوضاع في ليبيا؛ لكون البلد الشقيق هو امتداد للأمن القومي المصري من الناحية الغربية، وقد أشارت تقارير صحفية إلى أن بطء إعادة تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا يعود إلى اختلاف المواقف ووجهات النظر بين تركيا ومصر بشأن الوضع في ليبيا، فبينما تصر أنقرة على استمرار دعم الميليشيات وترفض إجلاء المرتزقة السوريين الذين جلبتهم للقتال في ليبيا، وترفض تفكيك قاعدتها العسكرية في قاعدة الوطية العسكرية غربي ليبيا، تتمسك مصر على ضرورة نزع السلاح من يد الميليشيات وإخراج المرتزقة وتوحيد المؤسسة العسكرية والأمنية.

 

 

المباحثات الاستكشافية بين مصر وتركيا

التأثير على المباحثات الاستكشافية 

وعلى الرغم من أن المتحدث باسم الخارجية، لم يربط التطورات الأخيرة في ليبيا بالمباحثات الاستكشافية بين مصر وتركيا، وقال إن مصر تنظر إلى ذلك الملف من منظور ليبي ومدى تأثيراته على الوضع والاستقرار هناك، إلا أنه أوضح أن تلك المباحثات متوقفة في الوقت الحالي من دون أن يعطي تفاصيل في ذلك.

قال السفير أحمد أبو زيد إن رفض مصر لهذه الاتفاقية مسألة مبدأ؛ لكون الأمر يتعلق باستقرار الوضع الليبي، وأن توقيع مثل هذه الاتفاقيات يزيد المشهد الليبي تعقيدًا، ويعقد التوافق المطلوب للوصول إلى انتخابات برلمانية ورئاسية.

تصريحات أبو زيد، أعادت الأذهان إلى تصريحات سابق للوزير سامح شكري، كان قد أصدرها في منتصف ديسمبر من العام 2019، خلال مشاركته في منتدى روما للحوار المتوسطي، وعلق خلالها على الاتفاقيتين غير القانونيتين اللتان أبرمهما رئيس الحكومة الليبية وقتها فائز السراج مع الرئيس التركي رجب أردوغان، في 27 نوفمبر 2019 في اسطنبول تنص أولهما على تحديد مناطق النفوذ البحري بين الطرفين، والثانية على تعزيز التعاون الأمني بينهما.

وقال الوزير سامح شكري وقتها إن الوضع في ليبيا لا يحتمل أي تعقيدات إضافية، ولا يوجد مساس لمصالحنا في مصر من اتفاق تركيا وحكومة طرابلس، ولكن يوجد مساس لمصالح دول أخرى في منطقة المتوسط، وعلينا أن نتساءل ما هدف هذا الاتفاق والسرعة القياسية لعقده".

الوزير جاويش أوغلو ونظيرته الليبية نجلاء المنقوش

اتفاق غير قانوني وهو رد للجميل التركي

الاتفاق التركي الليبي، هو اتفاق غير قانوني؛ لكونه جاء من جهة ليبية فاقدة للشرعية وللصلاحية الدستورية التي تخول لها فعل ذلك؛ فوفق خارطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي الصادرة في شهر ديسمبر 2020م، تنص المادة السادسة، الفقرة العاشرة على التالي: "لا تنظر السلطة التنفيذية خلال المرحلة التمهيدية في أي اتفاقيات أو قرارات جديدة أو سابقة بما يضر باستقرار العلاقات الخارجية للدولة الليبية أو يلقي عليها التزامات طويلة الأمد".

خطوة حكومة الدبيبة منتهية الشرعية، لا يمكن فهمها إلا في سياق رد الجميل لتركيا، بعدما دعمت أنقرة الدبيبة  في المواجهات العسكرية الأخيرة التي وقعت مع حكومة فتحي باشاغا الشرعية خلال الفترة القليلة الماضية؛ إذ سجلت تقارير ميدانية عودة ظهور الطائرات المسيرة التركية من طراز "بيرقدار" في ساحة القتال واستهداف الأرتال العسكرية التابعة لحكومة باشاغا.

لذلك فإن اتفاقية التنقيب عن الغاز الليبي من قبل تركيا لا يمكن فهمها إلا في سياق الثمن الذي تدفعه السلطة في طرابلس لقاء الحفاظ على الدعم التركي في مواجهة الحكومة المعينة من قبل البرلمان بقيادة وزير الداخلية السابق باشاغا. 

تعليق حكومة فتحي باشاغا 

قالت حكومة باشاغا في بيان إنها "ستبدأ التشاور المباشر مع الشركاء الوطنيين والإقليمين والدوليين، للرد بشكل مناسب على هذه التجاوزات التي تهدد مصلحة الأمن والسلم في ليبيا والمنطقة". ونوهت إلى حقها باللجوء للقضاء لوقف الاتفاقية، وفقا للبيان.

ورفض عقيلة صالح رئيس مجلس النواب ومقره شرق ليبيا، الاتفاقية المبرمة بين أنقرة وطرابلس، مؤكدا في بيان أن "أي اتفاقية أو معاهدة أو مذكرة تفاهم، مع حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، مرفوضة وغير قانونية".

وأشار صالح إلى أن أي مذكرة تبرم يجب أن تتم عبر رئيس الدولة أو البرلمان، أو عبر الحكومة الشرعية التي نالت ثقة البرلمان، ممثلة في حكومة فتحي باشاغا والتي أعلنت بدورها رفضها للاتفاقية الليبية التركية.