السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

عاجل| جمود في المحادثات.. لماذا حذرت مصر من توقف المفاوضات حول سد النهضة؟

سد النهضة الإثيوبي
سد النهضة الإثيوبي

دعت مصر إلى استئناف المفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي المتنازع عليه في أسرع وقت ممكن، وحذرت من تداعيات الجمود في المحادثات وجددت القاهرة مؤخرًا دعوتها لاستئناف المفاوضات مع إثيوبيا بشأن السد المثير للجدل الذي تبنيه على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل، حيث توقفت المحادثات منذ أكثر من عام ونصف.

مصر تتمسك بضرورة استئناف المفاوضات

وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال لقائه وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، على ضرورة استئناف المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة الإثيوبي بأسرع ما يمكن بهدف التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم لملء السد وتشغيله بما يخدم مصالح جميع الأطراف ويحافظ على حقوق مصر في مياه النيل.

وفي لقاء آخر مع المبعوث الأممي الخاص للقرن الأفريقي حنا تيتيه في القاهرة في 12 سبتمبر، حذر شكري من الوضع الراهن بشأن السد المتنازع عليه، قائلا: إنه عامل عدم استقرار يهدد مصالح شعوب المنطقة ويمتد خطره إلى أجيال المستقبل، وكانت إثيوبيا قد أعلنت الانتهاء من الملء الثالث لخزان سد النهضة بـ 22 مليار متر مكعب من المياه وعمقت تلك الخطوة الأزمة مع مصر والسودان اللتين تواصلان رفض أي تحرك أحادي دون التوصل إلى اتفاق بشأن السد.

رسالة إلى مجلس الأمن الدولي

وكانت مصر قد قدمت رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، أعربت فيها عن رفضها القاطع لخطط إثيوبيا لمواصلة ملء السد من جانب واحد خلال موسم الأمطار، في ظل عدم وجود اتفاق ينظم ملء وتشغيل السد الإثيوبي.

ودخلت مصر والسودان وإثيوبيا في نزاع مرير منذ عقد من الزمان بشأن سد النهضة، وسط مخاوف في القاهرة والخرطوم من أن السد سيقلص إمداداتها المائية من نهر النيل. 

ومع ذلك، وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود وسط مخاوف متزايدة من اندلاع صراع عسكري في المنطقة المضطربة بالفعل.

وأشار ديفيد شين، السفير الأمريكي السابق لدى إثيوبيا، في تصريحاته لصحيفة واشنطن تايمز إلى أنه لم يحدث صدام حتى الآن بين دول المصب وإثيوبيا لأن ملء خزان السد على مدى ثلاث سنوات تزامن مع هطول أمطار موسمية غزيرة، وبالتالي لم يضر مصر أو السودان.

وتابع شين: "ما دامت الأمطار طبيعية أو أفضل من المعتاد في حوض النيل، فلا ضرر على دول المصب خلال عمليات الملء المستقبلية للخزان وفي هذه الحالة، سيكون من الجيد أن يكون هناك تفاهم بين البلدان الثلاثة، لكن هذا ليس ضروريًا".

وكانت إثيوبيا قد أعلنت في 19 يوليو 2021، أنها انتهت من ملء خزان السد للعام الثاني على التوالي، بحوالي 13.5 مليار متر مكعب من المياه، يضاف إليها 4.9 مليار متر مكعب من المياه تم تخزينها خلال مرحلة الملء الأولى في يوليو 2020 ورفضت مصر والسودان هذه الخطوات أحادية الجانب في غياب اتفاق.

وفي فبراير، أعلنت إثيوبيا أيضًا عن التشغيل الجزئي للسد من خلال توليد الكهرباء المحدود لأول مرة، وهي خطوة أدانتها دولتا المصب أيضًا واعتبرتها انتهاكًا لإعلان المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث في عام 2015، وحظرها على أي منهم اتخاذ إجراءات أحادية الجانب في استخدام مياه نهر النيل ومع ذلك.

ويعتقد شين أن الأزمة لم تبلغ ذروتها بعد ويرى أنه ستكون هناك مشكلة إذا كانت هناك عدة سنوات متتالية من الأمطار السيئة للغاية في حوض النيل كما حدث في منتصف الثمانينيات.

وأضاف: "بعد ذلك سيكون من المهم التوصل إلى نوع من الاتفاق أو التفاهم بين إثيوبيا ومصر والسودان بشأن كمية المياه التي تطلقها إثيوبيا من الخزان خلف السد".

على مدى سنوات، لم تفلح جهود مصر والسودان في إقناع إثيوبيا بالموافقة على اتفاقية قانونية تنظم عملية ملء السد وتشغيله خلال سنوات الجفاف التي تقل فيها الأمطار، وخلالها تكون كمية المياه التي ستنظمها أديس أبابا وسيتم إطلاقها تجاه دولتي المصب بمعدل أقل كما يطالب البلدان بآلية فعالة وملزمة لتسوية النزاعات المستقبلية، بينما تصر إثيوبيا على اتفاق يتضمن مبادئ توجيهية غير ملزمة.

وفشلت جهود الاتحاد الأفريقي منذ يونيو 2020 للتوسط في صفقة من أجل إنهاء الجمود بين الدول الثلاث وعقدت الجولة الأخيرة من المفاوضات حول سد النهضة في كينشاسا في أبريل 2021، لكنها لم تصل إلى اتفاق بشأن استئناف المفاوضات مع اتهام كل جانب للطرف الآخر بعرقلة المحادثات وأعربت الدول الثلاث مرارا عن نيتها استئناف المفاوضات في محاولة لتسوية النزاع، ولكن لم تكن هناك إرادة سياسية كافية على ما يبدو للتغلب على الخلافات والعودة إلى طاولة المفاوضات.

دور الإمارات في الأزمة

كما نشطت الإمارات في الدبلوماسية لتسوية الخلاف حيث تقيم أبوظبي علاقات وثيقة مع الدول الثلاث وفي غضون ذلك، تراجعت المساعي الدولية لتسوية الخلاف بشكل ملحوظ، في ظل انشغال الغرب بالحرب الروسية على أوكرانيا، إلا أن البيانات الدبلوماسية المتبادلة بين مصر وإثيوبيا تشير إلى أن الصراع قد ينفجر في أي لحظة، وقد يكون له تداعيات على المنطقة بأسرها.

وقال ريكاردو فابياني، مدير المشاريع في شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، لموقع المونيتور الأمريكي: “لم نشهد بعد أي تقدم كبير في استئناف المفاوضات أو إعادة بناء الثقة بين الأطراف المعنية”.

وأكد أن "مصر على شفا الإحباط من عدم إحراز تقدم في هذا الملف وتحاول إبقاء اهتمام المجتمع الدولي بهذا الخلاف عاليًا".

وفي صيف عام 2021، تمكنت القاهرة والخرطوم من إضافة نزاع سد النهضة إلى جدول أعمال مجلس الأمن الدولي للمرة الثانية، على الرغم من رفض إثيوبيا وفي ذلك الوقت، دعا المجلس الدول الثلاث إلى العمل تحت رعاية الاتحاد الأفريقي بشأن القضايا العالقة. 

منذ ذلك الحين، يسعى الاتحاد الأفريقي إلى استئناف المفاوضات، لكن دون جدوى، ويعتقد فابياني أنه "من الصعب تخيل كيف يمكن لمصر والسودان الآن إيقاف إثيوبيا، بالنظر إلى مدى تقدم أعمال البناء ولكن هذا لا يعني أن سد النهضة أصبح حقيقة واقعة".

وأشار إلى أن الضغط الدولي على أديس أبابا لا يزال قويا للغاية، والمضي قدما دون تقديم أي تنازلات للقاهرة والخرطوم قد يكون مكلفا للغاية من الناحية الدبلوماسية بالنسبة لإثيوبيا.

وأعرب جو بايدن خلال اجتماع عقده  مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في يوليو الماضي، عن دعم واشنطن للأمن المائي لمصر.

وشدد على أهمية اتخاذ قرار دبلوماسي يحقق مصالح جميع الأطراف المشاركة في سد النهضة ونبذ الخلاف والمساهمة في منطقة أكثر سلامًا وازدهارًا.