الثلاثاء 30 أبريل 2024 الموافق 21 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

فرغلي وبشاري يحددان 6 أسباب وراء انفجار "الإخوان" من ‏الداخل

الرئيس نيوز

لا تزال الأزمة الداخلية التي يشهدها تنظيم "الإخوان" المُدرج على قوائم ‏الإرهاب، بأحكام قضائية نهائية وباتة، أخذة في التصاعد دون مؤشرات ‏على قرب انتهائها رغم جهود الوساطة التي لم تنقطع بين الأطراف ‏المتنازعة، في محاولة للملمة شتات الجماعة الإرهابية.‏

في كتاب "الإخوان من السلطة إلى الانقسام أزمة تنظيم أم تنظيم الأزمة" ‏الذي كتبه الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، ماهر فرغلي، ‏والأكاديمي الإماراتي، محمد بشاري، يتطرق الكتاب إلى الأزمة الأخيرة ‏التي يشهدها التنظيم الإرهابي، والاحتمالات التي من المتوقع أن تصل ‏إليها الأزمة. ‏

يوضح الكتاب أن تنظيم "الإخوان" يتميز بالصرامة التنظيمية والدمج ‏بين علنية الدعوة وسرية التنظيم، إلا أن التنظيم عانى منذ خروجه من ‏قصر الاتحادية من سيولة كبيرة، أفقدته هذه السيولة اتزانه وجعلته ‏ينتقل من حالة التماسك والوحدة إلى التفكك، إلى الدرجة التي أفقدته ‏بوصلته وشكله المعروفة به. ‏

يلفت الكتاب إلى أن أزمة التنظيم لم تتوقف عند حدود السيولة، بل ترتب ‏على اشتداد الضربات الأمنية وتعرض غالبية القيادات للسجن، ترنح ‏التنظيم وصار يعاني الانقسامات، وكان عام 2021 فارقًا في تك ‏الانقسامات الداخلية التي طالت العديد من الملفات. ‏



يذكر فرغلي وبشاري أن من بين أبرز الأسباب التي قادت التنظيم ‏الإرهابي إلى الانقسام.

 ‏
‏1 – غياب الشرعية التنظيمية: ‏

يوضح الكاتبان أن غياب القيادات المؤثرة والعناصر القيادية الفاعلة، إما ‏بسبب الهروب من الداخل إلى الخارج، أو بسبب السجن، في حين لم ‏تستطع الجماعة القيام بعملية إحلال جيدة، ويؤكد الكاتبان أن ذلك سبب ‏واضح للعديد من المشكلات التي جرت فيما بعد. ‏

سمى الكاتبان عددًا من القيادات الهاربة التي حاولت "عسكرة التنظيم ‏وتثويره" بشكل علني، وهم (محمد وهدان – محمد كمال – محمد سهد عليوة – ‏محمود غزلان – عبد الرحمن البر – عبد العظيم الشرقاوي – مجدي ‏شلش)، وأوضح الكاتبان أن تلك المجموعة أجرت عدة اتصالات لإعادة ‏هيكلة التنظيم وفق رغباتهم إلا أنه غاب عنهم أن الظروف الأمنية ستعيق ‏وجود أي إدارة. ‏

لكن هنا برز تساؤل مهم، حاول فرغلي وبشاري، الإجابة عنه وهو،

إذا كانت هذه المجموعة السابق ذكرها حاولت عسكرة التنظيم وتثويره ‏بشكل علني، فماذا كان ردة فعل القيادات التاريخية للتنظيم الإرهابي؟ ‏

يجيب الكاتبان: ‏

‏"دفعت ظروف عمليات الهروب والخروج والخلخلة التي أصابت بنية ‏الجماعة إلى الموافقة على الإدارة الجديدة، كما حازت استراتيجيتها ‏الجديدة رضا الجميع في هذه الفترة، وكان أغلب العناصر بما فيما ‏محمود عزت يعانون من صدمة الخروج من الحكم، ولم يبد أي منهم في ‏البداية حالة الرفض للمواجهة مع القوات التي كانت تعترض الفعاليات ‏والتظاهرات، حتى لو وصل ذلك إلى إطلاق الرصاص، وكان بعض ‏المعترضين يبدون في هذه الفترة فقط رفضهم أن يطلق على هذه الإدارة ‏‏(مكتب الإرشاد)، ومن ثم اعيد تعريفها لتسمى (اللجنة الإدارية العليا)".‏

خطة الإنهاك والإرباك

وعن الأحداث الميدانية العنيفة التي شهدها الشارع المصري جراء ‏ممارسات ما يسمى "اللجنة الإدارية العليا"، يقول الكاتبان إن هذه اللجنة ‏اعتمدت خطة أطلق عليها وقتها "الإنهاك والإرباك"، وتعني المواجهة ‏المفتوحة مع الدولة المصرية، إلا أن 5 من الـ 9 (أعضاء اللجنة الإدارية ‏العليا)، رفضوا اعتماد هذه الاستراتيجية، فقرر القيادي محمد كمال توسيع ‏التشاور حولها (في إشارة إلى أخذ رأي أعضاء المكاتب الإدراية)؛ لأنه ‏كان يعلم أن أغلب أعضاء هذه المكاتب من القطاع الشبابي سيؤيدونها ‏دون تفكير.‏

بطرح كمال لهذه الخطة التي عرفت بـ"خطة أغسطس 2014"، للمناقشة ‏تم إقرار الخطة والضوابط والسياسات المرتبطة بها، على أن تراجع تلك ‏الخطة كل 3 أشهر. ويؤكد الكاتبان أن ردة الفعل الشرطية على تلك ‏الخطة كان قويًا، فواجهة الأجهزة الأمنية حرق محولات الكهرباء، ‏واستهداف رجال الشرطة، باستهداف قيادات الجماعة المؤمنين بهذه ‏السياسة والقبض على الأخرين وإيداعهم السجن. ‏

يوضح الكاتبان أن فكرة الإرباك شاعت لدرجة أن عناصر الجماعة قاموا ‏بها في المحافظات المصرية في بعض الأحيان بمبادرات فردية، لتخرج ‏شعارات "ما دون الرصاص فهو سلمية". وكانت الدولة المصرية إبان ‏تلك الفنرة لا تتحمل ذلك مطلقاً.‏ 



لجنة إدارة الأزمة

في أول رد فعل من القيادات التاريخية للتنظيم الإرهابي، على ممارسات ‏ما سمي وقتها "اللجنة الإدارية العليا" التي طرحها القيادي محمد كمال، ‏ووافقت عليها المكاتب الإدراية للتنظيم في المحافظات المصرية. أصدر ‏القيادي الإخواني القائم بأعمال المرشد، محمود عزت المختفي منذ عزل ‏التنظيم من حكم مصر، قرارًا بحل ما سمي "اللجنة الإدارية العليا" وذلك ‏في 24 مايو 2015، في حين تم تشكيل لجنة بالخارج تسمى "لجنة إدارة ‏الأزمة". ‏

كما أصدر عزت قرارًا بتشكيل لجنة جديدة برئاسة محمد عبد الرحمن، ‏وبقاء محمد كمال عضوًا فيها وليس مسؤولًا، كما قرر أن يكون مكتب ‏الإخوان بالخارج أو مكتب إدارة الازمة بالخارج المنتخب حديثًا تابعًا ‏لإدارة رابطة ما تسمى "الإخوان المصريين بالداخل". ولا يكون تابعًا ‏لمحمد كمال أو اللجنة الإدارية بالداخل، كما قرر التحقيق في ممارسات ‏اللجنة السابقة وأي تجاوزات صدرت برئاسة محمد كمال. وهو الأمر الذي ‏رفضه كمال واعتبره قرارًا باطلًا؛ لكونه صدر من غير ذي صفة. ‏

من هنا بدأت الصراعات والانقسامات، حيث خرج محمود حسين، الأمين ‏العام السابق للتنظيم الإرهابي، وقال عبر فضائية "الجزيرة"، "إن نائب ‏المرشد العام للجماعة يقصد محمود عزت هو من يدير الجماعة وهو يقوم ‏مقام المرشد العام للجماعة، ليرد عليه المتحدث الإعلامي بلجنة إدارة ‏الأزمة، محمد منتصر: "الجماعة أجرت انتخابات داخلية وقامت بانتخاب ‏لجنة لإدراة الأزمة. وكانت نتيجة هذه الانتخابات استمرار محمد بديع في ‏منصب المرشد العام للجماعة. وتعيين رئيس للجنة إدارة الأزمة، وتعيين ‏أمين عام للجماعة لتسير أمورها بدلًا من محمود حسين، كما قامت ‏الجماعة بانتخاب مكتب إداري لإدارة شؤون الإخوان في الخارج". ‏

يقول الكاتبان: "صدر عقب هذه البيانات المتعارضة قرارًا من مكتب ‏رابطة الإخوان المصريين بالخارج في لندن في 14 ديسمبر 2015، ‏بإقالة محمد منتصر، وتعيين طلعت فهمي متحدثًا باسم الجماعة، ومن هذه ‏اللحظة تنازع الجماعة شرعيتان، لكل منها قيادة ومجلس شورى ‏ومتحدث إعلامي ومواقع إلكترونية معبرة عنه". ‏

يوضح الكاتبان أنه بعد مقتل محمد كمال، والقبض على محمود عزت، ‏ظهر انقاسم جديد بين محمود حسين وإبراهيم منير، وكل منهما يتهم ‏الآخر بالقفز على اللائحة وعدم الشرعية. ‏



‏2 - الصراع على اللائحة

يقول الكاتبان إن ثاني أبرز أسباب انقسام التنظيم الإرهابي، كانت فكرة ‏تعديل اللائحة الداخلية للجماعة التي تضمن بلا شك شرعية إدارة ‏الجماعة الجديدة، والقضاء على الاختلافات المنهجية بين المجموعة ‏القيادية.‏

وفي ذلك السياق كان القيادي محمد كمال قد أصدر مسودتين وطرحهما ‏للنقاش، وهو ما تسبب في التشكيك في شرعية محمود عزت، خاصة أن ‏العديد من قطاعات الشباب دعمت بشكل كبير اللائحة التي وضعها كمال. ‏

‏3 - حرب الصلاحيات والنفوذ والأموال

يقول الكاتبان إن كل فريق اتهم الآخر بعدم الشرعية، وبدأ يجمد كل منهم ‏الآخر، لتبدأ حرب الصلاحيات والأدوار التنظيمية، ومنذ العام 2015 ‏كان أبرز الأسماء التي تم تجميدها محمد كمال، عضوة مكتب الإرشاد ‏السابق، عمرو دراج أمين عام حزب الحرية والعدالة بمحافظة الجيزة، ‏ويحيى حامد وزير الاستثمار الأسبق. ‏

يؤكد الكاتبان أنه عقب التجميد والفصل، اندلع ما يمكن أن نطلق عليه ‏‏"حرب بيانات وتصريحات" بين الطرفين، وربما كان أهمها البيان الذي ‏صدر يوم 18 مايو 2016، عن اللجنة الإدارية العليا، قالت فيه إن ما ‏يصدر عن محمود الإبياري ومحمد سويدان (كلاهما من مكتب لندن الذي ‏يدعم جناح عزت)، لا يعبر سوى عن نفسيهما، وأن ما يصدر عن مكتب ‏لندن لا يعبر عن الجماعة ومنهجها وتوجهاتها.‏
‏ ‏
‏4 - الخلخلة البنيوية في مفاصل الجماعة.‏

يوضح الكاتبان أن تلك الخلخلة حدثت حينما فقد التنظيم قدرته على ‏السيطرة على القواعد في أسفل بناء التنظيم، في حين كان أهم الأطر ‏الإدارية في الجماعة هي بنائها الهرمي، وقدرة قياداتها على السيطرة ‏على القواعد في أسفل بناء التنظيم،  ومع الضربات التي تلقتها خلال ‏الأعوام الأخيرة، وغياب القيادات أصبح لقطاع الشباب والمكاتب الإدارية ‏للقطاعات الإقليمية والمحافظات دور كبير، وبدا لهم بالتالي صوت كبير ‏يطالب بالتغيير، وساهم ذلك في تضخيم الانقسام. ‏

‏5 - الاختلاف حول المواجهة والإرباك ‏

يؤكد الكاتبان أن الاختلاف حول خطة المواجهة والإرباك، كان سببًا ‏كبيرًا في انفجار تنظيم الإخوان من الداخل، فالجماعة سارت منذ ‏خروجها من سجون عبد الناصر وفق استراتيجية معينة بالعمل التحتي ‏وإعادة بناء قوتها التنظيمية، وإنكار وجود نظام خاص، والعناية ببرامج ‏تربوية فكرية عسكرية للأفراد العاملين المنتقين بعناية، حتى وصلت إلى ‏السلطة وحكت لعام واحد. ‏

يقول الكاتبان إنه مع خروج الإخوان من قصر الاتحادية وعزلهم من ‏السلطة أطلق مرشد الجماعة استراتيجية معينة بدعم كل الجماعات ‏المسلحة بطريقة غير مباشرة، وأطلق عليها "سلميتنا أقوى من ‏الرصاص".
 ‏
أشار الكاتبان إلى أن الجماعة قسمت أفرادها عقب فض اعتصام رابعة ‏إلى جزأين الأول خرج للشوارع في مظاهرات سلمية، ليوفر الغطاء ‏للنظام الخاص المسلح الذي سينشط في عمليات مسلحة تستهدف إرباك ‏الدولة وإخضاع مؤسساتها، وكان صاحب تلك الاستراتيجية التي أسماها ‏‏"العمل النوعي" عضو مكتب الإرشاد محمد كمال.‏ 



‏6 - فشل الإرباك وتعافي الدولة المصرية 

يقول الكاتبان إن خطة الإنهاك والإرباك فشلت نتيجة الضربات الأمنية ‏الموجعة لها، إلى جانب عودة ظهور محمود عزت الذي قام بتجميد ‏العديد من قيادات الكماليون واللجان النوعية.‏