الثلاثاء 30 أبريل 2024 الموافق 21 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

تحديات القمح..هل تنجح مصر فى زيادة إنتاجها من الذهب الأصفر؟

الرئيس نيوز

تعمل الحكومة المصرية على زيادة الإنتاج المحلي من القمح للوصول إلى الاكتفاء الذاتي، بعد أن أضافت الحرب الروسية على أوكرانيا العديد من التحديات أمام جهود الحكومة لتأمين احتياجات البلاد للأمن الغذائي، وأثارت الحرب الروسية على أوكرانيا مخاوف مصر بسبب تأثر وارداتها من القمح التي تحتاجها وفي عام 2021، جاء 80٪ من واردات مصر من القمح من روسيا وأوكرانيا.

وتطبق الحكومة المصرية سياسات تهدف إلى تأمين معدل آمن للقمح المحلي لتلبية 70٪ من الاحتياجات المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات وقد أثبتت هذه السياسات فعاليتها في موسم حصاد القمح المحلي الحالي،وفقًا لتقرير موقع المونيتور الأمريكي، فقبل بدء الموسم الزراعي الحالي لمحصول القمح في نوفمبر 2021، حددت الحكومة المصرية سعر الشراء بين 800 و820 جنيهًا مصريًا (44.60 دولارًا) للأردب للقمح الذي تشتريه الحكومة من المزارعين المحليين، بزيادة قدرها 15 ٪ عن العام السابق لتشجيعهم على التوريد لصوامع الدولة.
وسط التوتر الدولي الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا وتداعياته على صادرات القمح الأوكرانية، قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي منح حافز إضافي للمزارعين، ليرتفع سعر القمح المحلي إلى 885 جنيهًا مصريًا (48 دولارًا) لتشجيعهم من أجل توفير أكبر كمية ممكنة لصوامع التخزين الحكومية ومن المتوقع أن تعوض هذه الخطوة الجريئة العجز الناجم عن تأخر أي شحنات من القمح المستورد.

وشهد العام الحالي أعلى مستويات إنتاج وتوريد القمح المحلي إذ تطبق الحكومة سياسات تهدف إلى التوسع في زراعة القمح ورفع الإنتاجية للفدان [1.04 فدان] في إطار رؤية مصر 2030 وقد بدأت هذه السياسات تؤتي ثمارها، حيث زادت المساحة المزروعة بالقمح بمقدار 260 ألف فدان [270 ألف فدان] هذا العام لتصل إلى 3.8 مليون فدان هذا بالإضافة إلى زيادة الإنتاجية لكل فدان باستخدام وتطوير أصناف جديدة مقاومة للجفاف والحشرات والملوحة.

وأضاف التقرير: "كانت الظروف المناخية في فصل الشتاء هذا العام مثالية لمحصول القمح وبفضل هذه السياسات الجديدة قد نصل إلى المعدل الآمن من خلال إنتاج 70٪ من الاحتياجات المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات".

تجدر الإشارة إلى أن تحديد سعر شراء القمح من المزارعين كان له أثر كبير في تشجيع المزارعين على زراعة القمح كما أدت الحملات الوطنية المكثفة التي قامت بها وزارة الزراعية خلال الفترة الماضية إلى زيادة وعي المزارعين حول استخدام طرق الري الحديثة، مما أدى إلى زيادة الإنتاجية بشكل كبير وبلغ الإنتاج المحلي من القمح هذا العام أعلى مستوى له بنحو 10 ملايين طن.

وتقدر احتياجات مصر السنوية من القمح بنحو 18-20 مليون طن، قد يكون من الصعب تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل، لكن السياسات التوسعية في إنتاج القمح يمكن أن تحقق معدلًا آمنًا من خلال إنتاج 70٪ من الاحتياجات المحلية.

وحددت رؤية مصر 2030 فيما يتعلق بالزراعة مجموعة من الأهداف للتوسع في زراعة القمح وتشمل هذه الأهداف التوسع الرأسي عن طريق زيادة الإنتاجية للفدان باستخدام أصناف جديدة من القمح ذات الإنتاجية العالية وطرق الري الحديثة. كما يشمل التوسع الأفقي بزراعة أراضٍ جديدة خارج مناطق الوادي والدلتا، وذلك باستخدام أصناف القمح المناسبة لطبيعة هذه الأراضي وتلك التي يمكن أن تتكيف مع الظروف المناخية المختلفة والملوحة والجفاف. 

ويظل معدل الطلب المحلي على القمح في مصر، التي يتجاوز عدد سكانها 103 مليون نسمة، الأعلى في العالم، إذ تستهلك مصر سنويا ما يعادل 18.5 مليون طن من القمح، بينما يصل نصيب الفرد إلى 182 كيلوجرامًا (401 جنيهًا) سنويًا وحسب أحدث الإحصائيات الرسمية، تبلغ نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح، وهي قيمة الإنتاج المحلي إلى حجم الاستهلاك، 40.8٪ وعلاوة على ذلك، تشير المؤشرات إلى زيادة حجم الإنتاج المحلي خلال الموسم الزراعي الحالي إلى 10 ملايين طن، يتم توفير ما يقرب من 60٪ منها لصوامع التخزين الحكومية. يأتي ذلك جنبًا إلى جنب مع الحوافز المالية الحكومية غير المسبوقة لتشجيع المزارعين على بيع منتجاتهم للدولة.

وأطلقت الحكومة المصرية في نوفمبر 2021 المشروع القومي للصوامع الذي يهدف إلى تطوير وتحديث الصوامع الموجودة للقمح المحلي والمستورد وبناء صوامع جديدة وفي نفس الوقت تقليل معدلات الفاقد بسعة تخزين إجمالية 4.5 مليون طن، وفي 23 مارس، أكد الرئيس السيسي أن مخزون القمح الاستراتيجي في مصر سيستمر لمدة أربعة أشهر، وبالرغم من محاولات الحكومة رفع الإنتاج المحلي من القمح، إلا أن الزيادة الكبيرة في حجم الاستهلاك المحلي لا تزال تشكل تحديًا كبيرًا إذ يتجاوز استهلاك الفرد من القمح المتوسط العالمي بأكثر من 100 كيلوجرام [220 رطلاً] سنويًا ولا يزال الخبز أهم عنصر غذائي في مصر.

إن سياسات التوسع الرأسي في زراعة مناطق جديدة بالقمح يجب أن تأخذ في الاعتبار كفاية الموارد المائية للزراعة والظروف المناخية. وأشار إلى أنه "لا يمكن الاستغناء عن محاصيل أخرى في الوادي والدلتا مقابل زراعة القمح، حيث توجد محاصيل استراتيجية أخرى مثل الأرز والذرة، ويستهلك القطاع الزراعي في مصر حوالي 85٪ من نصيب مصر من مياه النيل المقدرة بنحو 55.5 مليار متر مكعب سنويًا وفي ظل التوسعات الحكومية في القطاع الزراعي واعتماد مشاريع وطنية جديدة، لجأت الدولة إلى عدة برامج لتعزيز كفاءة استخدام المياه واعتماد أساليب الري الحقلي الحديثة كما تعمل الدولة على زيادة اعتمادها على مصادر المياه غير التقليدية مثل تحلية مياه البحر وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي.
وبحسب تصريحات وزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي، فإن كفاءة استخدام المياه في مصر تصل إلى 85٪، وهي أعلى نسبة في إفريقيا وتعتمد محاولات الحكومة للتوسع في زراعة القمح على قدرتها على توفير أسعار مجزية تحفز المزارعين على زراعة القمح وتزويده بالدولة في وقت تضاعفت فيه أسعار مدخلات الإنتاج، مما دفع المزارعين إلى زراعة مواد غذائية ذات عوائد أعلى.