الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

صحيفة أمريكية: قطر تناور بملف أفغانستان لكسب ود إدارة بايدن

الرئيس نيوز

نقلت صحيفة Your Middle East عن خبراء قولهم إن قطر تسعى لترك انطباعات جيدة لدى الرئيس الأمريكي جو بايدن حول قدرتها على لعب دور مهم على المستوى الإقليمي. 

وينظر المراقبون إلى الضغط القطري لترويض حركة طالبان في أفغانستان وإحضار قادتها إلى طاولة المفاوضات مع الدول الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة، ببعض الشك والريبة.ويعتقد الخبراء أن الدوحة تزهو بعلاقتها الفريدة بحكة طالبان وتيد إقناع الرئيس الأمريكي جو بايدن بقدرتها على لعب دور على المستوى الإقليمي، بعد شهر من تعامل واشنطن ببرود مع جميع العروض التي قدمتها قطر للاستفادة من علاقتها بالبيت الأبيض.

وصُدمت قطر، التي كانت تتوقع أن يسير بايدن على خطى الرئيس السابق باراك أوباما في المراهنة على دورها في تهدئة قوى الإسلام السياسي، عندما تجاهل الرئيس الأمريكي العروض التي قدمتها عبر بعض المستشارين الأمريكيين.

وتعرف الدوحة جيدًا أن أي استفزاز لواشنطن لن يكون مفيدًا وقد يؤدي إلى نتائج عكسية، لذا تختار الآن جذب انتباه بايدن وإثارة إعجاب الرئيس الأمريكي بمناورات أكروباتية عندما يتعلق الأمر بالقضية الأفغانية التي يريد الأمريكيون حلها بفاغ الصبر.

بعد أطول حرب في تاريخها، تتعرض الولايات المتحدة الآن لانتقادات بسبب انسحابها الفوضوي من أفغانستان، خاصة بعد السقوط المفاجئ لرئيس الحكومة أشرف غني ونداء واشنطن للمساعدة في إجلاء الأمريكيين والمتعاونين الأفغان. 

وتدرك قطر أن الولايات المتحدة قد ينفد صبرها إذا انتظرت كثيرًا حتى تستطيع الدوحة إقناع طالبان بالجلوس إلى طاولة المفاوضات والتخلي عن خططهم للحكم بمنهجية ثيوقراطية ضيقة الأفق. لذا فإن واشنطن، في هذا الصدد، قد يكون لديها خيارات أخرى، وفقا للخبراء.

دفع هذا الإدراك القطريين إلى تكثيف جهودهم، واقتراح عدد من الحوافز على طالبان، بما في ذلك عرض لإعادة تأهيل مطار أفغانستان الدولي في كابول والمساعدة في استئناف الرحلات الجوية. 

وسيسمح عرض كهذا لطالبان بالانفتاح على العالم والحصول على مساعدات إنسانية أساسية يمكن أن تخفف عن الحركة الكثير من الأعباء وخاصة على الصعيد الاقتصادي علاوة على كسر العزلة الدولية التي تعاني منها الحركة. لكن الخبراء استبعدوا أن تعترف قطر رسميًا بطالبان كحاكم شرعي لأفغانستان، في غياب الضوء الأخضر من الولايات المتحدة.

قال سامي حمدي، رئيس تحرير مجلة The National Interest، التي تصدر عن شركة عالمية متخصصة في المخاطر والاستخبارات، إن قطر تسعى إلى تحقيق هذا التوازن الدقيق للغاية، حيث قالت الدوحة لطالبان: "أنا في صفكم، أنا حليفكم ويمكنني مساعدتكم على التحدث مع الأمريكيين".

وأضاف حمدي، في مقابلة مع موقع ARAB DIGEST، أنه عندما تطلب طالبان اعترافًا رسميًا، ستقول قطر: "لا، لا، انتظروا، أريد أن أرى أولاً ما يريده بايدن قبل أن أفعل ذلك"، ونفس الشيء صحيح بالنسبة لتركيا وباكستان. 

كانت قطر قد صرحت بالفعل أن حركة طالبان أظهرت العديد من البوادر البراجماتية وأنه ينبغي الحكم عليهم من أفعالهم باعتبارهم حكام أفغانستان بلا منازع، لكن الدوحة لم تعلن عن الاعتراف الرسمي بالحكة الأفغانية.

وقالت مساعدة وزير الخارجية القطري لولوة الخاطر لوكالة الأنباء الفرنسية في مقابلة خاصة في وقت متأخر من يوم الاثنين الماضي: "دعونا نغتنم الفرص هناك.. وننظر إلى تصرفاتهم العامة لتقييمها". 

وأضافت الخاطر قبل أن تكشف طالبان النقاب عن حكومتها المؤقتة المتشددة "إنهم الحكام الفعليون، ولا شك في ذلك".

حكومة طالبان

عينت حركة طالبان حكومة بالوكالة برئاسة الملا محمد حسن أخوند أمس الأول، الثلاثاء، لكنها لم تحصل بعد على اعتراف رسمي من أي دولة عضو في الأمم المتحدة، بما في ذلك قطر. 

ولكن لولوة الخاطر، المتحدثة باسم قطر على المسرح العالمي، أشارت إلى "بعض الإشارات الطيبة" من حكام طالبان الجدد في أفغانستان. 

وقالت الخاطر: "حقيقة أن العديد من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم تمكنوا من مغادرة كابول، بما في ذلك العديد من الطالبات، هي بوادر طيبة ، لأنه لولا تعاونهم، لم يكن ذلك ممكنًا". 

وذكرت الخاطر أن الاعتراف القطري بطالبان لن يأتي على الفور، أو على حد تعبيرها: "نحن لن نتسرع في الاعتراف. لكننا سنبقي قنوات الاتصال مع طالبان مفتوحة دائمًا... نحن نفضل أن نسلك الطريق الوسط".

في غضون ذلك، أعب البيت الأبيض عن القلق بشأن الحكومة التي كشفت عنها طالبان في وقت سابق من الأسبوع الجاري، إذ تتألف فقط من أعضاء طالبان ولا تضم أي نساء. 

وأشار متحدث باسم وزارة الخارجية إلى أنها حكومة "تصريف أعمال" وقال "سنحكم على طالبان من خلال أفعالها وليس الأقوال".

قطر في دائرة الضوء

قالت لولوة الخاطر إنه منذ العودة إلى السلطة، تركت طالبان إلى حد كبير السلطات الصحية الأفغانية، بما في ذلك المسعفات، تمارسن دورهن بحرية تامة في جهود مكافحة جائحة كورونا. 

وتصاعدت الدعوات من الدول الغربية والمنظمات غير الحكومية للمجموعة لاحترام حقوق المرأة والأقليات في الأيام التي أعقبت صدمة 15 أغسطس وبدء سيطرة حركة طالبان على كابول. 

وقالت الخاطر: "أفغانستان دولة ذات سيادة... يجب أن يكون لشعب أفغانستان رأيهم الخاص". وتباعت: "عندما نتحدث عن ردود أفعال أفغانستان على مطالبات المجتمع الدولي، فهذا لا يعني أن المجتمع الدولي يمكنه أو ينبغي عليه التحكم في مصير شعب أفغانستان".

وتستضيف قطر، وهي حليف للولايات المتحدة، والتي ظهرت كلاعب رئيسي في عمليات الإجلاء والجهود الدبلوماسية بشأن أفغانستان، أكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة وتم نقل ما يقرب من 120 ألف شخص جواً من أفغانستان عبر قطر، والتي تعمل أيضًا على الأرض للسماح بإعادة فتح مطار كابول، الذي بالكاد يعمل بعد انسحاب واشنطن. 

 كانت الصفقة التي أبرمت بين إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب وطالبان في الدوحة في فبراير من العام الماضي هي التي حددت مسار الانسحاب الفوضوي لواشنطن وسيطرة الحركة لاحقًا. 

وفشلت المحادثات المتقطعة بين الحكومة الأفغانية وطالبان في الدوحة التي أعقبت الاتفاق في تقديم مخطط عملي لحكومة شاملة.

الشكوك باقية

وردًا على سؤال عما إذا كانت تصرفات قطر قد ساهمت في عودة ظهور طالبان، قالت لولوة الخاطر: "لا تقتلوا الرسول". وأضافت: "كانت قطر هي الرسول... لقد قمنا بتيسير المفاوضات فحسب". 

ووضعت قطر في دائرة الضوء الدولية بعد تمكين واحدة من أكبر عمليات النقل الجوي في التاريخ في أعقاب سقوط كابول. وأشرفت لولوة الخاطر إلى حد كبير على عمليات الإخلاء في الدوحة، بل واستقبلت بعض اللاجئين الأفغان شخصيًا.

أعرب وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين، خلال زيارة إلى الدوحة استغرقت يومين، عن تقديره لأمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، في إشارة إلى توطيد العلاقات بين واشنطن والدوحة. 

وتوجت الزيارات التي قام بها موكب من كبار الوزراء والمبعوثين، اختتمها بلينكين، أسبوعًا عاصفًا من الجهود الدبلوماسية للدوحة على المسرح العالمي. 

وقالت الخاطر: "كان الكثير من الناس يشككون في وساطتنا ونهجنا، لكنني الآن أعتقد أننا نضع إمكانياتنا في اختبار حقيقي والعالم بأسره ينظر إلينا للمساعدة في هذه الوساطة وتسهيلها، فإذا احترمت طالبان حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وخاصة تعليم المرأة، فستكون هناك فوائد لذلك. إذا لم يفعلوا ذلك، فستكون هناك عواقب".

وعلى الرغم من محاولات الخاطر لتبديد الشكوك، فمن المرجح أن يكون ملف طالبان فرصة ثمينة للقطريين لكسب التأييد في واشنطن، خاصة بعد فشل المحاولات القطرية السابقة للترويج لتنظيم الإخوان كحليف للأمريكيين في الشرق الأوسط. 

وقال خبراء إن تبني قطر للحركات الإسلامية أسفر عن نتائج كارثية لكل من الدوحة وواشنطن، مشيرين إلى أن البلدين أخفقا في تحقيق أهدافهما.

ولم تحقق الدوحة ما أرادته، بما في ذلك توسيع نفوذها في المنطقة، وفشلت واشنطن حتى الآن في إيجاد حليف جديد موثوق به في الشرق الأوسط. 

وأدرك الأمريكيون خلال السنوات القليلة الماضية أن حركات الإخوان ضعيفة وتعاني من انعدام الوزن وأن مواقفهم بشكل عام متقلبة. ولهذا لم تظهر إدارة أوباما تعاطفًا مع التنظيم بعد ثورة 30 يونيو 2013 التي أدت إلى سقوط حكم المرشد في مصر.