الإثنين 06 مايو 2024 الموافق 27 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

تقرير: حرب الإبادة الجماعية ضد تيجراي تهدد مستقبل إثيوبيا


لكي تنجح أي مفاوضات في إثيوبيا التي تمزقها الحرب الأهلية، رجحت مجلة ذي إليفانت أنه ينبغي للمجتمع الدولي أن يمتنع عن اتخاذ قرار بشأن مستقبل إثيوبيا وأن يكف أصحاب الضمائر الحية عن محاولة إنقاذ نظام متهم بالإبادة الجماعي لم يعد من الممكن إصلاحه، فمع تناقضاتها الأساسية التي لا يمكن التوفيق بينها، تقع إثيوبيا وراء حجاب تمجيد الحنين إلى ماضيها غير المشرف ليس من قبيل المبالغة أن دولًا مثل إثيوبيا، المهووسة بالفخر القومي المتطرف، تعيش في أمجاد الماضي ولكنها في أمس الحاجة إلى المستقبل.
 
وتابعت المجلة: "مثل هذه الكيانات السياسية لديها أمل ضئيل في أي مستقبل قائم على التعايش المشترك وتبحث دائمًا عن ذريعة لارتكاب الفظائع ضد شعوبها وشن العدوان لغرض وحيد هو إما خلق صورة وطنية متجانسة تروق للنخبة السياسية أو استخدام الأزمة من أجل تحقيق أهداف معينة أبرزها استغلال الأزمة كعامل التوحيد والحفاظ على شريان الحياة للدولة، وبعد ما يقرب من 23 عامًا من محاولات الانتقال من إمبراطورية وحدوية إلى جمهورية ديمقراطية فيدرالية، أدى تعيين أبي أحمد كرئيس للوزراء في عام 2018 إلى ترسيخ عيوب عميقة تشوب تشكيل إثيوبيا وتسريع مسار البلاد نحو التفكك الحتمي.
 
وشنت حكومة أبي أحمد حرب إبادة جماعية مع سبق الإصرار ضد تيجراي مستخدمة ذريعة إجراء انتخابات ناجحة وإقامة حكومة شرعية في تيجراي ومن المفارقات أن نفس الحكومة أجلت انتخابات 2020 إلى أجل غير مسمى ومددت فترة ولايتها دون قيد أو شرط بدعم من النخبة السياسية اليمينية المتطرفة التي أتقنت فن ديكتاتورية القبائل وهي عازمة على إعادة إثيوبيا إلى ماضيها الإمبراطوري.
 
مر أكثر من عام على حرب الإبادة الجماعية ضد إقليم تيجراي من قبل قوات الدفاع المشتركة الإثيوبية والإريترية، وقوات الأمهرة، وبمشاركة قوى أجنبية، فصار شعب تيجراي محاصرًا تمامًا وعلى الرغم من المشاركات الدبلوماسية والدعوات الدولية وإدانات المسؤولين الإثيوبيين والإريتريين وحكومة أمهرة الإقليمية، لم يتم اتخاذ إجراءات هادفة وذات مغزى لإنهاء الحرب على تيجراي وضمان انسحاب القوات الإريترية وميليشيا الأمهرة كما لم يتم اتخاذ أي إجراء هادف لمتابعة حل سلمي للأزمة السياسية والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لتجنب المجاعة في تيجراي ولم يكن رد المجتمع الدولي على مستوى الحدث، ولا على مستوى الفظائع، بل جاء الموقف الدولي مفتقرا أي إجراءات متماسكة وملموسة، بل كشف الموقف الدولي أيضًا عن مصالح متباينة.
 
في بداية الحرب، كان رد فعل العالم هو الاعتراف برواية ومزاعم روجها نظام أبي مدعيا أن التوغل كان عملية لإنفاذ القانون وطوال فترة الحرب، وعلى الرغم من الدعوات إلى وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق وحماية حقوق الإنسان، كان النهج هو إلقاء اللوم على جميع أطراف النزاع دون أي اعتبار لمستوى مشاركتهم ومستوى مساءلتهم؛ في بعض الأحيان كان ذلك بمثابة لوم الموتى على موتهم.

وبعد هزيمة نظام أبي والقوات المتحالفة معه في معظم أجزاء تيجراي، بما في ذلك ميكيلي في 28 يونيو 2021، وما تلاه من تعميق للعمق الاستراتيجي الدفاعي من قبل قوات دفاع تيجراي، إلى جانب تشكيل تحالف مع أوروميا جيش التحرير والقوات المتحالفة معه، تصاعدت بشكل كبير لهجة وشعور اللاعبين الإقليميين والدوليين بأن الأمر ملح ورصدت التقارير الصحفية رد الفعل المنسق، بما في ذلك من قبل المؤسسات التي التزمت الصمت طوال الحرب، ما يؤدي إلى شكوك بأن هناك محاولات لإنقاذ الإمبراطورية والنظام ضد روح الدستور.

وكان اللافت للنظر، في الوقت الذي يمنحون فيه الشرعية الكاملة وغير المشروطة للأطراف الأخرى للحرب، كان هناك تردد في مخاطبة حكومة تيجراي بشكل صحيح من خلال تسمياتها الصحيحة، وفي محاولة لإنقاذ الدولة، أظهر المجتمع الدولي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في إعادة تأكيد التزامهم القوي بسيادة إثيوبيا واستقلالها السياسي وسلامة أراضيها ووحدتها مراعاة مصالح اللاعبين المهمين أكثر من مراعاة تطلعات الشعب الإثيوبي المجسدة في الدستور.

من حيث الإجراءات والجوهر، ترجح المجلة أنه من الواجب التعامل مع مستقبل إثيوبيا في المقام الأول في إطار الدستور، وأضافت أن معسكر الإثيوبيين اليميني المتطرف الذي ينضم إليه رئيس الوزراء مقتنع بأن الوطن الإثيوبي الذي يريدون رؤيته لا يمكن أن يُبنى على نظام ديمقراطي مما لا يثير الدهشة، أنهم مقتنعون بأن أفضل خدمة لهم هي الحفاظ على نظام ديكتاتوري يوفر بيئة خالية من التحدي ومناسبة بشكل أفضل لفرض قيمهم وليس من قبيل المصادفة أنهم دعموا بشكل أعمى نظام هيلا سيلاسي الإمبراطوري ونظام الدرج الديكتاتوري ونظام أبي الذي ارتكب الإبادة الجماعية الآن وباختصار، من أسلوب عمل النخبة السياسية في السلطة التي اعتبرت باستمرار إقامة نظام ديمقراطي تهديدًا وجوديًا لبقائها، فإن احتمالية اعتبار إثيوبيا جمهورية ديمقراطية تتطلب تفاؤلًا مفرطا ومع ذلك، فإن عقد حوار شامل يمكن أن ينظم خلافة الدولة الدستورية، حيث ينص الدستور على قواعد تتجاهلها النخبة.

ولم يتم اتخاذ أي إجراءات مجدية أو هادفة لإنهاء الحرب على تيجراي وضمان انسحاب القوات الإريترية وميليشيا الأمهرة وبالمثل، في حين رفضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الاعتراف بالعملية الانتخابية، أعاد البيان الصادر عن الاجتماع الأول لمجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في 8 نوفمبر 2021 اختراع الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 2216 بشأن القضايا المدنية والجدير بالذكر أن التكرار ضد أي محاولة لتغيير غير دستوري للحكومة بالتزامن مع اعتراف الاتحاد الأفريقي غير المشروط بالانتخابات والحكومة الجديدة يعزز الانحياز المطلق للاتحاد الأفريقي في إنقاذ نظام أبي تحت ستار عملية التفاوض بقيادة أوباسانجو.

في هذا الصدد، إذا كانت العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي ستقدم أي مساهمة ذات مغزى، يجب أن تبدأ أجهزة السياسة في الاتحاد الأفريقي بالاعتراف بأطراف النزاع على قدم المساواة، وترك مسألة الشرعية لأصحاب المصلحة المحليين، والحد من مستويات مشاركتهم حتى يتم إنشاء حكومة شرعية من خلال ترتيبات انتقالية شاملة.

ورفضت المجلة تقديم أي حوافز للسلوك غير المقبول، فمن المعروف أن أحد أسباب الحرب التي شنت على تيجراي، والاعتقالات التعسفية والمضايقات غير المبررة لقادة الأحزاب السياسية الموثوق بهم وعدم إجراء انتخابات في ثلاث ولايات إقليمية كانت محاولة للحصول على الشرعية بالقوة ومن جانبها، أوضحت حكومة تيجراي، في بيان لها في 30 سبتمبر 2020، أن القرارات والقوانين التي أصدرها رئيس الوزراء ومجلس الوزراء ومجلس نواب الشعب ومجلس الاتحادات بعد انتهاء ولايتهم باطلة ولا تساوي أكثر من الحبر الذي كتبت به، ولذلك، بما أن إجراء الانتخابات يفترض وجود تفويض دستوري، فإن الحكومة القائمة تفتقر إلى الشرعية الدستورية والسياسية لأن الانتخابات جرت من قبل نظام بلا سلطة ولكي تنجح أي مفاوضات، ينبغي للمجتمع الدولي أن يمتنع عن اتخاذ قرار بشأن مستقبل إثيوبيا ومحاولة إنقاذ نظام الإبادة الجماعية القائم في أديس أبابا.