< حوار| اللواء أسامة كبير: التحالف "الباكسعودي" سيعيد تشكيل وترتيب موازين القوى بالشرق الأوسط
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

حوار| اللواء أسامة كبير: التحالف "الباكسعودي" سيعيد تشكيل وترتيب موازين القوى بالشرق الأوسط

الرئيس نيوز

 الخبير الاستراتيجي اللواء أسامة كبير لـ"الرئيس نيوز":

السعودية ستحصل على قنبلة باكستان النووية بعد الاتفاق الدفاعي المشترك

المملكة مولت برنامج باكستان النووي في السبعينيات كجزء من رؤيتها لسياسة الردع العسكري

السعودية تأكدت أن كفالة أمريكا الأمنية لن تقدم لها شيئًا أمام التهور الإسرائيلي

الاتفاق الدفاعي بين السعودية وباكستان ردة فعل على العدوان الإسرائيلي على قطر

مصر وتركيا من الممكن أن تنخرطا في هذا الحلف الدفاعي المشترك

أمريكا قلقة من التحالف والاتحاد الأوروبي لا يملك الاعتراض وترامب يتحمل تبعات دعمه لرعونة إسرائيل

قال المستشار بكلية القادة والأركان، الخبير الاستراتيجي، اللواء أسامة كبير، إن الاتفاق الدفاعي بين السعودية وباكستان أتاح للرياض الحصول على قنبلة باكستان النووية.

وأوضح الكبير في حوار مع "الرئيس نيوز"، أن المملكة السعودية مولت برنامج باكستان النووي في السبعينيات كجزء من رؤيتها لسياسة الردع العسكري، وأن الهجوم الإسرائيلي على قطر أكد للسعودية أن كفالة أمريكا الأمنية لن تقدم لها شيئًا.

وأكد أن التحالف الباكسعودي سيعيد تشكيل وترتيب موازين القوى في الشرق الأوسط، وأن أمريكا قلقة من التحالف والاتحاد الأوروبي لا يملك القدرة على الاعتراض. 

وإلى نص الحوار:

كيف ترون الاتفاق الدفاعي المشترك بين المملكة العربية السعودية وباكستان؟

هو تحول جيوستراتيجي كبير وثقيل، وذو أبعاد متعددة من شأنها إعادة تشكيل وترتيب موازين القوى، وتحديدًا في منطقة الشرق الأوسط. ولا شك أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة لاستهداف قيادات حركة حماس أثناء اجتماع لهم، وانتهاك سيادة قطر واستباحة أجوائها بطائرات تتحرك بلا خوف في سمائها لتضرب مبانٍ وأحياء سكنية ثم تعود بسلام إلى قواعدها بإسرائيل، كان ناقوس الخطر الذي دق مجلجلًا في آذان دول مجلس التعاون الخليجي (تحديدًا) وألزمها أن تنتفض من مقعدها لتفهم ماذا حدث ولماذا وكيف؟

لكن منطقة الخليج معروفة تاريخيًا أنها محمية أمريكية والرئيس دونالد ترامب تعهد بعدم تكرار الهجوم الإسرائيلي؟

نعم، منطقة الخليج من المفترض أنها كانت تحظى برعاية أمنية ودفاعية أمريكية تامة، وكان يُعتقد أنها تكفل الحماية والوقاية أمام كافة المخاطر والتهديدات أينما وجدت. 

وقطر تحديدًا بها أكبر قاعدة جوية أمريكية في العالم خارج أراضي أمريكا. لكن كفالة أبناء العم سام وحمايتهم مرهونة أمام أي دولة في العالم، خاصة إن تقاطعت مع رغبات إسرائيلية، فالأمر إذ ذاك يختلف، فأمريكا تضع الجميع خلف مصالح إسرائيل، وقد ثبت الآن بالفعل.

إذن الاتفاق هو ردة فعل للهجوم الإسرائيلي على قطر؟

بالطبع نعم.. وليس من المستغرب بالمرة (بل من الجيد جدًا) أن نرى تحركًا سعوديًا سريعًا تجاه إبرام تحالف عسكري لأغراض الدفاع والأمن الإقليمي مع دولة إسلامية لها آلة عسكرية تشغل ترتيبًا متقدمًا في النادي الدولي لأقوى جيوش العالم مثل باكستان. فيخرج نص هذه الاتفاقية رسميًا بأن الدولتين ملتزمتان بالرد الفوري المباشر على أي تهديد تتعرض له أي منهما، وذلك باستخدام كافة وسائل النيران المتاحة لدرء هذا التهديد (المتاحة هنا لم تستثنِ شكل أو نوع وسيلة النيران).

لكن هذه الوسائل قد تشمل السلاح النووي الباكستاني؟

نعم؛ فعلى الرغم من أنه عند توقيع الاتفاق لم يتم التطرق لتلك الجزئية المهمة، لكن وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف، قال أخيرًا إن برنامج بلاده النووي سيكون متاحًا للسعودية إذا ما استدعت الضرورة، وذلك بناء على اتفاق الدفاع الاستراتيجي المشترك بين البلدين، وأن الاتفاق يسمح لنا بإتاحة ما لدينا من قدرات نملكها للسعودية. وهذا التصريح هو أول إقرار مُحدد من إسلام آباد حول أسلحتها النووية، وارتباطها بالاتفاقية الأخيرة مع السعودية.

إذن الاتفاق أتاح للسعودية امتلاك قدرات نووية؟

المملكة العربية السعودية تتحول الآن إلى استراتيجية الردع النووي إما من خلال باكستان نفسها كحليف عسكري قوي، أو بحيازة السلاح النووي منها مباشرة من خلال التحالف الجديد. ولمَ لا؟ فالسعودية وفق رؤيتها الاستراتيجية القديمة، هي من مولت المشروع النووي الباكستاني منذ سبعينيات القرن الماضي. 

والآن ثبتت صحة هذه الرؤية العميقة بعد أن تأكد لديها أن كفالة أمريكا الأمنية لن تقدم لها شيئًا أمام رعونة إسرائيل التي أصبحت تضرب عرض الحائط بكل القوانين والأعراف الدولية، وأصبحت تتحرك بدعم أمريكي (غير خجول) لتفعل ما تريد، ساعية وراء هدف ديني قومي لإقامة دولتها الكبرى (التي من ضمنها ما يقترب من ثلث مساحة السعودية نفسها، بالإضافة إلى أجزاء من دول أخرى كما يعلنون).

تتحدث إذن عن المملكة وكأنها باتت دولة نووية؟

نعم، يمكن القول بأن السعودية بمقتضى نص هذا التحالف الجديد قد أصبحت من الدول النووية في المستقبل القريب إن لم يكن العاجل.

هل من الممكن أن تنضم دول أخرى للتحالف خاصة أن وزير الدفاع الباكستاني قال إن الباب مفتوح لتوسيع هذا التحالف؟

في أغلب التقدير قد تنضم دول أخرى من المنطقة إلى هذا التحالف؛ رغبة منها في تعزيز استراتيجيات الأمن والدفاع الإقليمي في ظل متغيرات استراتيجية حادة وتداعيات في السياسة الدولية مليئة بالتضاربات والخداع، بدرجة لم تشهدها المنطقة في تاريخها.

وما هي الدول المرشحة للانضمام إلى هذا التحالف؟

مصر وتركيا من الممكن أن تنخرطا في هذا الحلف الدفاعي المشترك، فبالنظر إلى قوة العلاقات السياسية بين مصر وباكستان من جانب، وتركيا وباكستان من جانب آخر، ومتانة العلاقات السعودية مع كل من مصر وتركيا، فإن احتمالية اتساع دائرة التحالف العسكري السعودي ـ الباكستاني لتشمل الدولتين أمر غير مستبعد إن لم يكن واقعًا أصبح مطلوبًا أمام متغيرات جيوستراتيجية وجيوسياسية سريعة تضرب منطقة الشرق الأوسط كله.

لكن مصر نادت ولا تزال تنادي بتفعيل ميثاق الدفاع العربي المشترك (ناتو عربي)؟

نعم، لكن دولًا عربية كان لها حساباتها ومواقفها الخاصة تجاه المقترح المصري، خاصة ما له صلة بآلية التنفيذ ومحددات تدخل تلك القوات، لذلك توقف المقترح أو جُمّد. لكن التحالفات الثنائية تتحرر من تلك الضوابط، ويكون أمامها متسع أكثر لاتخاذ قرار مهم مثل هذا. 

وفي كل الأحوال، مصر دولة رائدة وجيشها من أقوى جيوش المنطقة، وهو العامل الأول والأساسي في استقرار المنطقة وبدونه سيختل ميزان القوى. 

وبالأخذ في الاعتبار، هناك تطور إيجابي في العلاقات المصرية ـ التركية، الرامية إلى دعم وتعزيز العلاقات السياسية بين الدولتين والممتدة إلى أنشطة تدريبية عسكرية استراتيجية يُعاد تفعيلها خلال هذه الفترة (مناورات "بحر الصداقة" للقوات البحرية، وهي الأولى من نوعها منذ نحو 12 عامًا). وهي رسالة قوية لا يمكن غض الطرف عنها.

كيف ترى أمريكا والاتحاد الأوروبي اتفاق الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان وما ترتب عليه؟

أما عن رد فعل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي أمام التحالف الباكسعودي الجديد، فلا شك أنه قد سبب بالفعل أرقًا أمريكيًا بالغًا كمتغير خطير سيؤثر على العلاقات السياسية والدفاعية والأمنية. كذلك فالمملكة دولة وازنة اقتصاديًا على مستوى العالم، ومصالح أمريكا معها على أعلى مستوى منذ أكثر من 50 عامًا، الأمر الذي سيستدعي بالضرورة إعادة الحسابات والتقديرات للتصرف حيال تداعيات الموقف على هذه المصالح.

ولا شك أيضًا في أن إدارة ترامب ستخسر الكثير أمام طوفان الديمقراطيين بمجلس النواب الأمريكي، الذي سيصب اللوم كله عليها فيما حدث كنتيجة للسياسات الأمريكية غير المفهومة منطقيًا لدعم رعونة وعبث حكومة اليمين الإسرائيلية. هذه الحكومة التي أثارت بغض واشمئزاز وغضب حكومات ودول العالم أجمع لما ترتكبه من مجازر وترويع بحق المدنيين في قطاع غزة والضفة الغربية دون محاسبة دولية أو عقاب وبحماية أمريكية غير عادلة.

وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، فهو في موقف غير قوي بالوقت الراهن لرفض أو قبول مثل هذا التحالف، فلديهم عراقيل ومشاكل سياسية واقتصادية وحتى دفاعية بخصوص حرب أوكرانيا مع راعيتهم الكبرى أمريكا.