السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

«بعد اتفاق أبراهام».. جدل حول مستقبل العلاقات السعودية مع إسرائيل

الرئيس نيوز

«هل تطبع الرياض العلاقات مع إسرائيل؟».. ظل هذا السؤال على قائمة أولويات كبرى وسائل الإعلام البريطانية والأمريكية والإسرائيلية منذ توقيع اتفاق التطبيع بين الإمارات والبحرين وإسرائيل في البيت الأبيض، الثلاثاء الماضي، وذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن "احتمالات الرياض كثيرة في أعقاب الاتفاقات الإسرائيلية الخليجية".

أما صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية فأشارت في تقرير لها إلى تصاعد الجدل في السعودية حول مستقبل العلاقات السعودية الإسرائيليلة، في حين تساءلت مجلة "تايم" الأمريكية عما إذا كانت السعودية التالية في سلسلة اتفاقات التطبيع التي ترعاها إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب".

وأثارت الاتفاقات الدراماتيكية التي وقعتها الإمارات والبحرين وإسرائيل هذا الأسبوع سؤالاً رئيسياً: هل ستكون أكبر وأقوى دولة خليجية عربية هي التالية؟ إن المملكة العربية السعودية، مهد الإسلام، لا تعترف بإسرائيل وليس لها علاقات دبلوماسية رسمية معها. وقال مسؤولون سعوديون مؤخرًا إن المملكة لا تزال ملتزمة بمبادرة السلام العربية التي قدمتها الرياض في عام 2002، والتي بموجبها ستقوم الدول العربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل اتفاق إقامة دولة مع الفلسطينيين وانسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي التي احتلتها عام 1967.

اتفاق أبراهام
بعد ساعات من توقيع إسرائيل والإمارات والبحرين على ما يسمى باتفاق أبراهام، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يعتقد أن الرياض من الممكن أن تحذو حذو أبو ظبي، وقال للصحفيين إنه شعر بعد التحدث مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أن المملكة ستفعل ذلك "في الوقت المناسب".

وقال ترامب: "لدينا العديد من الدول الأخرى التي ستنضم إلينا، وسوف تنضم إلينا قريبًا". ويبدو أن رئيس الموساد، يوافق على ذلك اللرأي الذي رجحه ترامب. وفي مقابلة بثتها أخبار القناة 12 الإسرائيلية في وقت متأخر من يوم الأربعاء، رفض يوسي كوهين إما تأكيد أو نفي أنه التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، واعتبره القوة الحقيقية وراء العرش، قائلاً فقط بابتسامة: "أنا أفضل عدم التعليق".

وأشارت التايم إلى أن كوهين، المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يتنقل سراً ذهابًا وإيابًا إلى دول الخليج. كان أحد المسؤولين الإسرائيليين القلائل الذين رافقوا نتنياهو في حفل التوقيع. وقال كوهين إن صفقات الثلاثاء أضفت طابعا رسميا على العلاقات بعد "سنوات عديدة من الاتصالات جرت بحذر شديد"، وأكد أن مخاوف المنطقة من تطلعات إيران لعبت دورًا رئيسيًا في انفصال الدولتين الخليجيتين عن عقود من عدم الاعتراف بإسرائيل طالما ظل خلافها مع الفلسطينيين دون حل.

ولدى سؤاله عما إذا كانت الرياض ستحذو حذو المنامة وأبو ظبي في المستقبل القريب، قال كوهين "أعتقد أن هذا يمكن أن يحدث".
ويتكهن البعض بأن إعلانًا مفاجئًا قد يأتي في وقت مبكر من الشهر المقبل لمساعدة ترامب في حملته لإعادة انتخابه، ولا يزال هذا الملف مثار جديل واسع النطاق في السعودية.

وقال الدكتور حسين إيبش، كبير الباحثين المقيمين في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، لصحيفة ميديا لاين إنه لن تكون هناك "مفاجأة أكتوبر"، حيث تأخذ الرياض دورها كزعيم للعالم العربي والإسلامي على محمل الجد. وقال: "إن السعودية لديها اعتبارات معقدة لا تملكها دول الخليج العربية الأخرى الأصغر، فهم [السعوديون] يلعبون دورًا قياديًا عربيًا إقليميًا يختلف اختلافًا جوهريًا عن دور الإمارات العربية المتحدة والذي لا تقوم به البحرين على الإطلاق. وأوضح إيبيش أن المملكة العربية السعودية لديها أيضًا اعتبارات قيادية إسلامية يجب أن تؤخذ في الاعتبار، خاصة أنها تواجه كتلة معارضة متزايدة من تركيا وباكستان وماليزيا، مدعومة أحيانًا من إيران.

تعقيدات السياسة السعودية
وأخيرًا، تعد السياسة السعودية أكثر تعقيدًا بكثير من جيرانهم الأصغر، مع بلد ذات مساحة جغرافية كبيرة وأكثر من 30 مليون نسمة في مناطق متعددة، ومع العديد من المجموعات الفرعية المختلفة للهوية، وفي المقابل يتراس الحكام السنة في المنامة أغلبية شيعية. سيكون السلام مع السعودية جائزة دبلوماسية هائلة لإسرائيل، وملكها خادم الحرمين الشريفين في مكة والمدينة يترأس أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم وأكبر اقتصاد في العالم العربي ولديه أيضا جيش قوي.

تعتقد إيلانا ديلوزيه، الزميلة البحثية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن المملكة ليست على قائمة الدول المستعدة لاتباع خطى الإمارات العربية المتحدة، قائلة إن أبوظبي تضع مصالحها الخاصة قبل مصالح أي شخص آخر.

وقالت لميديا لاين: "أعتقد أن الأمر يتعلق حقًا بإعطاء الأولوية لمصالح الإمارات بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة فقد كان لديهم تعاطف طويل مع القضية الفلسطينية، لكن لديهم أيضًا مصلحة في إقامة علاقة مع إسرائيل.

ليس سراً أن الإمارات ودول الخليج الأخرى تقترب تدريجياً من العلاقات مع إسرائيل. زار العديد من المسؤولين ورجال الأعمال والرياضيين الإسرائيليين دول الخليج. وشهد قطاعا الأمن والاستخبارات لديهم تعاونًا ثابتًا، حيث باعت العديد من الشركات الإسرائيلية لدول الخليج أسلحة إلكترونية متقدمة.

وأشارت ديلوزيه إلى أن "المملكة العربية السعودية في وضع مختلف كثيرًا عن الإمارات والبحرين، لا سيما بالنظر إلى أن زعيمها الرسمي، الملك سلما، وقف منذ فترة طويلة بقوة وراء حل الدولتين مقابل التطبيع العربي.

وتابعت: "يجب ألا ننسى أن السعوديين هم من قدموا مبادرة السلام العربية لعام 2002. كما أن بعض الفئات التي تعارض بحزم التطبيع يمكن أن تشكك أيضًا في ادعاء الرياض بالقيادة الإسلامية كوصي على الأماكن المقدسة في مكة ومدينة إذا اتخذت هذه الخطوة".

ويعتقد غسان الخطيب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت بالضفة الغربية، أن هذا الرأي هو الأرجح، قائلاً إنه على الرغم من رغبات إسرائيل وتأكيدات ترامب، لا يمكن للرياض أن تخاطر بمكانتها في العالمين العربي والإسلامي.

وقال الخطيب: "أولاً، في المملكة العربية السعودية، هناك رأي عام يجب على الحكومة أخذه بعين الاعتبار، وهذا ليس هو الحال في بعض دول الخليج العربي الأخرى". مضيفًا:"ثانيًا، المملكة العربية السعودية تواجه منافسة ضد قيادتها في العالم الإسلامي ولن تقامر ببيع القدس"، مضيفًا أن هذا "من شأنه أن يصب في مصلحة الإيرانيين والأتراك، الذين يتنافسون مع السعودية لقيادة العالم الإسلامي ".

في السياق نفسه، قال البروفيسور إيتان جلبوع، الباحث المساعد في مركز بيجن - السادات للدراسات الاستراتيجية في جامعة بار إيلان بالقرب من تل أبيب، إنه على الرغم من أن الأمور تسير ببطء، فمن المتوقع أن تطبيع المزيد من الدول العربية العلاقات مع إسرائيل - رغم أن المملكة العربية السعودية ليست واحدة منهم.

وأكد أن "المملكة العربية السعودية حالة مختلفة - سيكونون آخر من يفعل ذلك". وتمر المملكة العربية السعودية بإصلاحات داخلية ضخمة، ويواجه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الكثير من التحديات.

أضاف: "من وجهة نظر الحكومة السعودية، هناك مخاطر معينة ليست في الصورة بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي الخمس الأخرى".

يجادل بعض المحللين بأنه في حين أنه من غير المرجح أن تقوم المملكة العربية السعودية بإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات مع إسرائيل، إلا أن هناك العديد من المؤشرات على أن الرياض تخفف من موقفها، على سبيل المثال، استخدم أحد رجال الدين الأكثر نفوذاً في المملكة والعالم الإسلامي بأسره خطبة حديثة لدعوة المسلمين لتجنب "المشاعر العاطفية والحماس الناري" تجاه اليهود.

وقال حسن عواد، الخبير في سياسات الشرق الأوسط، إن الشيخ عبد الرحمن السديس، إمام المسجد الحرام في مكة، عينه الملك ولا يتحدث عن قضية حساسة كهذه دون إذن.

ولا شك أن السديس يعكس رغبات الديوان الملكي وكانت هذه محاولة من السعوديين لجس نبض الشعب السعودي فيما يتعلق بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ويتابع ملايين المسلمين عن كثب الشيخ السديس، وقد ألقى خطبًا عاطفية عن فلسطين والفلسطينيين، وغالبًا ما كانت الدموع تنهمر على خديه، وأكثر من الدعاء في خطبه السابقة من أجل نصر الفلسطينيين، لكن في خطبته في 5 سبتمبر، خفف الإمام من حدة هذا الخطاب.