الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أخبار

«من شرق المتوسط.. هنا القاهرة».. خطة تسييل الغاز في مصر وتصديره إلى أوروبا

الرئيس نيوز

في الوقت الذي تواجه فيه صناعة النفط والغاز حالة من عدم اليقين الاقتصادي، في أعقاب جائحة فيروس كورونا والانخفاض في الأسعار العالمية نتيجة زيادة العرض، فإن منطقة شرق البحر المتوسط يشوبها صراع محموم على موارد الغاز الطبيعي، إذ سارعت دول شرق المتوسط إلى ترسيم حدودها البحرية ومناطقها الاقتصادية الخالصة، في محاولة لتسهيل عملية التنقيب عن الغاز.

خطة تسييل الغاز في مصر


وقدرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية احتياطي الغاز الطبيعي في البحر المتوسط في عام 2017 بما يتراوح بين 340-360 تريليون قدم مكعب، بقيمة مالية تتراوح بين 700 مليار دولار و3 تريليونات دولار.

 وفي يناير 2019، أنشأت مصر وقبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية منتدى غاز شرق المتوسط، في محاولة لإنشاء سوق غاز إقليمي وتقليل تكاليف البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية.

لدى دول شرق البحر الأبيض المتوسط مشاريع طموحة لكسب موطئ قدم في السوق الأوروبية بصادرات الغاز الطبيعي، في الوقت الذي يبحث فيه الاتحاد الأوروبي (EU) عن بدائل لاعتماده على الغاز الروسي، إذ تعد روسيا ثالث أكبر منتج للنفط في العالم.

يتمثل أحد هذه المشاريع التي يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تحقيقها في إنشاء خط أنابيب بحري مباشر بين مصر وقبرص لنقل الغاز الطبيعي من حقل أفروديت للغاز في قبرص، والذي يحتوي على ما يقرب من 129 مليار متر مكعب من الغاز، إلى مصانع التسييل في مصر ثم إعادة- تصديرها إلى السوق الأوروبية.

تسييل الغاز في مصر 


ولفت تقرير نشره موقع المونيتور الأمريكي إلى أن هناك نوعان من مصانع تسييل الغاز الطبيعي في مصر: الأول هو مصنع EDCO المملوك للشركة المصرية للغاز الطبيعي المسال، ويضم وحدتين لإسالة الغاز، والثاني بمدينة دمياط التابعة لشركة يونيون فينوسا الأسبانية الإيطالية، ويضم وحدة تسييل واحدة، وتقوم هذه الوحدات بتسييل الغاز الطبيعي بحيث يمكن تحميله على السفن وتصديره، بدلاً من ضخه في الأنابيب.

ووقعت مصر وقبرص اتفاقية في سبتمبر 2018 لإنشاء مشروع خط الأنابيب البحري، وفي هذا السياق، قال أحد المسؤولين المصريين لـ"المال الاقتصادية" أغسطس الماضي، إن هناك مناقشات مكثفة تجري حاليًا بين البلدين لاستكمال المشروع في موعده المقرر، ومن المتوقع أن يصل الغاز القبرصي إلى مصر في 2024- 2025. 



وأوضح أن خط الغاز المصري القبرصي سيسهم في دعم النمو وتعويض التداعيات الاقتصادية لوباء فيروس كورونا، ومن هنا تأتي الحاجة إلى الإسراع في تنفيذ المشروع الجديد.

وبحث وزير البترول المصري طارق الملا، 5 أغسطس الماضي، مع وزير الطاقة القبرصي ناتاشا بيليدس إنشاء خط أنابيب بحري مباشر بين البلدين. وبحسب بيان صادر عن وزارة البترول المصرية، وأكد الوزيران التنسيق المستمر بين مسؤولي البلدين لمتابعة الإجراءات اللازمة لبدء تنفيذ المشروع.

وقال جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، لـ "المونيتور" إن مصر لديها كل القدرات والبنية التحتية اللازمة لإكمال المشروع الذي تقدر تكلفته بـ 1.3 مليار دولار، وإنجازه. وقال إن مصر تتفوق في الأداء على جيرانها في شرق المتوسط في تطوير مشروعات طاقة المياه العميقة.


وأشار القليوبي إلى أن حقل ظهر الغاز المصري - الذي يعتبر أكبر حقل غاز في البحر المتوسط واكتشف عام 2015 باحتياطيات تقدر بنحو 30 تريليون قدم مكعب - أعطى قبرص الثقة في أن مصر سيكون لديها القدرة على دعم إنتاجية حقولها.




وذكر ماهر عزيز، عضو مجلس الطاقة العالمي، لـ "المونيتور" إن خط الأنابيب بين مصر وقبرص هو سبب آخر لمصر لتكون نقطة محورية لتبادل الطاقة والتجارة في المنطقة. وأشار عزيز إلى أن مصر تسعى لأن تصبح واحدة من كبار مصدري الغاز إلى أوروبا.

وقال الموقع الأمريكي إن مسار المحادثات بين مصر وقبرص إيجابي، لكنه يظل تطورًا سياسيًا بحد ذاته، وفقًا لتشارلز إليناس، الرئيس التنفيذي لشركة قبرص للهيدروكربونات الطبيعية وخبير الطاقة في مركز أبحاث المجلس الأطلسي.

من أجل بناء خط الأنابيب، يجب أن يكون هناك أولاً اتفاقية تجارية سارية المفعول لبيع غاز أفروديت. وأضاف إليناس: "سيتطلب ذلك من شيفرون وشل وديليك [الشركات المرخصة لاستغلال الحقل] العثور على مشترين لهذا الغاز في مصر".

كنز شرق المتوسط


قال زينوناس تزياراس، الباحث المتخصص في الجغرافيا السياسية لشرق البحر الأبيض المتوسط في مركز بريو قبرص إن الخطة الأولية كانت لتلقي مصر الغاز القبرصي بحلول عام 2022. ومع ذلك، قال، يبدو هذا الهدف طموحًا إلى حد ما في هذه المرحلة بالنظر إلى الكيفية التي أدى بها وباء فيروس كورونا إلى تباطؤ أسواق الطاقة حول العالم، وبالنظر إلى الاكتشافات الهيدروكربونية المهمة في مصر، والتي بلغت ذروتها بإعلان مصر أنها ستحقق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي بحلول نهاية عام 2018. وقال إن الغاز قد لا يكون مهمًا لمصر كما كان من قبل.




وأشار تزيراس إلى أنه من غير الواضح ما إذا كانت محطات الغاز الطبيعي المسال المصرية ستمتلك طاقة كافية لامتصاص الغاز القبرصي في ظل وفرة الغاز المصري. وقال إن هناك أيضًا مفاوضات معلقة بين إسرائيل وقبرص بشأن حقل غاز أفروديت يجب حلها قبل أن تتمكن قبرص من تسييل الغاز دون أي مشاكل.



في غضون ذلك، دخلت قبرص وإسرائيل منذ عدة سنوات في نزاع حول احتياطيات الغاز التي تمتد إلى الحدود البحرية للبلدين. ويعتقد هؤلاء الخبراء الأربعة الذين تحدث معهم المونيتور أن مشروع نقل غاز حقل أفروديت عبر خط أنابيب من قبرص إلى مصر يواجه تحديين آخرين، أحدهما مالي يتعلق بتطوير الحقل نفسه والآخر سياسي، المتعلق بالسياسة العدوانية التي تتبناها تركيا.


قراصنة تركيا


ويعتقد إليناس أنه مع أسعار الغاز العالمية المنخفضة الحالية - حول 4 دولارات / مليون وحدة حرارية بريطانية في آسيا، لا يبدو حقل أفروديت قابلاً للتطبيق تجاريًا لشركات الطاقة العاملة هناك.

لن تستثمر شركات الطاقة في أفروديت إلا عندما يتم ضمان مبيعات الغاز والربحية العالية وعندما ترتفع الأسعار عن 7 دولارات / مليون وحدة حرارية بريطانية، لكن مع التحديات الحالية، لا تسمح الظروف بتطوير أفروديت على الرغم من حقيقة أن الحكومتين القبرصية والمصرية تدعمان المشروع وسيتطلب ذلك قدرًا لا بأس به من الوقت وتحسينًا كبيرًا في السوق، وهذا أمر غير مرجح إلى حد ما في المستقبل المنظور، مشيرًا إلى التحدي الآخر الذي يواجه خط الأنابيب القبرصي المصري يتعلق بتركيا، التي تجادل بأن عائدات مبيعات الغاز القبرصي يجب أن تعود بالفائدة على جميع مواطني قبرص، بمن فيهم القبارصة الأتراك.

تابع أيضاً:


وخلص تزياراس إلى القول بأن "تركيا ستحاول بالتأكيد تقويض المشروع وقد يؤدي ذلك إلى تأجيج التوترات القائمة بالفعل في المنطقة".

وجزيرة قبرص مقسمة إلى نصفين، تسيطر الحكومة القبرصية اليونانية على الجزء الجنوبي، وهو ما يعادل ثلثي مساحة الجزيرة، يتمتع هذا الجزء باعتراف دولي وهو عضو في الاتحاد الأوروبي، بيما يخضع شمال قبرص التركية للسيطرة التركية منذ عام 1974 ولم تعترف بها سوى تركيا، إذ تحتفظ أنقرة بثلاثين ألف جندي هناك مع وجود منطقة عازلة تفصل بين النصفين.