الخميس 02 مايو 2024 الموافق 23 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"هضرب نفسي بالرصاص".. كيف تصرف زكريا محيي الدين بعد اختياره رئيسًا عام 1967؟

زكريا محيي الدين-
زكريا محيي الدين- جمال عبد الناصر

"كلفت زميلي وصديقي وأخي زكريا محيى الدين بأن يتولى منصب رئيس الجمهورية، وأن يعمل بالنصوص الدستورية المقررة لذلك، وبعد هذا القرار فإننى أضع كل ما عندى تحت طلبه، وفى خدمة الظروف الخطيرة التى يجتازها شعبنا".

كانت هذه فقرة من خطاب التنحي الشهير الذي ألقاه الرئيس جمال عبد الناصر في مساء مثل هذا اليوم، 9 يونيو، عام 1967، معلنا تسليمه السلطة إلى نائبه زكريا محيي الدين، "تطبيقاً لنص المادة 110من الدستور المؤقت الصادر فى شهر مارس سنة 1964".

محيي الدين من أبرز الضباط الأحرار، أصبح أول مدير لجهاز المخابرات العامة بعد ثورة يوليو، كما تولى وزارة الداخلية ورئاسة الحكومة، وأصبح نائبا لرئيس الجمهورية.


غير أن "محيي الدين" كان صاحب أقصر فترة رئاسة جمهورية في تاريخ مصر الحديث، إذ أن الظروف المتلاحقة فرضت على "عبد الناصر" التراجع عن قرار التنحي تحت ضغط ملايين من الجماهير التي نزلت إلى الشارع، ليعود إلى السلطة خلال ساعات.

بعيدا عن عدم تسلمه السلطة بشكل فعلي، فإن عملية إسناد الحكم إلى زكريا محيي الدين تحيط بها كواليس مثيرة، جاءت على لسان "عبد الناصر" نفسه بعد أيام من هدوء الوضع.

ففي اجتماع مع الرئيس السوفييتي نيكولاي بودجوني، عُقد في قصر القبة بالقاهرة، في 21 يونيو 1967، تطرق "عبد الناصر" إلى اختياره لنائبه ليتولى أمور البلاد في تلك اللحظات العصيبة.

في البداية، يصف "ناصر" ما حدث للقيادة المصرية في النكسة قائلا: "لما هوجمنا الحقيقة ما بقيناش عارفين راسنا من رجلينا، خصوصا بعد ما عرفنا في أول ساعة إن الطيران كله راح".

بناء على ذلك، قدّر "عبد الناصر" أن الحل الوحيد أن يستقيل من رئاسة الجمهورية، مبررا قراره قائلا: "أنا لا أستطيع إن أتفق مع الأمريكان، وهم ما يتفقوش معايا أنا، وأنا وضعى من الأمريكان معروف يعنى، وهم بيعتبرونى متطرف، وهدفهم إنهم يخلصوا منى مش علشان مصر بس؛ ولكن برضه لتأثيرى فى العالم العربى".

ويستكمل "عبد الناصر" في حديثه لضيفه الروسي: "وعلى هذا فأنا يوم إلجمعة أعلنت التنحى وتعيين زكريا محيى الدين؛ على أساس إن زكريا  معتدل أكتر منى شوية.. هو هادى بطبيعته".


في تلك اللحظة، حسب محضر الجلسة، علق زكريا محيى الدين على كلام "عبد الناصر" قائلا: "أنا جزء من النظام"، فاستكمل الأخير موضحا أي لبس: "طبعا هو وطنى.. راجل وطنى كبير بس هو غيرى"، في إشارة إلى ِإمكانية قبول الولايات المتحدة بالحديث مع "زكريا" في الأزمة.

ويكشف "عبد الناصر" بعد ذلك عن شيء مثير حدث، هو أن زكريا محيي الدين عندما سمع خطاب التنحي ووجد اسمه رئيسا للجمهورية، ذهب إلى "عبد الناصر" وهدده بأنه سيطلق النار على نفسه إذا أصر على التنحي وتسليم السلطة.

ويتابع جمال عبد الناصر كلامه: "إداني الميعاد الساعة 12 تاني يوم (أي يوم 10 يونيو) إذا صممت على هذا الكلام هو يضرب نفسه بالنار!".


كواليس أخرى يكشفها "عبد الناصر" عن اختياره زكريا محيي الدين، في أول اجتماع لمجلس الوزراء بتشكيله الجديد بعد النكسة، والذي انعقد في 20 يونيو.

يقول "عبد الناصر" في الاجتماع موضحا سبب اختياره: "زكريا معتدل أكتر منى، ولم يتورط التورطات التى تورطتها بالذات بالنسبة للأمريكان؛ لأننى على قناعة بأعتبر إنهم عايزين يخلصوا منى أنا!"، في إشارة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.

ويكمل جمال عبد الناصر: "كنت متصور إن ممكن ده يكون حل"، مستدركا: "وأيضا قد يكون ده حل غير كامل لأن برضه ما هو زكريا استمرار للنظام واستمرار للثورة، وإذا كان هيقبل يوطى راسه شوية فهو لن يقبل إلا إنه يوطيها لفترة محدودة، وهم لن يرضوا إلا بالقضاء على النظام".