السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الاشتباكات بين السودان وإثيوبيا.. هل كلمة السر في سد النهضة؟

الرئيس نيوز

حالة من التوتر تسود الحدود "السودانية الإثيوبية" على خلفية تعدي الأخيرة على حدود الأولى، عبر إطلاق يد عصابات إجرامية مدعومة من قبل الجيش الإثيوبي بالاستيلاء على أراضي مزارعين سودانيين وماشيتهم، فضلًا عن قتل ضابط في الجيش السوداني وإصابة 7 آخرين. 
التوتر تصاعد بإعلان الجيش السوداني أنه على أهبة الاستعداد للحرب الشاملة مع إثيوبيا، لكنه سيعطي في البداية مساحة للدبلوماسية، وبدأ الجيش السوداني في الانتشار بكثافة على الحدود. 
الإعلام الإثيوبي، منذ أيام وهو ينشر نظرية المؤامرة في مواده التي يبثها، وينقل تصريحات على لسان اللجنة الإثيوبية المعنية بالمحافظة على الحدود، إذ تزعم قائلة أن أيادي خارجية هي التي تؤجج الصراع على هذا النحو بين البلدين، في حين يتجاهل الإعلام أن بلاده هي التي ترفض منذ العام 1993 تسليم الأراضي التي تحتلها إلى السودان.
المثير للدهشة أيضًا توقيت الاعتداء الإثيوبي، إذ يتزامن مع تغيير الموقف السوداني من أزمة "سد النهضة" وبدأ تماهي الموقف السوداني مع الموقف المصري، ما يعتبره مراقبون محاولة لابتزاز الخرطوم وجرها لإثناءئها عن موقفها.   

الفشقة الخصيبة

المنطقة السودانية المحتلة من قبل إثيوبيا هي الفشقة، وهي منطقة تعترف أديس أبابا بملكية السودان لها، لكنها ترفض البدء في أي خطوات في تسليمها للخرطوم، وتخوض الدولتان مفاوضات مطولة منذ عقود بشأنها، وتوصلت الدولتان إلى اتفاق كان يقضي بانسحاب الميليشيا الإثيوبية من تلك المنطقة، على أن يتم إعادة نشر قوات حرس الحدود بين الدولتين لدعم الاستقرار فيها، لكن حدثت الاعتداءات الأخيرة.
ومنذ العام 1993، وتسيطر على الميلشيا الإثيوبية المدعومة من الجيش على تلك المنطقة، وسمحت للمزارعين الإثيوبيين بزراعة المنطقة ووفرت لهم الحماية، كما أعطتهم الضوء الأخضر في انتزاع مشاريع زراعية سودانية.
والمنطقة أخصب المناطق الزراعية، وتعود ملكيتها لمزارعين سودانيين، وتتجاوز مساحتها  5700 كيلوا متر مربع، وتقع على الحدود السودانية الإثيوبية بطول 168 كيلوا مترًا، وتوصلت البلدين إلى اتفاق على 1995 لإاستغلال المنطقة بإقامة شماريع حيودية تخدم سكان تلك المنطقة شريطة إخلائها من العسكريين.
المثير للدهشة أن نظام عمر البشير أهمل تلك المنطقة، ولم يقم فيها أي مشاريع عمرانية أو تنموية، في حين حرص الجانب الإثيوبي على إقامة مشاريع عمرانية وأخرى تنموية.
وزار رئيس الأركان الإثيوبي آدم محمد، السودان، أبريل الماضي، وناقش مع نظيره السوداني قضايا الحدود، حسب تقارير صحفية، فإن زيارة رئيس هيئة الأركان، يهدف جزء منها لمعالجة النزاع بين البلدين على منطقة "الفشقة" السودانية الخصيبة، والتي استولت عليها قوات محسوبة على حكومة إقليم "أمهرا" الإثيوبي، بعد أن طردت المزارعين السودانيين منها إبان حكم نظام المعزول عمر البشير.
وحسب التقارير، فإن رئيس الأركان الإثيوبي اتفق مع المسؤولين السودانيين على خطة تعود بموجبها قوات البلدين لحدودها الدولية في غضون أسبوعين، على أن تباشر لجان ترسيم الحدود وضع العلامات الحدودية على الفور، وذلك عقب لقاء ينتظر أن يجمعه غدا مع رئيس الوزراء آبي أحمد، لتقديم تفاصيل اجتماعاته في الخرطوم.

ترسيم 1902

وترسيم الحدود بين السودان وإثيوبيا محسوم منذ العام 1902 إذ تراضت البلدين على ترسيم الحدود، خاصة أن أثيوبيا كانت تقودها في ذلك الوقت حكومة وطنية، بينما السوداتن كان خاضعًا للاستعمار؛ وبالتالي إثيوبيا ليس لها أي حجج بأن هذا الترسيم تم بدون إرداتها، بل بقي فقط البدء في التنفيذ.

عربدة إثيوبية

مدير عام مؤسسة "طيبة بريس" السودانية، محمد لطيف، يقول إن خطورة الأحداث الأخيرة تكمن في أن الاعتداء على الأراضي السودانية من قبل إثيوبيا كان يتم عبر الميليشيات والعصابات الإجرامية، إنما تم هذه المرة عبر تلك العصابات ولكن بدعم واضح وصريح من الجيش الإثيوبي. 
قال لطيف في مداخلة متلفزة على فضائية "دوتش فيله" إن البلدين ليس لهما أي مصلحة في تطوير الخلاف بينهما، خاصة أن السودان مقبلة على موسم الزراعة وتحتاج استقرار في هذا المجال، فضلًا عن المسألة الخلافية الكبيرة "سد النهضة"، وهي أيضًا قصية تحتاج مفاوضات وهدوء حتى التوصل لحل عادل. 
لفت لطيف إلى أن اتهام لجنة ترسيم الحدود الإثيوبية، لمصر بالتورط في تأجيج الصراع الحدودي بين السودان وأثيوبيا، غير صحيح فالقضية قديمة جدًا وترفض أديس أبابا الانسحاب من المنطقة. مشيرًا إلى أن تجربة التنسيق الأمني والعسكري على الحدود الشرقية المشتركة مع إثيوبيا فاشلة؛ بسبب تعنت أديس أبابا، في حين أن تأمين الحدود مع بقية الدول ممتاز ولا مشاكل فيه.