الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

الكرة في ملعب الرئيس.. هل ينفذ أبو مازن تهديد إسقاط الاتفاقيات مع إسرائيل؟

الرئيس نيوز

من المقرر أن يعقد مسؤولون فلسطينيون سلسلة من الاجتماعات في رام الله خلال الأسبوع الجاري وسط تقارير صحفية تفيد بأن السلطة الفلسطينية تدرس إلغاء جميع الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، رداً على خطة الحكومة العبرية للاستيلاء على أجزاء من الضفة الغربية. 
وزعمت صحيفة جيروزاليم بوست أن الفلسطينيين لا يتعاملون بجدية مع الملف، وتهكمت على التهديدات المتكررة من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن ومنظمة التحرير الفلسطينية بإسقاط الاتفاقات أو تعليق التنسيق الأمني مع إسرائيل.
وتابعت الصحيفة: "هدد أبو مازن وبعض المسؤولين الفلسطينيين بالتخلي عن الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، بما في ذلك اتفاقات أوسلو لعام 1993، وكذلك سحب اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل. وفي مناسبات عديدة، هدد عباس أيضا بتفكيك السلطة الفلسطينية ردًا على السياسات والتدابير الإسرائيلية والأمريكية تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. إلى جانب مقاطعة الحكومة الإسرائيلية وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لم ينفذ أبو مازن تهديداته الأخرى".
وادعت الصحيفة أن ثمة أسباب وجيهة تمنع الرئيس أبو مازن من تنفيذ تهديداته؛ فأولاً: فقد تم إنشاء السلطة الفلسطينية بموجب اتفاقية غزة - أريحا، بموجب اتفاقيات أوسلو عام 1993. سيؤدي إنهاء اتفاقيات أوسلو إلى تفكيك السلطة الفلسطينية ومؤسساتها، مع فقدان عباس مكانته كرئيس لفلسطين. وثانياً: من المرجح أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى انخفاض حاد في المساعدات المالية الدولية للفلسطينيين، الذين سيتركون بدون هيئة حاكمة. هذه خطوة لا يستطيع الفلسطينيون تحملها، لا سيما خلال الأزمة الاقتصادية الناتجة عن تفشي جائحة فيروس كورونا.

قال مسؤولون فلسطينيون إن إنهاء الاتفاقات مع إسرائيل ستكون له "عواقب وخيمة" على الاقتصاد الفلسطيني. بموجب بنود بروتوكول باريس لعام 1994، تعمل السلطة الفلسطينية وإسرائيل معاً على مشاريع تجارية واقتصادية مختلفة مهمة للاقتصاد الفلسطيني. إذا تم إلغاء اتفاقيات أوسلو، فإن إسرائيل، من جانبها، لن تكون ملزمة بعد الآن بإصدار تصاريح عمل للفلسطينيين ويمكن أن توقف استيراد وتصدير البضائع الفلسطينية. 
وقال الخبير الاقتصادي الفلسطيني فراس شحادة لصحيفة جيروزاليم بوست: "لا أعتقد أن السلطة الفلسطينية قادرة على اتخاذ القرار، فنحن معتمدين على الاقتصاد الإسرائيلي. وقيادتنا بحاجة إلى أن تكون حذرة للغاية عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد، خاصة خلال الأوقات الحرجة عندما نواجه صعوبات اقتصادية بسبب فيروس كورونا".
في عام 2014، قال الرئيس أبو مازن خلال اجتماع في مقر مجمع رام الله الرئاسي أن التنسيق الأمني مع إسرائيل "مقدس". لكنه هدد وكبار المسؤولين الفلسطينيين الآخرين منذ ذلك الحين مراراً وتكرارًا بتعليق التنسيق الأمني، الذي ندد به العديد من الفلسطينيين باعتباره "خيانة". 
وأعلن الرئيس أبو مازن العام الماضي أنه تم تشكيل لجنة خاصة لدراسة آليات تنفيذ القرارات السابقة لمنظمة التحرير الفلسطينية "لوقف العمل المتعلق بالاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي". جاء هذا الإعلان بعد أن أوصت مؤسسات منظمة التحرير وفتح الفلسطينيين بإنهاء التنسيق الأمني مع إسرائيل.
وزعمت الصحيفة أن الامتناع عن وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، كان خوفاً من أن تضر الخطوة بالسلطة الفلسطينية أكثر من إسرائيل. وقال مسؤول أمني في السلطة الفلسطينية للصحيفة إن التنسيق الأمني مع إسرائيل مستمر، على الرغم من التهديدات الصادرة عن منظمة التحرير الفلسطينية ومسؤولي فتح. وقال المسؤول "لست على علم بأي قرار بالتوقف عن العمل مع الجانب الإسرائيلي بشأن القضايا الأمنية ولست متأكدا من أن هذا سيكون جيدا للفلسطينيين." وبحسب المسؤول، فقد ازداد التنسيق الأمني مع إسرائيل بالفعل في الشهرين الماضيين في ضوء أزمة فيروس كورونا.
وقال المحلل السياسي الفلسطيني عبد الجواد برهان "بالنسبة لأبي مازن، فإن وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل سيكون بمثابة انتحار، بدون التنسيق الأمني ستنهار السلطة الفلسطينية. بدون التنسيق الأمني لن يتمكن لرئيس عباس ومعظم كبار المسؤولين الفلسطينيين من مغادرة رام الله لأنهم بحاجة إلى إذن من إسرائيل".
في الوقت الحالي، يبدو أن التهديدات بالانسحاب من الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل لها هدفان. أولاً: احتواء الاستياء العام الفلسطيني المتزايد ليس فقط تجاه إسرائيل والولايات المتحدة، ولكن أيضًا تجاه تردي أوضاع الفلسطينيين، وثانيًا: الضغط على المجتمع الدولي لإجبار إسرائيل على التخلي عن خطة الضم.
وأعرب المسؤولون الفلسطينيون عن ارتياحهم للدعم الذي تلقوه من جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا والصين ودول أخرى لمعارضتهم لخطة الضم. ومع ذلك، فإن هؤلاء المسؤولين قلقون من أن تصريحات الإدانة لن تمنع إسرائيل من المضي في خطتها.
وقال مسؤول مخضرم بفتح للصحيفة: "لقد رأينا بالفعل أن الإدانات والتحذيرات لم تمنع إدارة ترامب من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أو قطع المساعدات المالية للفلسطينيين، وأصبحت الكرة الآن في ملعب أبي مازن، وسنرى قريباً ما إذا كانت لديه الشجاعة أو الرغبة في اتخاذ قرارات تاريخية ومصيرية. إذا كنت قادرًا على القول، فالأجدر بك أن تكون قادرًا أيضًا على الفعل وإلا فإنك تفقد ما تبقى من مصداقيتك".