الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

مساعد مخرج «البريء»: انتهت مرحلة تقديم مسئول أو ضابط فاسد في السينما (4-4)

الرئيس نيوز

البعض اعتبر الفيلم تحريضي ضد النظام
تغير استراتيجيات الحكومة يتيح للمبدعين تقديم أعمال ممنوعة
صناع الفيلم أصروا عليه رغم مضايقات أجهزة الدولة

يعد فيلم البريء الذي أنتج عام 1985 أحد أهم الأفلام السياسية الذي يحمل أكثر من فكرة؛ حيث يتحدث عن الحرية بمعناها الشامل، مع إلقاء الضوء على الفساد السياسي في مصر بعد سياسة الانفتاح، ويكشف تحول الإنسان إلى آلة مبرمجة لخدمة السلطة.

ويختصر مؤلف الفيلم الكاتب الكبير وحيد حامد الفكرة برمتها في جملة واحدة هي "قمع الحرية بجهل الأبرياء"، الفيلم بطولة النجم الراحل أحمد ذكي وممدوح عبدالعليم وجميل راتب، وإخراج الراحل عاطف الطيب.

تضمن الفيلم أغنيتين من أبدع ما يكون بصوت ولحن الموسيقار الراحل عمار الشريعي، وتأليف الشاعر الكبير الراحل عبد الرحمن الأبنودي، هو ما جعل العمل متميزا في جميع عناصره الذين كانوا يؤمنوا بالفكرة ويصروا على تقديمها في ظل معارضات رقابية ومضايقات من بعض أجهزة الدولة حينها، وفقا للمخرج الكبير محمد مصطفى، الذي كان يعمل حينها مساعد مخرج مع عاطف الطيب.

وفي حوار خاص مع "الرئيس نيوز"  تحدث محمد مصطفى عن الكثير من أسرار وكواليس الفيلم، وتطرق إلى طبيعة الأفلام السياسية بشكل عام وأسباب غيابها ومدى مصداقيتها، وتفاصيل أخرى كثيرة.

الفنانون والصناع يتجنبون الصدام مع الدولة
وأكد مصطفى أن هناك الكثير من الأسباب لغياب الفيلم السياسي منها تدخلات الرقابة وعدم إقبال المنتجين والنجوم على تقديم هذه النوعية من الأعمال، حتى لا تجلب لهم مشكلات وأزمات مع الدولة.

وأشار إلى أن اختلاف الزمن وتغير استراتيجيات الحكومة يتيح للمبدعين تقديم أعمال لا يمكن تقديمها في أوقات أخرى، وضرب مثلا بفكرة أن هناك مراحل كانت الدولة ترفض خلالها تقديم رجال الدين بصورة سيئة أو فاسدين، وهذه مرحلة انتهت، ومرحلة أخرى لا يسمح بتقديم شخصية ضابط فاسد أو مسؤول فاسد، وهذا أيضا يتغير طبقا لتوجهات كل حكومة.

وأضاف مصطفى أنه يجب على صناع الأعمال السياسية التي تنقل عن وقائع حقيقية تجنب تقديمها في وقت الأحداث مباشرة، موضحا أن الرؤية لن تكون واضحة تماما في النقل، وضرب مثالا بالأفلام المحدودة التي قدمت في السينما عن ثورة 25 يناير.

أفلام ثورة 25 يناير سطحية وساذجة
وقال: "جميع الأفلام التي تناولت ثورة يناير كانت سطحية وساذجة ولم تقدم الحقيقة سواء كانت مع أو ضد الثورة"، مضيفا أنه على المبدع أن ينتظر على الأقل 10 سنوات حتى يقدم عملا سياسيا من الواقع، لأن هذه المدة كفيلة بالحكم على التجربة برمتها وتقديم محتوى حقيقي وصادق وواقعي لا يحمل توجه معين ولا يفرض رؤية خاصة لصناع هذه الأفلام.

وأوضح أنه بعد ثورة يوليو  1952 تم تقديم الكثير من الأعمال التي تتحدث عن الثورة، لكنها جميعا لم تؤتي ثمارها وفشلت، أما الأفلام التي قدمت في الستينات عن ثورة يوليو تركت أثرا أكبر وحققت المرجو منها.

وكشف المخرج الكبير أن أحد أسباب قلق الدولة من عرض فيلم "البريء" في توقيته يرجع لأحداث الأمن المركزي الشهير وحدوث حظر التجوال، مشيرا إلى أن البعض اعتبر الفيلم تحريضي ضد النظام دون النظر إلى أن العمل أصلا يتحدث عن حقبة تاريخية سابقة وأحداث واقعية في ظل نظام سابق.
وقال إن الفيلم عرض بعدها بسنوات بعد حذف بعض مشاهدة وتغيير مشاهد أخرى، لكن في عام 2005 وافق وزير الثقافة فاروق حسني على عرض الفيلم كاملا دون حذف، موضحا أن الفيلم ظل لسنوات طويلة ممنوع من العرض التليفزيوني أيضا.

المجال العام يتيح صناعة أفلام سياسية
ورأى محمد مصطفى، أن المجال العام يتيح صناعة أفلام سياسية، لكنها لا تجذب المنتجين ولا تحقق إيرادات جيدة، مما يتسبب في انخفاض عددها وعدم الإقبال على تقديمها.
وأوضح أنه في حال وجود عمل سينمائي سياسي جيد فلن تعترض الرقابة على تقديمه، طالما صناعه لديهم الحجة على الإقناع ويمتلكون مبررات صناعته ولديهم نفس طويل للنقاش والحوار مع الرقابة لإقناعها بالموافقة.

الصناع يخشون الخسارة المادية و«وجع الدماغ» مع الدولة
وقال مصطفى: "لا يوجد أي جهة أو سلطة تستطيع منع أي عمل سينمائي مهما كان طالما صناعه لديهم القناعة التامة بما يقدموه، لكن للأسف الشديد لم يعد هناك أحدا يحاول أو يجازف، فالجميع يخشى الخسارة المادية ووجع الدماغ من الرقابة والخوف من الدخول في صدام مع الدولة".
وأكد أن من لديه الطموح لتحقيق نجاح قادر على تحقيقه، موضحا أنه عند تجهيزات فيلم "أوقات فراغ" كان كل من حوله يؤكد له فشل التجربة قبل بدايتها، ولكنه تحمس لتقديم فيلم بخمس وجوه جديدة يكون المضمون والمحتوى هو البطل الرئيسي، وبالفعل نجح العمل نجاحا كبيرا.