السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

الباحثة الإماراتية أمينة العريمي: هناك دول عربية قلقة من التواجد الخليجي في القرن الأفريقي

الرئيس نيوز


ـ اتفاق العسكري وقوى التغيير هش لتسكين الشارع وأتوقع تصاعد الخلاف قبل الإعلان الدستوري

قالت أستاذة الدراسات الافريقية، مدير موقع العلاقات الخليجية – الإفريقية، الدكتورة أمينة العريمي، أن السياسة الخارجية الخليجية في افريقيا شراكة اقتصادية في المقام الأول وليست سياسية، وشددت العريمي في حوارها مع "الرئيس نيوز" على أن اتفاق المجلس العسكري السوداني وقوى التغيير هو مجرد تسكين للشارع السوداني متوقعةً تصاعد الخلاف بين الطرفين قبيل الإعلان الدستوري المرتقب. وإلى نص الحوار:

ما أهم التحديات التي تواجه العلاقات "الخليجية ـ الأفريقية"، وكيف ترين السياسة الخارجية لدول الخليج بصفة عامة في افريقيا؟

ـ السياسة الخارجية الخليجية ترى في افريقيا شراكة من نوع خاص، اقتصادية في المقام الأول، لا سياسية، فالحضور الاقتصادي الخليجي في افريقيا يتفوق على الحضور السياسي،  ويرجع السبب في ذلك إلى قلة المعرفة العلمية الخليجية عن افريقيا ما بعد الاستعمار وهذا هو التحدي الأكبر في رسم مستقبلي لتلك العلاقات بين الطرفين .

كيف ترين ظروف وملابسات توقيع الاتفاق السياسي بين المجلس "العسكري السوداني" و"قوي الحرية والتغيير"؟

ـ لا أعتقد أن ذلك الاتفاق يعبر عن تقاسم سلطة حقيقية، بمقدار ما هو تسكين للشارع السوداني لتهدئته، وأرجح أن الخلاف بين الطرفين، سوف يتصاعد قبيل الإعلان الدستوري، والبوادر بدأت تظهر، فلقد أعلنت القوى المدنية السودانية، أن ذلك الاتفاق به ثغرات ونواقص كثيرة، فهو يكرس لهيمنة القوى العسكرية، على مفاصل السلطة في شقيها الأمني والعسكري، وأن الاتفاق السياسي لم يتضمن مطالب الثورة والتوقيع به مخالفة واضحة لقرار الاجتماع المشترك بين التنسيقية ووفد التفاوض.

البعض يرجع نجاح الوسيط الاثيوبي لحصوله على دعم قوي ومباشر من دول الخليج وتحديداً الامارات؟

ـ لا شك أن دول الخليج العربي لها دور في ما يحدث في السودان خاصة أن السودان مشاركة في قوات التحالف العربي في جنوب الجزيرة العربية، واستقرار السودان السياسي يعتبر أولوية خليجية ونجاح الوسيط الاثيوبي أعتقد انه جاء بدعم دولي تقوده الولايات المتحدة وحلفاؤها ومن ضمنهم دول الخليج العربي.

هل نجاح المجلس العسكري والثوار في توقيع الاتفاق ينفي الاتهامات التي طالت ابوظبي بدعم المجلس؟

ـ يجب ألا ننسى أن الذي وقع على الاتفاق الأخير مجموعة واحدة من قوى الحرية والتغيير، وهذه المجموعة لا تمثل جميع مكونات المجتمع المدني السوداني، الذي خرج في نفس توقيت توقيع الاتفاقية في مليونية شهدها العالم في ساحة الحرية، فامتناع بقية المكونات عن الحضور ناهيك عن التوقيع، يدل على أن هناك أزمة ثقة عميقة بين الجانبين، الشارع السوداني في عمومه ينظر إلى التدخلات الإقليمية والدولية بعين الريبة والحذر، لذلك يجب طمأنته والوصول إلى اتفاق عادل بين الطرفين، فالموجات الثورية في حال عودتها قد تعصف بالكثير الذي تحقق ويرجع الطرفان إلى مربع الصفر.

ماذا عن الوضع في القرن الافريقي الأقرب والأعظم تأثيراً علي الأمن القومي لدول الخليج العربي؟

ـ تدرك دول مجلس التعاون الخليجي أن حضورها الاقتصادي في أفريقيا عامة وفي دول القرن الأفريقي خاصة يتفوق على حضورها السياسي، ويرجع السبب في ذلك إلى عدة عوامل أهمها: عدم الاستقرار السياسي لبعض الدول الأفريقية، وبروز الصورة السلبية والمغلوطة وغير العادلة في الذهن الخليجي عن الدول الأفريقية، ما عاق العمل السياسي الخليجي في الساحة الأفريقية، فالسياسة الخليجية  وإن كانت قد نجحت إلى حد ما في تدشين بعض المشاريع الاستثمارية في دول القرن الأفريقي والتي ساعدت في إنعاش جزئي لتلك الدول اقتصادياً، إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي لم توظف تلك الاستثمارات بما يخدم مصالحها السياسية، إلا بعد أن وجدت نفسها على خط المواجهة العسكرية مع طهران، جنوب الجزيرة العربية.

على الرغم من اختلاف الرؤى السياسية بين دول مجلس التعاون الخليجي إلا أن "عاصفة الحزم" فرضت عليها ضرورة العمل والتنسيق ككيان واحد، لحماية أمنها القومي الذي بات على المحك، ويبقى السؤال هنا هل ستستمر دول الخليج العربي في القرن الأفريقي تعمل ككيان واحد؟ خاصة أن هناك دولاً عربية تعول على الدور الخليجي في القرن الأفريقي لدعم ملفها الأمني (المملكة المغربية وقضية الصحراء الغربية)، ودول عربية تنظر بعين القلق من التواجد الخليجي في القرن الأفريقي.

فضلاً عن ذلك يتباين الحديث عن العلاقات الخليجية - الأفريقية بشكل عام والعلاقات الخليجية مع دول القرن الأفريقي (أثيوبيا، الصومال، جيبوتي، أريتريا) بشكل خاص، دول القرن الأفريقي التي كانت وستظل الركيزة الأولى للتوجه الاستراتيجي الخليجي المستقبلي نحو القارة الأفريقية برمتها، والامتداد الفعلي للأمن القومي الخليجي الذي بات يؤرقه اختلاف الرؤى السياسية بين أعضائه، وتطلع بعض القوى الإقليمية لممارسة أدوار تستهدف الأرض والإنسان والأمن في دول مجلس التعاون الخليجي، وقلق القيادات السياسية الخليجية من التنظيمات الإرهابية التي تحاول أن تجد لنفسها موطئ قدم في الخليج العربي، فاختلاف الرؤى السياسية بين دول مجلس التعاون الخليجي وبعض الدول العربية وبعض القوى الإقليمية قد يحول دول القرن الافريقي إلى ساحة تصفية حسابات لن يسلم منها أحد، وبالتالي على دول الخليج العربي توحيد رؤاها والعمل ككيان واحد، والاستعداد للمرحلة المقبلة، والاستثمار في العلاقات الخليجية- الأفريقية التي ما برحت أن تتوجه لمسارها الصحيح إلا وأعادتها رياح التنافر إلى ما لا نرغب أن نراها فيه.

ما الذي كنت تعنيه بالقول إن واشنطن أدركت أن ولادة القرن الإفريقي برؤية أميركية لن يتحقق إلا عبر الخرطوم؟

ـ تعتبر السودان دولة محورية في الفكر الاستراتيجي الامريكي منذ عقود ومن يقرأ التاريخ السوداني منذ فترة الستينات، حتى وصول الإنقاذ عام ١٩٨٩ إلى سدة الحكم يدرك ذلك جيداً، واشنطن تريد ان ترسل رسالة معينة مفادها ان منطقة القرن الافريقي والسودان مهما قويت علاقتها بالصين فهي منطقة لا تملك القدرة على الخروج من الإطار الغربي، وفِي دراسة منشورة شاركتُ بها في مركز "مقديشو للبحوث والدراسات" تحت عنوان لقاء مع مفاوض افريقي أكدت فيها أن منطقة القرن الافريقي والسودان حدد لها ولفترة ما نوع من عدم الاستقرار الحقيقي بالمفهوم السياسي الذي نفهمه.

برأيك..لماذا لا ترغب واشنطن في حكم مدني بالسودان؟

ـ ليست من مصلحة واشنطن ان يقوم حكم مدني لا في السودان ولا في جوارها الإقليمي، ولا في أي منطقة لها مصالح فيها، فالحكم المدني يقوض المصالح الدولية، ويلغيها إن صح التعبير، خاصة اذا كان حكماً مدنياً حقيقياً، يشارك الشعب في صياغته ويراقبه المشرع بشكل دقيق، ولا نعتقد لحظة أن زيارة السفير الامريكي للمعتصمين السودانيين في ساحة الاعتصام جاءت دعماً لمطالبهم بإقامة حكومة مدنية بمقدار ما هي تبرئة لساحة واشنطن بعد ان امتلأت ساحة الاعتصام بدماء المتظاهرين، واشنطن من يقف وراء كل ما يحدث في السودان من فض الاعتصام أمام القيادة العامة إلى توقيع الاتفاق السياسي الأخير السابق للإعلان الدستوري.

ما تعليقك على إعلان مجلس الوزراء الأوغندي بأنه أعطي اشارة للبرلمان للتصديق على اتفاقية "عنتيبي"، التي ترفضها مصر والسودان؟

ـ كما نعلم ان اتفاقية عنتيبي الموقع عليها من دول حوض النيل (اثيوبيا وكينيا وروندا وتنزانيا وأوغندا) هي اتفاقية غير رسمية، بين تلك الدول ولو تمت المصادقة عليها، ستنهي الحصص التاريخية لمصر والسودان، لكن لا أعتقد أن الموضوع سيتطور سلباً خاصة ان هناك نزاعات وقضايا مائية حسمتها محكمة العدل الدولية فهذه المحكمة لديها قرارات في قضايا شهيرة مثل قضية نهر الدانوب بين هنغاريا وتشيكوسلوفاكيا والأمثلة كثيرة، وبناء على ذلك اذا اشتد الأمر وفشلت المفاوضات السلمية، فاللجوء إلى العدل الدولية هو الأفضل.

في رأيك كيف تفكر دول أعالي النيل في التعامل مع مصر فيما يخص موضوع مياه النيل؟

ـ دول أعالي النيل ترى أنها ظلمت في الاتفاقيات القديمة، التي تم التوقيع عليها بدون موافقتها، أو حتى مشورتها، واليوم تريد أن تضاعف مسار التنمية والتطور وأعتقد أن ما شجع دول أعالي النيل على تحريك ملف نهر النيل، هو تنامي فكرة  في تلك الدول تقول إن المياه جزء من الأمن القومي، فهي لتوليد الطاقة والعمليات الصناعية والسياحة، وكما نعلم ان تلك الفكرة لم تكن موجودة في تلك الدول قبل ان تسلك مسلك التنمية الذي بدأت تتبناه وبقوة.

ماذا عن مفاوضات سد النهضة بين مصر واثيوبيا؟

ـ مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا أعتقد أنها ستسير وفق توافق بين الطرفين وأستبعد تطور الخلاف بين القاهرة وأديس أبابا إلى مغامرة عسكرية لن تتحملها المنطقة ولن تسمح بها القوى الدولية.