الإثنين 29 ديسمبر 2025 الموافق 09 رجب 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"كنت غاضبا".. علاء عبدالفتاح يحدث زلزالا سياسيا في وستمنستر وسط مطالبات بسحب الجنسية البريطانية

الرئيس نيوز

فجر الترحيب الرسمي بوصول الناشط علاء عبد الفتاح إلى لندن عاصفة سياسية وإعلامية واسعة داخل بريطانيا، دفعت الحكومة والمعارضة إلى مواجهة مباشرة حول معايير منح الجنسية وحدود التسامح السياسي ومعنى الدفاع عن حقوق الإنسان إذا كان الناشط المعني متطرفا يتبنى خطاب الكراهية ويدعو للعنف.

وبسرعة لافتة، تحولت القضية من ملف حقوقي إلى أزمة سيادية تمس الأمن والقيم الوطنية، بعدما أعادت وسائل الإعلام تداول منشورات قديمة نسبت لـ علاء عبد الفتاح، تضمنت خطابا عنصريا ومعاديا للسامية ودعوات صريحة للعنف ضد الشرطة ومؤسسات الدولة، وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية.

كيمي بادنوك زعيمة حزب المحافظين 

مطالبات بسحب الجنسية من علاء عبد الفتاح

وقادت الهجوم السياسي زعيمة حزب المحافظين كيمي بادنوك، التي طالبت علنا بسحب الجنسية البريطانية من علاء عبد الفتاح وترحيله، وربطت بين المواطنة والالتزام بالقيم البريطانية الأساسية.

وأكدت بادنوك أن الجنسية لا تمنح كإجراء إداري، بل كعقد أخلاقي يقوم على احترام القانون ونبذ الكراهية. كما شددت على أن التعاطف مع ظروف الناشط لا يبرر التغاضي عن خطابه المتطرف الذي يدعو إلى العنف أو يهاجم المجتمع البريطاني. 

كما وسعت بادنوك دائرة الجدل عندما أكدت أن التعاطف مع الرواية الحقوقية السائدة لا تعني تبرئة السجل الفكري والسياسي لمن يحمل آراء متطرفة. وربطت بين هذه القضية وضرورة مراجعة شاملة لسياسات منح الجنسية، محذرة من أن التساهل في هذا الشأن يهدد ثقة المواطنين في الدولة البريطانية.

حكومة حزب العمال في موقف حرج

ووضعت القضية حكومة حزب العمال في موقف حرج، بعد أن رحب رئيس الوزراء كير ستارمر علنا بعودة علاء عبد الفتاح إلى لندن عقب رفع حظر السفر عنه في القاهرة. وواجه ستارمر انتقادات حادة من المعارضة وداخل حزبه، واضطرت رئاسة الوزراء إلى الإقرار بأن الترحيب صدر دون الاطلاع على منشورات الناشط المثيرة للجدل. وكشف هذا الاعتراف خللا في آليات التدقيق السياسي، وأثار تساؤلات حول مسؤولية القيادة عند التعامل مع ملفات ذات أبعاد أمنية وقيمية.

وامتد الإحراج إلى شخصيات بارزة في الحكومة، من بينهم وزير الخارجية ديفيد لامي، الذي سبق أن دعم الإفراج عن علاء عبد الفتاح لأسباب حقوقية، والذي تجنب لاحقا الدفاع عن محتوى تغريدات الناشط ومنشوراته.. واستغل خصوم حكومة ستارمر هذا التناقض واتهموا حزب العمال بالازدواجية، وبالانحياز العاطفي على حساب الفحص الموضوعي.

وكشفت الأزمة عن ثغرة قانونية سمحت لعلاء عبد الفتاح بالحصول على الجنسية البريطانية خلال السنوات الماضية عبر والدته البريطانية، دون الخضوع لاختبار حسن السيرة والسلوك المعتاد. وأثار هذا المسار غضب أجنحة واسعة داخل البرلمان، ورأى نواب محافظون أن الدولة فشلت في حماية الصالح العام.

وربطت شخصيات مثل روبرت جينريك وسويلا برافرمان بين هذه القضية ونقاش أوسع حول سيادة القرار البريطاني، وانتقدوا تأثير الاتفاقيات الأوروبية على قوانين الهجرة والجنسية. وأكدوا أن الدولة لا تستطيع الجمع بين خطاب أمني صارم وإجراءات قانونية تسمح بمنح الجنسية دون فحص قيمي شامل. 

ومن جانبه، صعد زعيم حزب إصلاح المملكة المتحدة نايجل فاراج من حدة الخطاب، وقاد حملة ضغط مباشرة على وزارة الداخلية. وطالب بسحب الجنسية فورا، ووصف الترحيب الحكومي بعبد الفتاح بأنه خطأ جسيم في الحكم السياسي. 

وأعلن أنه أبلغ شرطة مكافحة الإرهاب بمحتوى المنشورات، وربط القضية بمخاوف أوسع تتعلق بالتطرف وحدود حرية التعبير.

وانضم سياسيون محافظون بارزون، من بينهم إيان دنكن سميث، إلى موجة الانتقادات، وأكدوا أن حكومة ستارمر تقوض ثقة المواطنين عندما تتساهل مع خطاب يدعو إلى العنف. وشددوا على أن الدفاع عن الحريات لا يعني حماية الكراهية أو تبرير التحريض.

ودخلت منظمات يهودية بريطانية على خط الأزمة، وطالبت بسحب الجنسية من علاء عبدالفتاح، محذرة من خطورة التساهل مع خطاب معاد للسامية في ظل التوترات الدولية المتصاعدة. ولاقت هذه المطالب دعما من نواب في البرلمان شددوا على ضرورة تطبيق معايير واحدة في مكافحة الكراهية.

 وتحولت قضية علاء عبد الفتاح إلى اختبار شامل للنظام السياسي البريطاني. فرضت نقاشا واسعا حول معنى المواطنة وحدود حرية التعبير، ومتى تتحول الآراء إلى تهديد مباشر للسلم المجتمعي. وضعت الحكومة أمام خيارات صعبة، بين المضي في مسار قانوني معقد لسحب الجنسية، أو تحمل كلفة سياسية وأمنية متصاعدة.

وكشفت الأزمة، التي تمثلت في هجمات ضارية لحقت بحكومة ستارمر، عن هشاشة الخطاب الحقوقي عندما ينفصل عن التدقيق الواقعي، وأظهرت كيف يمكن للرمزية السياسية أن تحجب أسئلة جوهرية تتعلق بالأمن والقيم. وأكدت أن الديمقراطيات لا يمكن أن تتحرك في فراغ أخلاقي، بل توازن باستمرار بين المبادئ والمصالح، وسط عقيدة وطنية شاملة تؤمن بأن الجنسية أكثر من مجرد جواز سفر، بل يجب أن تمنح فقط لمن يوافق تماما على العقد الأخلاقي الذي تتضمنه شتى معاني المواطنة، وفقا لصحيفة التليجراف.

وفرضت هذه القضية نفسها كعلامة فارقة في عهد كير ستارمر، وكورقة ضغط قوية بيد كيمي بادنوك ونايجل فاراج. كما أعادت تعريف النقاش حول الجنسية البريطانية، وحولتها من إجراء قانوني إلى معركة قيمية مفتوحة انتقلت من المطالبة بالتدقيق في السلوك الحقيقي إلى المطالبة بالتدقيق في السلوك الرقمي للنشطاء، في وقت تواجه فيه بريطانيا تحديات داخلية وخارجية غير مسبوقة.

علاء عبد الفتاح يعتذر عن تغريداته

من جانبه، أعرب علاء عبد الفتاح في بيان نشرته صفحة “الحرية لعلاء” على موقع التواصل الاجتماعي “إكس” عن أسفه واعتذاره عن عدد من التغريدات القديمة التي أُعيد نشرها مؤخرا، قائلا إنه يشعر باضطراب شديد إزاء إعادة تداول هذه التغريدات خارج سياقها الزمني والإنساني، موضحا أن ما كتب حينها كان تعبيرا عن غضب وإحباط شاب في ظل أزمات إقليمية كبرى.

وأوضح أنه يدرك حاليا مدى صدمة وإيلام بعض هذه التغريدات، خاصة تلك التي كُتبت في سياق مشاحنات إلكترونية، مقدما اعتذارا صريحا عنها، ومقرا بأنه كان ينبغي أن يكون أكثر وعيا بتأثير كلماته على الآخرين.