انتخاب قائد جديد لحركة حماس يشغل تل أبيب.. والحية الأوفر حظا
تستعد حركة حماس لإجراء انتخابات داخلية لاختيار رئيس جديد لمكتبها السياسي في أعقاب اغتيال يحيى السنوار وإسماعيل هنية، وهو حدث يثير اهتماما واسعا داخل غزة وخارجها ويشغل تل أبيب بشكل خاص.
وتأتي هذه الانتخابات في وقت بالغ الحساسية بالنسبة للحركة التي تحاول إعادة ترتيب صفوفها وتوحيد قيادتها بعد مرحلة من الضعف والاضطرابات الداخلية في أعقاب الغارات التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وتشير التقديرات إلى أن خليل الحية هو الأوفر حظا للفوز نظرا لشعبيته الكبيرة في غزة ودوره البارز في إدارة عمليات الحركة في الضفة الغربية، بينما يظل خالد مشعل منافسا بارزا يسعى إلى استعادة موقعه القيادي من الخارج.
صحيفة جيروزاليم بوست نقلت عن قناة الشرق أن الانتخابات جاءت نتيجة خلافات داخلية حول مستقبل الحركة وعلاقاتها مع الحلفاء الإقليميين، وأنها ستؤدي إلى حل المجلس القيادي الانتقالي الذي تولى إدارة الحركة بعد اغتيال قادتها، وفقا لصحيفة جيروزاليم بوست.
ويقدم الحية نفسه باعتباره ممثلا لتيار غزة الذي يصر على استمرار المواجهة المسلحة مع إسرائيل حتى انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من القطاع، وهو ما يجعله خيارا مفضلا لدى التيار المتشدد داخل الحركة.
وفي المقابل، يحاول خالد مشعل أن يطرح رؤية مختلفة تقوم على تقليص نفوذ إيران داخل الحركة وتعزيز العلاقات مع دول عربية أكثر اعتدالا، إضافة إلى المشاركة في مفاوضات وقف إطلاق النار.
ويعكس هذا التباين في البرامج صراعا أعمق بين تيارين داخل حماس، أحدهما يركز على المقاومة المسلحة والآخر يسعى إلى الانفتاح السياسي والدبلوماسي، وفي الأثناء، تتابع تل أبيب هذه الانتخابات عن كثب وتعتبرها حدثا استراتيجيا سيحدد طبيعة التهديد القادم من غزة.
الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ترى أن فوز الحية قد يعني تصعيدا جديدا في المواجهة، بينما يعتبر بعض المحللين أن فوز مشعل قد يفتح الباب أمام فرص أكبر للتفاوض لكنه في الوقت نفسه قد يعيد للحركة توازنها بين الداخل والخارج.
الإعلام الإسرائيلي أشار إلى أن الحية ومشعل كانا من بين ثلاثة قادة استهدفتهم محاولة اغتيال إسرائيلية فاشلة في الدوحة مطلع سبتمبر، وهو ما يعكس خطورة موقعهما في نظر إسرائيل.
تحمل الانتخابات أيضا أبعادا إقليمية ودولية، إذ أن فوز الحية سيعزز نفوذ قيادة غزة داخل الحركة ويقوي علاقاتها مع إيران وحلفائها، بينما سيعيد فوز مشعل التوازن بين الداخل والخارج ويفتح الباب أمام علاقات أوسع مع دول عربية وإسلامية معتدلة.
في كلتا الحالتين، تسعى حماس إلى إظهار صورة تنظيمية متماسكة رغم الضغوط العسكرية والسياسية، وإلى إعادة بناء قيادتها بعد فقدان أبرز قادتها.
ومن المتوقع أن تواجه القيادة الجديدة تحديات ضخمة تتعلق بإعادة إعمار غزة بعد الحرب الأخيرة وسط حصار خانق وظروف إنسانية صعبة، كما ستضطر إلى التعامل مع السلطة الفلسطينية في ظل استمرار الانقسام الداخلي، وإلى إدارة علاقاتها مع الوسطاء الدوليين مثل مصر وقطر والولايات المتحدة الذين يحاولون تثبيت وقف إطلاق النار.
هذه التحديات تجعل من الانتخابات حدثا يتجاوز حدود الحركة ليصبح جزءا من المشهد الإقليمي الأوسع.
وتبدو انتخابات حماس المقبلة لحظة فارقة ستحدد ليس فقط من يقود الحركة، بل أيضا أي استراتيجية ستتبناها في المرحلة المقبلة. فإذا فاز الحية، فإن المواجهة المسلحة ستظل الخيار الأساسي، أما إذا فاز مشعل فقد يشهد الوضع محاولات لإعادة صياغة علاقات الحركة الإقليمية والدولية.
وفي كل الأحوال، فإن هذه الانتخابات تعكس حرص الحركة على الاستمرار كتنظيم سياسي وعسكري فاعل رغم الضغوط الهائلة، وتؤكد أن مستقبل غزة والمنطقة سيظل مرتبطا بشكل وثيق بالقرارات التي ستتخذها القيادة الجديدة.





