الأربعاء 17 ديسمبر 2025 الموافق 26 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

بسبب اعترافها بفلسطين.. إسرائيل تدرس إغلاق سفارتها في النرويج

الرئيس نيوز

أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، مساء اليوم الأربعاء، بأن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر يدرس إغلاق السفارة الإسرائيلية في النرويج، والتي تعمل منذ مايو 2024 بدون سفير رسمي.

وعاد السفير السابق آفي نير إلى إسرائيل لإجراء مشاورات عقب الاعتراف الرسمي للنرويج بدولة فلسطين، ومنذ ذلك الحين يدير السفارة نائبه.

اضطرابات سياسية

ووفق الصحيفة، تجري وزارة الخارجية الإسرائيلية دراسة منظمة بقيادة الوزير حول مصير السفارة في أوسلو، في حين تقرر الحكومة الانتظار حتى الانتخابات القادمة في النرويج، ظنًا بأن أي اضطرابات سياسية قد تتيح فرصة لإعادة العلاقات بين البلدين.

ومع ذلك، لم تشهد النرويج أي اضطرابات سياسية، ولا تزال الحكومة التي اعترفت بدولة فلسطين تمارس سلطتها بشكل طبيعي، ما يضع مستقبل السفارة الإسرائيلية في النرويج تحت التدقيق والمراجعة.

قمة ترامب ونتنياهو على وشك إعادة رسم دور إسرائيل في غزة

في سياق منفصل، تتجه الأنظار إلى القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المقررة في 29 ديسمبر الجاري بولاية فلوريدا، بوصفها محطة سياسية قد تتجاوز إطار التنسيق التقليدي بين الحليفين. 

فهذه القمة، وفقا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، لا تتعلق فقط بتقييم مسار وقف إطلاق النار في غزة، بل تحمل في طياتها مؤشرات على تحوّل أعمق في طريقة إدارة الملف الغزّي، وقد تفضي إلى إعادة تعريف دور إسرائيل نفسها، من لاعب مهيمن إلى طرف ضمن ترتيبات إقليمية ودولية أوسع تقودها واشنطن بمشاركة فاعلين إقليميين مثل تركيا وقطر.

خلفية سياسية معقّدة للمباحثات

يأتي اللقاء في لحظة شديدة الحساسية، عقب انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والتي شهدت تبادلًا واسعًا للأسرى، حيث أُطلق سراح عشرين رهينة إسرائيلية مقابل نحو ألفي معتقل فلسطيني. 

هذه المرحلة، رغم ما رافقها من توتر واتهامات متبادلة، فتحت الباب أمام نقاش أكثر تعقيدًا يتعلق بالمرحلة الثانية، وهي مرحلة ما بعد السلاح والعمليات العسكرية، حيث يبرز السؤال الأهم: من سيدير غزة، وبأي صيغة، وتحت أي مظلة سياسية وأمنية؟

ووفقًا للصحيفة، فإن واشنطن ترى أن هذه اللحظة تمثل فرصة نادرة لإعادة ترتيب المشهد في القطاع، ليس فقط من زاوية أمنية، بل أيضًا من خلال إعادة هيكلة الحكم المحلي وإدخال ترتيبات دولية تضمن الاستقرار طويل الأمد. ومن هنا، تكتسب قمة ترامب – نتنياهو طابعًا استراتيجيًا يتجاوز العلاقات الثنائية إلى رسم ملامح مرحلة جديدة في الصراع.

هواجس نتنياهو وضغوط الحليف الأمريكي

داخل إسرائيل، لا يخفي نتنياهو قلقه من أن تتحول القمة إلى منصة ضغط أمريكي مباشر عليه. فبحسب تسريبات من أوساط قريبة منه، يخشى رئيس الوزراء أن يطالَب بتقديم تنازلات جوهرية قد تُقدَّم للرأي العام الدولي باعتبارها ثمنًا ضروريًا لما تسميه واشنطن السلام التاريخي. 

هذا السيناريو، الذي يصفه مقربون منه بـ"شبح زيلينسكي"، يعني أن يجد نفسه في موقع الطرف المعرقل إذا رفض، أو الطرف الضعيف إذا قبل، دون أن يحصل في الحالتين على ضمانات كافية تحمي موقعه السياسي الداخلي.

هذه المخاوف تتضاعف في ظل تركيبة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، حيث يشكل اليمين المتشدد قاعدة أساسية لدعم نتنياهو. أي تقليص للدور الإسرائيلي المباشر في غزة قد يُفسَّر داخليًا على أنه تراجع استراتيجي، ما يفتح الباب أمام أزمات سياسية داخلية وربما تهديد لاستقرار الحكومة نفسها.

تركيا وقطر.. اللاعبان الصاعدان في معادلة غزة

أحد أبرز محاور النقاش المتوقع في القمة يتعلق بالدور التركي والقطري. فواشنطن، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، ترى أن إشراك أنقرة والدوحة عنصر حاسم في إنجاح أي ترتيبات مستقبلية في غزة.

المبعوث الأمريكي الخاص، توم باراك، يضغط باتجاه قبول دور تركي فاعل ضمن قوة دولية محتملة، انطلاقًا من قناعته بأن تركيا تمتلك نفوذًا حقيقيًا على حركة حماس، وقدرة على دفعها نحو مسار نزع السلاح أو على الأقل تحييد جناحها العسكري.

وفي المقابل، ينظر نتنياهو إلى هذا الطرح بعين الريبة، فإدخال تركيا وقطر من وجهة نظره لا يعني فقط توسيع دائرة اللاعبين، بل قد يؤدي عمليًا إلى تقليص الهامش الذي تتحرك فيه إسرائيل، سواء أمنيًا أو سياسيًا. كما أن العلاقة المتوترة تاريخيًا بين إسرائيل وأنقرة تضيف بعدًا إضافيًا من الشكوك حول نوايا هذا الدور وحدوده.

إدارة متعددة الأطراف بدل الهيمنة الأحادية

ومن منظور إدارة ترامب، تمثل القمة فرصة لإطلاق المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية لغزة، والتي تقوم على فكرة الاستقرار عبر الشراكة. 

هذه الرؤية تنطلق من قناعة بأن الإدارة الأحادية، سواء كانت إسرائيلية أو فلسطينية، لم تعد قابلة للاستمرار، وأن الحل يكمن في إطار دولي – إقليمي تشارك فيه قوى قادرة على التمويل والضغط السياسي والتأثير الميداني.

ورغم محاولات واشنطن طمأنة إسرائيل بأن دورها لن يهمش بالكامل، إلا أن التحول المقترح يعني عمليًا تقليص السيطرة المباشرة، مقابل دور أمني وسياسي أكثر تنسيقًا وأقل انفرادية. وهو تحول يحمل في طياته مكاسب محتملة، لكنه يفرض أيضًا تنازلات مؤلمة من وجهة النظر الإسرائيلية.

تداعيات متعددة المستويات

على المستوى الإسرائيلي، قد تجبر القمة نتنياهو على القبول بترتيبات من شأنها تقليص النفوذ المباشر في غزة، ما يثير جدلًا حادًا داخل اليمين، ويعيد فتح النقاش حول جدوى الاستراتيجية الحالية. 

أما على المستوى الفلسطيني، فإن إدخال قوة دولية قد يفتح نافذة لإعادة الإعمار وتخفيف الحصار، لكنه يثير في الوقت نفسه مخاوف من تكريس واقع سياسي جديد يحد من السيادة ويؤجل الحل النهائي. 

وإقليميًا، يعكس إشراك تركيا وقطر تحولات أعمق في ميزان القوى، ويضع إسرائيل أمام معادلة جديدة في علاقتها مع واشنطن وحلفائها الإقليميين.

وينظر المراقبون إلى قمة ترامب – نتنياهو المرتقبة كمفترق طرق سياسي قد يعيد رسم دور إسرائيل في غزة. فالمؤشرات القادمة من واشنطن تفيد بأن الإدارة الأمريكية تميل إلى مقاربة متعددة الأطراف، بينما يحاول نتنياهو الحفاظ على أكبر قدر ممكن من السيطرة. 

النتيجة المرجحة ليست إقصاء إسرائيل، بل إعادة توزيع للأدوار، من شأنه فرض واقعًا جديدًا في القطاع، يحمل فرصًا للاستقرار، لكنه ينطوي أيضًا على مخاطر سياسية وأمنية لا يمكن تجاهلها.