الحرس الثوري الإيراني يهدد السفن الحربية الأمريكية أثناء مناورات بحرية بالخليج
أطلق الحرس الثوري الإيراني مناورات بحرية واسعة في الخليج امس الخميس الموافق ٤ ديسمبر ٢٠٢٥، وأصدر تحذيرات مباشرة للسفن الحربية الأمريكية الموجودة في المنطقة، في رسالة تهدف إلى إظهار القوة بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل.
بدأت القوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني مناورات عسكرية واسعة في مياه الخليج، بعد أكثر من خمسة أشهر على الحرب التي استمرت ١٢ يومًا بين إيران وإسرائيل وانخرطت فيها واشنطن بشكل محدود.
وفقًا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، فقد أصدرت الوحدات البحرية الإيرانية تحذيرات مباشرة للسفن الأمريكية، مؤكدة أن وجودها في المنطقة "لن يمر من دون رد".
الرسائل الإيرانية
وفقًا لموقع برس تي في، وصفت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية المناورات بأنها تعبير عن "التضحية وروح المقاومة"، مشيرة إلى أن الهدف هو مواجهة أي تهديد محتمل ضد إيران في أعقاب حرب يونيو.
كما نقلت وكالة "سويس إنفو" أن هذه المناورات جاءت كرد على الضربات الإسرائيلية التي أودت بحياة أكثر من ألف شخص بينهم قيادات بارزة في الحرس الثوري، وأن إيران ردت حينها بهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ.
تحذيرات للسفن الأمريكية
شدد الحرس الثوري على أن أمن الخليج والبحر الأحمر "خط أحمر"، وأن أي تحرك أمريكي يُعتبر تهديدًا مباشرًا ستتم مواجهته بالقوة. أما موقع "هذا هو بيروت" فأكد أن المناورات تضمنت استعراضًا لقدرات الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية، في رسالة واضحة بأن إيران مستعدة لمواجهة أي تدخل أمريكي في المنطقة.
وفقًا لصحيفة لوريان لو جور، فإن هذه المناورات تأتي في ظل تصاعد التوتر الإقليمي بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة، حيث تسعى إيران لإظهار أنها قادرة على حماية مصالحها البحرية في الخليج، خصوصًا في مضيق هرمز الذي يُعد ممرًا أساسيًا لنحو ثلث تجارة النفط العالمية.
التحذيرات الإيرانية تحمل أبعادًا سياسية واضحة، فهي رسالة إلى واشنطن بأن أي وجود عسكري أميركي في الخليج سيُعتبر استفزازًا. كما أنها محاولة لتعزيز صورة الحرس الثوري داخليًا بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها في الحرب الأخيرة. وفقًا لتايمز أوف إسرائيل، فإن هذه الرسائل تأتي في وقت حساس، حيث تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على حرية الملاحة في الخليج، بينما تسعى إيران لتأكيد سيطرتها على الممرات البحرية.
تأثير المناورات على أسواق الطاقة
وفقًا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، أثارت المناورات الإيرانية الأخيرة قلقًا في أسواق النفط العالمية، حيث ارتفعت أسعار الخام بشكل ملحوظ مع تزايد المخاوف من احتمال تعطّل الملاحة في مضيق هرمز.
هذا المضيق يُعد ممرًا أساسيًا لنحو ثلث تجارة النفط العالمية، وأي تهديد لاستقراره ينعكس فورًا على الأسواق الدولية، ما يمنح إيران ورقة ضغط اقتصادية قوية في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها.
وفقًا لمجلة فورين بوليسي، فإن التحذيرات الإيرانية للسفن الأمريكية تدفع دول الخليج إلى تعزيز التنسيق الأمني مع واشنطن، خشية أن تؤدي أي مواجهة مباشرة إلى تعطيل صادراتها النفطية. هذا التنسيق يشمل زيادة الدوريات البحرية المشتركة وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وهو ما يعكس أن المناورات الإيرانية لا تؤثر فقط على واشنطن، بل على شبكة واسعة من الحلفاء الإقليميين.
وفقًا لموقع المونيتور الأمريكي، فإن التهديدات الإيرانية تثير جدلًا قانونيًا حول حرية الملاحة في الخليج، إذ تعتبر الولايات المتحدة أن وجودها العسكري هناك يهدف إلى حماية الممرات الدولية، بينما ترى إيران أن هذه القوات تمثل انتهاكًا لسيادتها.
هذا الجدل يعكس صراعًا أوسع حول تفسير القانون الدولي البحري، ويضع المجتمع الدولي أمام معضلة بين حماية التجارة العالمية واحترام سيادة الدول.
وفقًا لموقع ميدل إيست مونيتور اللندني، فإن المناورات تحمل أيضًا رسالة داخلية، إذ يسعى الحرس الثوري إلى تعزيز صورته بعد الانتقادات التي وُجهت له عقب الخسائر البشرية في الحرب الأخيرة مع إسرائيل. استعراض القوة في الخليج يُستخدم كأداة لإعادة بناء الثقة الشعبية، وإظهار أن المؤسسة العسكرية ما زالت قادرة على حماية البلاد رغم الضغوط الخارجية.
ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، فإن المناورات الإيرانية جاءت بعد أسابيع من تدريبات أمريكية مشتركة مع البحرية البريطانية في البحر الأحمر، ما يوضح أن كلا الطرفين يستخدم المناورات كأداة سياسية بقدر ما هي عسكرية. هذه المقارنة تكشف أن الخليج أصبح مسرحًا لصراع استعراضي بالتناوب بين واشنطن وطهران، حيث يسعى كل طرف إلى إظهار قدراته أمام الآخر وأمام المجتمع الدولي.





