من هو ياسر أبو شباب زعيم الميليشيا المدعومة من إسرائيل في غزة؟
شهد جنوب قطاع غزة في الرابع من ديسمبر 2025 حدثًا بارزًا بعد الإعلان عن مقتل ياسر أبو شباب، القائد الذي لمع اسمه بسرعة على رأس ميليشيا محلية مدعومة من إسرائيل تُعرف باسم «القوات الشعبية».
ورغم حداثة ظهوره، فإن تأثيره على المشهد الأمني والسياسي كان أكبر من المتوقع، خصوصًا في رفح ومحيط معبر كرم أبو سالم حيث برز كلاعب غير تقليدي في ظل انهيار البنى الأمنية التقليدية خلال الحرب.
الصعود الصاروخي لياسر أبو شباب
وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية، وُلد أبو شباب عام 1993 في بيئة قبلية تنتمي إلى قبيلة الترابين، ولم يكن معروفًا في الساحة العامة قبل عام 2024. لكن صعوده المفاجئ جاء متزامنًا مع بحث إسرائيل عن “شركاء محليين” لتشكيل قوة موازية لحماس في المناطق التي انسحبت منها جزئيًا، ما أتاح له جمع عناصر مسلحة سُميت لاحقًا بـ«القوات الشعبية».
دور أمني متقدم ونفوذ سريع
وفقًا لموقع نيوز بايتس، لعب أبو شباب دورًا بارزًا في الإشراف على مرور المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم تحت رعاية إسرائيلية مباشرة، وهو ما منحه سلطة ميدانية مؤثرة جعلته جزءًا من خطة إسرائيل لخلق “مناطق خالية من حماس”.
هذا النفوذ لم يكن محل إجماع؛ فقد أثار مخاوف واسعة لدى السكان الذين اعتبروا أن سلطته جاءت بترتيب خارجي لا يحظى بشرعية محلية.
جدل واتهامات متصاعدة
وفقًا لموقع برس تي في، واجهت مجموعته اتهامات بالاستيلاء على المساعدات وارتباطات بعمليات تهريب، فضلًا عن شكاوى من تحكم عناصره في نقاط التوزيع بطرق اعتُبرت تعسفية. هذه الاتهامات عمّقت الفجوة بينه وبين المجتمع المحلي، ورسخت صورته لدى الكثيرين باعتباره “أداة للاحتلال”.
ساعات الاغتيال الغامض
وفقًا لصحيفة الجارديان، قُتل أبو شباب خلال نزاع داخلي في رفح وسط تضارب كبير في الروايات؛ فبينما تحدثت مصادر محلية عن خلاف عشائري، أشارت تقارير إسرائيلية إلى احتمال تورط طرف ثالث في عملية اغتيال مخططة. هذا الغموض يعكس حجم التشابكات القبلية والسياسية المحيطة بوجوده ونفوذه.
ردود متباينة على مقتله
ووفقًا لتغطية قناة فرانس 24، نفت مجموعته أي دور لحماس في مقتله، بينما اكتفت الحركة بوصفه “نموذجًا لمن يخون شعبه”. في المقابل، اعتبرت إسرائيل مقتله ضربة لخطة توسيع نفوذ القوى المحلية المتحالفة معها، ما دفع محللين للقول إن مشروع “بديل حماس” تلقى ضربة جوهرية.
انهيار نموذج “الوكيل المحلي”
وفقًا لصحيفة الجارديان، كشف مقتل أبو شباب هشاشة التحالفات القبلية التي حاولت إسرائيل الاعتماد عليها؛ إذ تبيّن أن الصراع الذي أطاح به كان امتدادًا لخلافات داخلية بين فروع من قبيلته نفسها.
كما أكدت صحيفة جيروزالِم بوست بالعربية أن غياب “القوات الشعبية” يقوّض استراتيجية إسرائيل في بناء هياكل أمنية محلية موازية لحماس.
مستقبل الفراغ الأمني في جنوب غزة
تشير تقديرات ذا غارديان بالعربية إلى أن مقتله يفتح الباب أمام ثلاثة مسارات محتملة:
1. تنافس العائلات الكبرى على ملء الفراغ، ما قد يعيد إشعال النزاعات القبلية،
2. صعود مجموعات مسلحة صغيرة كانت تعمل في الظل،
3. عودة تدريجية للفصائل التقليدية — وفي مقدمتها حماس — مستفيدة من الفراغ والرفض الشعبي لأي ترتيبات مدعومة من الاحتلال.
أما واشنطن بوست بالعربية فتتوقع أن يعمّق غيابه حالة “الانكشاف الأمني” جنوب القطاع، ما يجعل استقرار المنطقة مرهونًا بجهة قادرة على إنتاج شرعية محلية متماسكة، لا مجرد دعم خارجي محدود.
يُعد مقتل ياسر أبو شباب انعكاسا لتوازنات هشة داخل غزة، ولمشروع إسرائيلي فقد أساسه، ولبنية اجتماعية قبلية قادرة على قلب المعادلات بين ليلة وضحاها. وهكذا أصبح مقتله جزءًا من صراع أكبر بين الشرعية المحلية والنفوذ المفروض، وبين الفوضى ومحاولات إعادة تشكيل الحكم في مرحلة ما بعد الحرب.





