الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

بالأرقام: كيف دمر الاحتلال الإسرائيلي حياة الفلسطينيين في غزة؟

الرئيس نيوز

لا يمكن للأرقام وحدها أن تعبر عن الخسائر التي خلفتها الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، لكنها تظل أداة لا غنى عنها لفهم مدى تأثير الصراع على حياة 2.1 مليون فلسطيني يعيشون في واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم. 

وفقًا لتقارير أسوشيتد برس والإندبندنت، أدى القصف الإسرائيلي المكثف إلى تدمير ما يقرب من 365 كيلومترًا مربعًا من مساحة القطاع، أي ما يعادل 140 ميلًا مربعًا، وهو ما يمثل أكثر من نصف مساحة غزة.

وتشير بيانات مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة إلى أن أكثر من 102،067 مبنى قد دُمّر بالكامل، بما في ذلك مدارس ابتدائية، جامعات، عيادات طبية، مساجد، وصوبات زراعية. هذه الطبقة من الأنقاض، كما وصفتها نيويورك تايمز، تعادل نحو 12 ضعف مساحة الهرم الأكبر في الجيزة، ما يعكس حجم الدمار غير المسبوق.

من كل عشرة.. كم تبقى؟

في غزة، لم يعد بالإمكان الحديث عن نسب الخسائر دون الرجوع إلى مؤشرات مرعبة. من بين كل عشرة أشخاص، قُتل أو جُرح شخص واحد في غارة إسرائيلية، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، التي تُعتبر بياناتها موثوقة من قبل الأمم المتحدة. أما التسعة الآخرون، فقد هُجّروا من منازلهم، واضطروا للعيش في خيام مؤقتة أو شقق مدمرة، وسط قصف متواصل.

من بين كل مئة طفل، فقد أربعة أحد والديهم أو كليهما، بحسب تقرير يونيسف. ومن بين كل عشرة مبانٍ كانت قائمة قبل الحرب، ثمانية مبانٍ إما تضررت أو سُوّيت بالأرض. ومن بين كل عشرة منازل، هُدم تسعة، ما أدى إلى تشريد جماعي للسكان. أما الأراضي الزراعية، فقد دُمّر منها ثمانية أفدنة من كل عشرة، أي أكثر من ثلاثة من كل أربعة هكتارات، مما أدى إلى أزمة غذائية حادة.

مأساة إنسانية بكل معاني الكلمة 

هذه الأرقام لا تشمل آلاف الأشخاص الذين يُعتقد أنهم ما زالوا تحت الأنقاض، ولا تحصي الأثر النفسي والاجتماعي الذي خلفته الحرب على الأطفال والعائلات. الإندبندنت نقلت عن سكان محليين أن "النجاة باتت مرهونة بالحظ، لا بالخطة"، في ظل غياب أي مناطق آمنة داخل القطاع.

انهيار المنظومة الصحية

الهجمات الإسرائيلية على مرافق الرعاية الصحية، والقيود المفروضة على دخول الإمدادات الطبية، أدت إلى إرهاق الأطباء الذين باتوا يعالجون مصابي الحروق المتقدمة بمعدات بدائية. منظمة الصحة العالمية أكدت أن 44% فقط من المستشفيات تعمل جزئيًا، بينما تحوّل مستشفى الشفاء إلى "هيكل فارغ مليء ببقايا بشرية".

هذه الحقائق لا تمثل سوى مدخلًا لفهم حجم الكارثة التي لحقت بغزة خلال عامين من الحرب. الأرقام، رغم جمودها، تكشف عن واقع مأساوي يتجاوز حدود الإحصاء، ويستدعي وقفة إنسانية وسياسية عاجلة.

تغيّرات جغرافية ومعمارية في القطاع

تحت السيطرة العسكرية لقوات الاحتلال الإسرائيلي، تغيّرت معالم غزة بشكل جذري. وفقًا لتقارير أسوشيتد برس ونيويورك تايمز، سوّت القوات الإسرائيلية أحياءً بأكملها في مدينة غزة بالأرض، بما في ذلك بلدات زراعية صغيرة واقعة على طول الحدود الشرقية. 

كما شُقّت طرق جديدة عبر القطاع، وأُقيمت مواقع عسكرية في مناطق كانت سابقًا مأهولة بالسكان. هذا التغيير الجغرافي لا يعكس فقط حجم الدمار، بل يشير إلى تحول استراتيجي في إدارة الأرض، ما أثار مخاوف دولية بشأن نوايا إسرائيل طويلة الأمد تجاه القطاع.

اتهامات مستمرة بالإبادة

في ظل هذا الدمار، اتهم خبراء حقوقيون مكلفون من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بالإضافة إلى منظمات مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" بحق المدنيين في غزة. إسرائيل تنفي هذه الاتهامات بشدة، وتُحمّل حركة حماس مسؤولية ارتفاع عدد الضحايا المدنيين، مدعيةً أن وجودها في المناطق السكنية حوّل السكان إلى دروع بشرية. إلا أن تقارير صحيفة الإندبندنت والإذاعة الوطنية العامة تشير إلى أن الغارات غالبًا ما استهدفت منازل دون إنذار أو تحديد أهداف عسكرية واضحة، ما يضع الرواية الإسرائيلية الرسمية تحت مجهر التشكيك الدولي.