الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

بينهم حلفاؤه السابقون.. سياسيون يحثون ماكرون على الاستقالة لإنهاء الأزمة السياسية في فرنسا

الرئيس نيوز

تعيش فرنسا واحدة من أكثر لحظاتها السياسية اضطرابًا منذ عقود، وسط تصاعد الغضب الشعبي والانقسام داخل الطبقة السياسية، فيما تتزايد الأصوات المطالبة باستقالة الرئيس إيمانويل ماكرون لإنهاء الأزمة المتفاقمة. 

وبحسب يورونيوز، دعا عدد من حلفائه السابقين إلى "خروج مشرّف" للرئيس قبل أن تنزلق البلاد إلى حالة من الشلل المؤسسي، مؤكدين أن استقالته قد تكون "السبيل الوحيد لإعادة الثقة بين الدولة والمواطنين".

وتشهد العاصمة باريس ومدن فرنسية أخرى مثل ليون وتولوز ومرسيليا موجة احتجاجات متواصلة منذ أسابيع، يشارك فيها عشرات الآلاف من المواطنين الغاضبين من تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة.

 وأظهرت استطلاعات رأي أجرتها لوفيجارو أن ٦٤٪ من الفرنسيين يطالبون ماكرون بالاستقالة الفورية، معتبرين أنه فقد شرعيته السياسية بعد أن تراجعت شعبيته إلى ٢٣٪ فقط وفقًا لبيانات إبسوس.

وتدهورت علاقة الرئيس مع البرلمان بعد أن فقد ائتلافه الوسطي الأغلبية، الأمر الذي جعله عاجزًا عن تمرير القوانين الأساسية دون اللجوء إلى المراسيم الرئاسية المثيرة للجدل. 

وأفادت فرانس إنفو أن محاولاته لعقد تحالفات جديدة مع الجمهوريين أو الاشتراكيين باءت بالفشل، ما زاد من عزلته داخل مؤسسات الحكم.

من جهة أخرى، اتسعت رقعة الاحتجاجات لتشمل فئات مهنية متعددة. فقد أضرب المعلمون وسائقو القطارات وموظفو المستشفيات عن العمل، بينما انضم الطلاب والنقابات العمالية إلى الحراك الشعبي، مما شل حركة المواصلات وأربك الاقتصاد الوطني. 

ووفقًا لتقرير فرانس 24، شهدت المظاهرات الأخيرة مشهدًا نادرًا حين وقف اليمين المتطرف ممثلًا بمارين لوبان إلى جانب اليسار الراديكالي في دعوة موحدة لإجراء انتخابات مبكرة تعيد السلطة إلى الشعب.

الانعكاسات الاقتصادية للأزمة بدت جلية في الأسواق المالية. فقد تراجع مؤشر كاك 40 بنسبة ٢.٣٪ خلال أسبوع واحد، وسط قلق المستثمرين من استمرار الغموض السياسي. 

كما ارتفعت نسبة البطالة إلى ٨.١٪، بينما تجاوز التضخم ٥.٧٪ على أساس سنوي وفق بيانات لو موند، مما زاد من معاناة الأسر الفرنسية التي تواجه ارتفاعًا حادًا في أسعار الوقود والكهرباء والمواد الغذائية.

وفي تصريحات صادمة، قال رئيس الوزراء الأسبق إدوار فيليب إن "ماكرون لم يعد قادرًا على توحيد الفرنسيين"، داعيًا إلى استقالته "قبل أن يتعمق الشرخ الوطني أكثر".

 كما أضاف أن "التمسك بالكرسي الرئاسي في هذا الظرف سيقود البلاد إلى أزمة دستورية"، وفقًا لما نقلته ليبيراسيون.

لكن أروقة قصر الإليزيه حاولت امتصاص الغضب بإعلان نية الرئيس إجراء تعديل وزاري واسع يشمل وزارات الاقتصاد والداخلية والعمل، إلى جانب إطلاق "حوار وطني شامل" مع النقابات والمجتمع المدني. 

ونقلت لوموند عن مصادر قريبة من ماكرون أنه "يرفض فكرة الاستقالة تمامًا" ويعتبرها "استسلامًا غير مسؤول في وقت تحتاج فيه البلاد إلى القيادة لا إلى الفراغ".

ورغم محاولات الإليزيه، فإن المعارضة تصر على أن الأزمة تجاوزت حدود الإصلاح الجزئي. فقد صرّح النائب اليساري جان لوك ميلانشون بأن "أي حكومة جديدة في ظل ماكرون لن تملك شرعية الشارع"، مطالبًا بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة. 

وفي المقابل، أعلنت مارين لوبان أن "الشعب الفرنسي هو الوحيد القادر على منح التفويض لمن يحكمه"، معتبرة أن "بقاء ماكرون يهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي".

المشهد الفرنسي المعقد اليوم يذكّر الكثيرين باضطرابات مايو 1968، حين كاد النظام السياسي الفرنسي ينهار تحت ضغط المظاهرات. إلا أن الأزمة الحالية تبدو أعمق، لأنها تتداخل فيها عناصر اقتصادية واجتماعية وسياسية وأخلاقية في آن واحد. 

ويرى محللون أن ماكرون، الذي جاء إلى السلطة بشعار "فرنسا إلى الأمام"، يواجه اليوم واقعًا يعيد البلاد إلى الوراء – وفق تحليل نشرته لوفيجارو.

إلى جانب الاضطرابات الداخلية، تشهد فرنسا توترًا متزايدًا في علاقاتها الأوروبية، حيث عبّرت مجلة دير شبيجل الألمانية عن قلق برلين من غياب القيادة الفرنسية القادرة على الحفاظ على توازن الاتحاد الأوروبي، بينما أشارت فاينانشال تايمز إلى أن الأزمة في باريس بدأت تؤثر على الثقة الاقتصادية داخل منطقة اليورو.

ويترقب الفرنسيون كلمة ماكرون للشعب خلال الأيام القادمة، وقد تكون حاسمة في تحديد مستقبله السياسي. وبينما يرفض الرئيس الاستقالة ويتمسك بفترة ولايته حتى عام 2027، يبدو الشارع عازمًا على المضي في احتجاجاته حتى إسقاط ما يسميه "جمهورية النخبة". 

وهكذا، تقف فرنسا عند مفترق طرق خطير، بين رئيس مصمم على البقاء وشعب يطالب بالتغيير الجذري وفقًا لتحليل يورونيوز.