السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

"انكمش 20.7%".. هل باتت إسرائيل على حافة الانهيار الاقتصادي؟

الرئيس نيوز

انكمش الاقتصاد الإسرائيلي في الربع الأخير من 2023 أكثر من التوقعات مع تضرر إنفاق المستهلكين والصادرات والاستثمارات من الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، منذ ما يقرب من 6 أشهر.

وأعلنت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية هذا الأسبوع في تقدير ثان، إن الاقتصاد انكمش 20.7 في المئة على أساس سنوي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023، وذلك بعد التقدير الأولي الذي أشار إلى انكماش 19.4 في المئة، وفقًا لصحيفة معاريف.

وبالنسبة لعام 2023 بأكمله نما الاقتصاد 2 في المئة، دون تعديل، مقارنة بـ6.5 في المئة خلال عام 2022 وكان يتوقع أن ينمو اقتصاد إسرائيل، البالغ حجمه 500 مليار دولار، من  بنحو 3.5 في المئة خلال 2023، لكن بعد هجوم مسلحين من حركة "حماس" في 7 أكتوبر تضرر الاقتصاد مع استدعاء مئات الآلاف من قوات الاحتياط إلى الخدمة العسكرية.

ووفقًا لرويترز، ينبع الرقم المعدل لانكماش الاقتصاد من انخفاضات أكبر بعض الشيء في الصادرات والإنفاق الخاص والاستثمار في الأصول الثابتة، في حين نما الإنفاق الحكومي أقل قليلا مما كان مقدرا في السابق.

كيف تضرر الاقتصاد الإسرائيلي؟
ظل الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من ضغوط كبيرة حتى من قبل اندلاع الحرب بفعل هجوم حماس على المستوطنات في غلاف غزة، واختتمت عدة قطاعات اقتصادية على تراجع ملحوظ، فمثلا قطاع السياحة تراجع من 300 ألف إلى 50 ألف سائح شهريا، كما تراجعت الزراعة والصناعة بسبب نقص العمالة. هذا إلى جانب إغلاق 60 في المئة من المؤسسات التي تعمل بقطاع التشييد والبناء.

وهناك حقيقة أخرى تتمثل في أن ميناء إيلات قد بات شبه معطل، في ظل الهجمات التي تنفذها ميليشيات موالية لإيران على السفن العابرة عبر مضيق باب المندب، مشيرا إلى أن 40 في المئة من واردات إسرائيل تمر عبر هذا الممر الحيوي.

ومنذ نوفمبر الماضي، يهاجم الحوثيون المتحالفون مع إيران سفنا في البحر الأحمر وخليج عدن بداعي التضامن مع الفلسطينيين بسبب الحرب. ونتيجة لذلك تراجع حجم التجارة عبر قناة السويس بأكثر من 40 بالمئة، في ديسمبر ويناير مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفقا لبيانات الأمم المتحدة.

وفي مذكرة بحثية نشرت في فبراير الماضي، قال خبير اقتصادات الأسواق الناشئة في "كابيتال إيكونوميكس" ليام بيتش، إن الانخفاض الحاد بالناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل يشير إلى مدى تضرر الطلب، ويفسر بشكل أكثر وضوحا سبب انخفاض أرقام التضخم باستمرار عن التوقعات منذ بداية الحرب، مضيفا "كان هناك الكثير من عدم اليقين بشأن حجم الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير" وذكر ليام بيتش أن هذا انكماش يُسلط الضوء على مدى تأثير الضربة الناجمة عن هجوم "حماس" والحرب في غزة.

وفي الشهر الماضي، خفضت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" تصنيف إسرائيل إلى "A2" من "A1" بسبب المخاطر السياسية المتزايدة وضعف التمويل العام الناجم عن الحرب.

وقالت الوكالة حينها إن عواقب الحرب في غزة على الوضع الائتماني لإسرائيل سوف تتكشف على مدى فترة طويلة من الزمن، وربما بعد فترة القتال الفعلي، و"قد يكون التأثير السلبي على مؤسسات الدولة والمالية العامة أكثر خطورة من تقديراتنا الحالية".

وحذرت الوكالة من أنه إذا امتد الصراع ليدخل فيه حزب الله في لبنان، حيث يتبادل الجانبان إطلاق النار عبر الحدود يوميا، فإن "الأثر الاقتصادي السلبي سينتشر إلى قطاعات أخرى ويطول أمده".
لكنها عادت لتقول إن الاقتصاد نفسه "أدار تداعيات الصراع جيدا بحد معقول"، مع بعض المؤشرات إلى انتعاش سريع واقتراب القوى العاملة من مستويات ما قبل الحرب.

ويؤكد هذا كبير المستشارين الاقتصاديين لرئيس الوزراء آفي سمحون، والذي قال لرويترز قبل شهر "لم نواجه مشكلة أساسية في الاقتصاد. بل على العكس، الاقتصاد قادر على الصمود".

على النقيض من ذلك، يقول رمزي حلبي خلال حديثه: "المؤشرات تؤكد أن الاقتصاد الإسرائيلي في تراجع كبير جدا، وذلك بالمقارنة مع بيانات عام 2021 كان النمو الاقتصادي 8.6 في المئة، وفي 2022، كان 6.5 في المئة، وفي العام 2023 يقترب من الصفر ويتراوح بين 1 و2 في المئة".

التأثير السياسي
على المستوى السياسي، يرى خبراء ومحللون أن تراجع الأداء الاقتصادي قد يؤثر بدوره على مسار الحرب الدائرة في غزة، كما أن المؤشرات الاقتصادية لها دلالات على مدى استمرار هذه الحرب وعلى مسارها، خصوصا أن بعض المؤسسات تضغط من أجل تغيير سياسات ومسارات الحرب، وذلك بالنظر إلى التأثيرات غير المواتية على قطاعات السياحية والاستثمارات والإنتاج.

هناك خسائر عسكرية وتكاليف لهذه الحرب، تمثل المعيار الأساسي في التوجهات الإسرائيلية، وتوجهات دول المنطقة التي تأثرت فعليا جراء الصراع مثل مصر والأردن ومن المتوقع أن يكون لتراجع الأداء الاقتصادي تأثيرات على الأداء السياسي في إسرائيل مع قرب انتهاء الحرب، التي شارفت فعليا على الانتهاء باعتراف المسؤولين الإسرائيليين.

وحذر الرئيس التنفيذي لبورصة تل أبيب، إيتاي بن زئيف، من تحول إسرائيل "من بلد غني إلى فقير"، في الوقت الذي تقترب فيه حرب غزة من شهرها السادس.

وقال بن زئيف إن الحكومة "تشجع الإسرائيليين عن غير قصد على إرسال الأموال لخارج البلاد بدلا من استثمارها في الداخل"، وفق ما نقل موقع صحيفة الأعمال الإسرائيلية "جلوبز".

وفي حديثه أمام مؤتمر سنوي لاتحاد الشركات المتداولة، تساءل بن زئيف قائلا: "هل سيكون ذلك مفيدا للناس هنا؟ بالتأكيد لا. لماذا لا نحتضن رجال الأعمال والمستثمرين الذين يعيشون هنا وندعم الاقتصاد الإسرائيلي؟ مثلما تقوم شركة ببناء خطة عمل خمسية، لماذا لا نفعل ذلك هنا أيضا؟".