السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

روح سكان غزة الإيجابية تتألق رغم الإصابات.. شهادات أطباء وسط الأزمة

الرئيس نيوز

تابعت صحيفة ستريتس تايمز السنغافورية الروح المعنوية العالية والطاقة الإيجابية اللافتة لفتاة فلسطينية من غزة تبلغ من العمر ست سنوات وتعاني من سوء التغذية، وقد بُترت قدمها اليسرى وكانت تصرخ من الألم، ما جعل المقدم الدكتور نذيرول حنّان عبد العزيز، من سنغافورة، يفكر على الفور في ولديه الصغيرين في الوطن.

وقال نزيرول إن المريضة، التي كانت على متن إحدى السفن العلاجية في مصر، كانت تكبر ابنه الأكبر بسنتين بالكاد، وترك علاجها أثرًا لن يمحى في نفسه، وروى الطبيب أن جذعها أصيب بالعدوى، لكنها رفضت السماح للعاملين الطبيين بلمسها، وكان لا بد من تخديرها في النهاية، وفي بداية العلاج، كانت مرعوبة للغاية وكان هناك الكثير من الرعب في عينيها، وكان بإمكان الأطباء رؤية الصدمة التي أصيبت بها.

وكانت من بين أولئك الذين تمكنوا من الخروج من غزة عندما قصفت إسرائيل القطاع في رد انتقامي غير متكافئ على هجمات 7 أكتوبر وكانت أيضًا واحدة من أكثر المرضى الذين لا يمكن نسيانهم، خلال انتشارهم الذي استمر تسعة أيام على متن سفينة طبية تابعة للقوات المسلحة الفرنسية، ولكن نزيرول أشاد بالروح المعنوية العالية لمعظم المرضى والجرحى الفلسطينيين الذين شارك في علاجهم.

وقالت وزارة الصحة في غزة يوم 21 فبراير إن عدد الشهداء في أنحاء القطاع الفلسطيني ارتفع إلى 29313 شخصا، فيما أصيب 69333 شخصا منذ بداية الحرب وكان غالبية المرضى الذين عاينهم الطبيب السنغافوري في مصر من المدنيين – وكان معظمهم من الأطفال والشباب.

ويحكي الدكتور نذيرول، البالغ من العمر 35 عامًا، والذي كان متمركزًا خارج السفينة الراسية في ميناء العريش إنه جاء بناء على دعوة من القوات المسلحة الفرنسية للقوات المسلحة السنغافورية لتوفير اثنين من العاملين الطبيين للخدمة على متن السفينة.

ويقع ميناء العريش في الجزء الشمالي الشرقي من مصر وتبعد مدينة العريش حوالي 50 كيلومترًا عن معبر رفح، وهو البوابة الرئيسية لغزة من مصر.

وكانت مشاركة القوات المسلحة السنغافورية في هذه المهمة الإنسانية بناء على دعوة من الفرنسيين، حيث قال وزير الدفاع إنج إنج هين في رد برلماني مكتوب في 5 فبراير إن القوات المسلحة السنغافورية ستواصل مراقبة الوضع في المنطقة عن كثب وتقييم كيف يمكنها دعم المصابين، والمساهمة بشكل أكبر في هذا الجانب.

ووصل الفريق الطبي المكون من رجلين في 18 يناير وبدأ على الفور في رعاية المرضى، حيث تم تكليفهم بالمراحل الأولية من العلاج.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدكتور نزيرول، المتخصص في طب الطوارئ، وزميلته ميج وو، المتخصصة كممرضة تنظيف غرفة العمليات وفي رعاية مرضى العمليات الجراحية، قاما بفرز المرضى وعلاجهم على الفور قبل إرسالهم إلى أجزاء أخرى من السفينة لتلقي مزيد من العلاج الطبي.

وتم تجهيز غرف السفينة بالمعدات الطبية وتحويلها إلى غرف عمليات ووحدة للعناية المركزة، في حين تم إنشاء أجنحة المرضى المصنوعة من الخيام العسكرية على متن السفينة.
وعلى عكس المستشفى النموذجي على الأرض، يتطلب تشغيل سفينة المستشفى المزيد من التخطيط.
على الرغم من أن المستشفى يتمتع بنفس الموارد مثل أي مستشفى عادي، إلا أنه كان على الطاقم التأكد من تخزين الإمدادات الكافية مع التعامل أيضًا مع محدودية المساحة.

وقالت ميج وو، التي ذهبت سابقًا إلى أفغانستان لتقديم المساعدة الطبية في عام 2009: "في المستشفى البري، يمكنك الحصول على جميع المتخصصين واللوجستيات والموارد على الأرض، أما على السفن، تحتاج إلى التخطيط المسبق قدر الإمكان، وقد أبلى الفرنسيون بلاءً حسنًا وقد كان انتشارًا مخططًا له بشكل جيد للغاية”، مضيفًا أنه لم يكن هناك نقص في الإمدادات الطبية.
وكانت العقبة التي كان عليهم التغلب عليها هي حاجز اللغة وكانت لغة العمل على متن السفينة هي الفرنسية، بينما كان المرضى يتحدثون في الغالب اللغة العربية فقط، وكلاهما لا يعرفان لغة الآخر، ويتحدث بعض المرضى اللغة الإنجليزية، لكن الممرضة كانت تشعر أنها كأجنبية، إذا تمكنت من التحدث قليلًا من العربية، فإن ذلك يخلق مزيدًا من الارتياح بين المرضى.

وأضافت أنهم التقطوا بعض اللغة العربية من المترجمين الموجودين على متن السفينة، ولكنهم استخدموا أيضًا الإيماءات للتواصل، وتقليد حركات تضميد الجروح على سبيل المثال كما ساعد الأطباء الناطقون باللغة الإنجليزية على متن السفينة في ترجمة اللغة الفرنسية للجانبين، أي الأطقم الطبية الأجنبية والمرضى وطوال فترة وجودهم هناك، تمكنوا من تحديث عائلاتهم يوميًا باستخدام خط هاتف محلي.

وقال الدكتور نزيرول: "ما رأيناه كان حقيقيًا جدًا... لقد كان الأمر مختلفًا تمامًا عن رؤية ما يحدث في غزة عبر شاشات التلفزيون ونحن على بعد أميال عديدة، لكن معاملة هؤلاء الأشخاص، ورؤية مدى تشابهنا، كان أمرًا حقيقيًا ومؤثرًا للغاية".

وأضاف: "لقد أدركت في هذا اليوم وهذا العصر، أن هناك أناس يعانون في مثل هذه الظروف، فنحن اعتدنا في سنغافورة على السلام، ولكن لا يمكننا أن نعتبر ذلك أمرا مفروغا منه، أو أحد المسلمات".