الخميس 02 مايو 2024 الموافق 23 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
فن ومنوعات

مرور 200 سنة على الاكتشاف الفذ.. كيف فك شامبليون غموض الحروف الهيروغليفية؟

الرئيس نيوز

في مثل هذا الأسبوع قبل قرنين من الزمان، أعلن عالم اللغويات الفرنسي جان فرانسوا شامبليون أنه تمكن من فك شفرة الهيروغليفية، وهو نظام الكتابة المصري القديم الذي حيّر العلماء لعدة قرون.

ويتتبع موقع "RFI" الفرنسي قصة الإنجاز الفذ الذي أحدث ثورة في الفهم البشري لواحدة من أقدم الحضارات في العالم.

وبدأت القصة في سبتمبر 1822، عندما خرج شاب يبلغ من العمر 32 عامًا من منزله الكائن في 28 شارع مازارين في باريس منطلقًا بسرعة نحو نهر السين، حيث يقع متحف اللوفر على الضفة المقابلة وتوقف أمام جسر الفنون، ذلك الجسر المعدني الجديد الذي بُني بأوامر من نابليون بونابرت، الذي توفي منذ الربيع الماضي وهرول الشاب ليدخل معهد فرنسا، وهو مجتمع التعلم الذي تم إنشاؤه بعد وقت قصير من متحف اللوفر في مبنى كبير مقبب وبمجرد دخوله، هرع إلى مكتبه الذي كتب عليه من الخارج "جاك جوزيف شامبليون"، وألقى الشاب  دفتره على المكتب ثم صاح "وجدتنها قبل أن يسقط على الأرض مغشيًا عليه.

اكتشاف أسطوري

تقول الأسطورة إن شامبليون لم يحتمل تلك المفاجأة بدنيًا لدرجة أنه ظل طريح الفراش طوال الأيام الخمسة التالية ولكن بعد حوالي أسبوعين، في 27 سبتمبر 1822، قدم النتائج التي توصل إليها علنًا في أكاديمية النقوش والكتابة الجميلة الفرنسية.

الهوس بالمصريات

تبدأ القصة في تسعينيات القرن الثامن عشر: ولد شامبليون في بداية العقد وفي نهايته كان نابليون يقود الغزو الفرنسي لمصر، وشهدت الحملة الفرنسية إرسال أكثر من 160 عالمًا وفنانًا إلى جانب الجنود، ثم إرسال عشرات العينات والرسومات والمصنوعات اليدوية إلى فرنسا وأثارت هوسًا جديدًا في جميع أنحاء أوروبا بآثار المصريين القدماء ولكن فهم الحضارة المفقودة كان مستحيلا دون فهم الهيروغليفية، التي لا يستطيع أي لغوي على قيد الحياة قراءتها كما لم يكتبها أحد منذ حوالي 400 م وقد حاول العلماء العرب ترجمتها في العصور الوسطى، وحققوا بعض النجاح، بما في ذلك محاولة ابن وحشية عام 985م ترجمة الأبجدية الهيروغليفية المصرية إلى اللغة العربية ولكن عملهم أغفله الغرب وبعد ذلك تعثر الأوروبيون.

ثم اكتشف الجنود الفرنسيون دليلًا محيرًا: قطعة حجر تم رصدها تحت حصن بالقرب من ميناء رشيد المصري - أو كما أطلق عليه الفرنسيون اسم روزيتا ستون، ويحمل الحجر ثلاثة نقوش لنص واحد في الأعلى كانت هناك الهيروغليفية - "لغة الآلهة"، المخصصة للنصوص الرسمية - وفي المنتصف، كانت هناك "لغة الوثائق"، وهي كتابة مصرية أخرى تستخدم للأغراض اليومية، وفي الأسفل، كتب نفس النص باليونانية القديمة، لغة آخر سلالة حكمت مصر القديمة لا يزال بإمكان الكلاسيكيين قراءة آخر هذه النصوص. وهذا يعني أن العلماء قد يكونون قادرين على العمل بشكل عكسي بدءًا من معنى النص وحتى كيفية كتابته، وأخيرًا فهم كيفية عمل الهيروغليفية.

كانت اللغة المصرية القديمة لغزًا عصيًا على أجيال من العلماء والباحثين، لم يستطع أحد فك طلاسمها حتى مجيء الحملة الفرنسية مصر في عام 1798، على يد العالم الفرنسي "شامبيلون" الذي استطاع أن يفك طلاسمها في حجر رشيد، وحفر اسمه في سجل العلم الوليد الذي ولد مع مجيء الحملة وهو علم المصريات.

من هو شامبيلون؟

هو جون فرانسوا شامبليون ويُعرف أيضًا بـ شامبليون الصغير ولد في 23 ديسمبر 1790، وتوفي في 4 مارس 1832، أكاديمي وفقيه لغوي وعالم شرقيات فرنسي وهو أحد واضعي أسس علم المصريات، نبغ شامبليون منذ طفولته في مجال اللغويات، حيث قدّم أولى أوراقه البحثية المنشورة حول فك رموز اللغة الديموطيقية سنة 1806م.

وتقلّد في شبابه العديد من المناصب الفخرية في الأوساط العلمية، وكان قادرًا على التحدث باللغتين القبطية والعربية بطلاقة، في بداية القرن التاسع عشر الميلادي، عاش شامبليون في فترة من الاضطرابات السياسية في فرنسا التي تسببت في تعطيل أبحاثه بطرق مختلفة خلال حروب نابيلون، استطاع شامبليون تجنُّب التجنيد الإجباري، ولكن ولائه للنابليونية جعلته مشتبهًا به من قِبَل النظام الملكي اللاحق، غير أن حُسن علاقاته مع شخصيات سياسية وعلمية مهمة في ذلك الوقت، مثل جوزيف فورييه والبارون دي ساسي ساعدته، رغم انعزاله عن المجتمع العلمي في بعض الفترات.