الإثنين 29 أبريل 2024 الموافق 20 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
اقتصاد مصر

أبرز التحديات أمام استمرار تصدير الغاز الطبيعي المسال من مصر لأوروبا المتعطشة للطاقة

الرئيس نيوز

أكدت صحيفة "جيه آي إس أونلاين" المتخصصة في تحليلات الاقتصادية والسياسية أن آمال مصر في أن تصبح قوة إقليمية لإنتاج الغاز ومركزًا لتصدير الغاز الطبيعي المسال، ليست بالمهمة السهلة وإنما تواجه تحديات كبيرة بسبب علامات الاستفهام حول الأوضاع الاقتصادية الراهنة.

وأبرزت الصحيفة بشكل خاص مواصلة مصر التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي البحري في حين يؤدي ارتفاع الطلب المحلي على الغاز إلى تعريض طموحات مصر في تصدير الطاقة لأكبر التحديات التي يمكن تخيلها، مع الأخذ في الاعتبار أن دعم الطاقة الذي يشوه السوق يشكل جزءًا من العقد الاجتماعي في مصر، وفي الأثناء يحاول صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي مساعدة القاهرة على حل المشكلة.

وتابعت الصحيفة: "من الصعب أن نتصور أن مصر، التي تحتل حاليا المركز الثاني عشر بين أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، تعاني من نقص حاد في الوقود المحلي ولكن انقطاع التيار الكهربائي خلال الصيف هو السبب الرئيسي في الكشف عن التحديات الماثلة أمام صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال، وبالفعل أعلنت الحكومة عن عدة إجراءات لتخفيف الأزمة، بما في ذلك تنظيم جدول مناطق لانقطاع التيار الكهربائي وفرض أيام العمل الإلزامية من المنزل لموظفي الخدمة المدنية.

ورغم أن موجات الحر المتكررة في الصيف وارتفاع الطلب على تكييف الهواء والتبريد هي المسؤولة عن الأزمة، فإن الأزمة تعكس مشكلة أعمق ــ القيود على قدرة إنتاج الغاز في مصر ما يثير تساؤلات حول إمكانات التصدير للبلاد والآثار المترتبة على المشترين في أوروبا وأماكن أخرى.

وما لم يتم تحقيق اكتشافات مهمة جديدة في مصر، وينخفض استهلاكها المحلي من الغاز وتتوافق الأسعار المحلية مع الأسعار في السوق الدولية، فإن مكانة البلاد كمصدر رئيسي للغاز سوف تتعرض للخطر، إلى جانب طموحها في أن تصبح مركزًا إقليميًا للغاز.

عندما يتجاوز الطلب المحلي على الغاز الإنتاج ويهيمن الغاز الطبيعي على مزيج الطاقة الأولية اللازمة لتوليد الكهرباء في مصر، حيث يمثل 55% و84% على الترتيب، يميل المراقبون إلى الإشارة إلى عرقلة واضحة للصادرات حيث يمثل الغاز أكثر من 62% من الاستهلاك المحلي.

وفي الفترة بين عامي 2002 و2012، نما الطلب المحلي في مصر بمتوسط سنوي قدره 7.1 في المائة (مقارنة بمتوسط عالمي قدره 2.9 في المائة ومتوسط أفريقي قدره 5.5 في المائة). وكان هذا الطلب مدفوعًا في المقام الأول بأسعار الغاز المدعومة وسياسة الحكومة التي شجعت استخدام الغاز في التطبيقات الصناعية وتوليد الطاقة ونظرًا لتأخر مصر في الاقتراب من هدفها الطموح للطاقة الخضراء، وفي ضوء توسعها الديموغرافي والاقتصادي المستمر، فمن المحتم أن يتسارع الطلب المحلي على الغاز مرة أخرى.

وبمرور الوقت، أصبحت الطاقة المدعومة ضرورية للعقد الاجتماعي في البلاد وفي عام 2022، استهلكت مصر 60.7 مليار متر مكعب من الغاز، أي ما يعادل 37.3% من إجمالي استهلاك أفريقيا من الغاز، مما يجعلها أكبر سوق للغاز في القارة وعندما لم يتمكن نمو الإنتاج المحلي من تلبية الطلب المحلي، أدخلت الحكومة المصرية إصلاحات في عام 2014 للتخلص التدريجي من دعم الغاز وفي عام 2016، وافق صندوق النقد الدولي على المساعدة في تمويل الإصلاح من خلال تسهيل الصندوق الممدد، وتعهدت مصر بإنهاء دعم الطاقة. ومع ذلك، حتى الآن، لم تتحقق الأسعار المستندة إلى السوق بالكامل.

وإلى حد ما، نجحت الإصلاحات في الحد من نمو الطلب المحلي. بين عامي 2014 و2018، نما استهلاك الغاز المصري بمقدار 13.4 مليار متر مكعب (6.6 بالمائة) سنويًا وبنسبة 1.1 مليار متر مكعب فقط (0.5 بالمائة) بين عامي 2018 و2022.
حقائق وأرقام حول تطور مزيج الطاقة في مصر.

وعلى جانب العرض، تلعب مصر دورًا فاعلًا في أسواق الغاز فهي تحتوي على 2.1 تريليون متر مكعب من احتياطيات الغاز المؤكدة، أي ما يعادل 16.3 في المائة من الاحتياطيات المؤكدة في القارة الأفريقية، التي تصنفها فقط بعد نيجيريا (5.5 تريليون متر مكعب) والجزائر (2.3 تريليون متر مكعب).

وتنتج مصر الغاز الطبيعي للاستخدام المنزلي منذ منتصف السبعينيات، وهو ما يلبي احتياجاتها بالكامل. وفي عام 2004، تجاوز إنتاجها من الغاز الاستهلاك، وتم تصدير الفائض. واستمر الفائض لمدة عشر سنوات. 

وبحلول عام 2014، كافحت مصر للحفاظ على نمو الإنتاج وأصبحت مستوردًا صافيًا للغاز. وكان الاستثمار المحدود هو السبب الرئيسي، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الحكومة المصرية كانت متأخرة لشركات النفط والغاز، وجزئيا بسبب عدم الاستقرار السياسي الذي أعقب الثورة المصرية عام 2011 والإطاحة بالرئيس حسني مبارك (1981-2011). 

وكان إنتاج الغاز في البلاد يتقلص بمعدل سنوي متوسط قدره 14.5% حتى عام 2016، عندما وصل الإنتاج إلى حوالي 40 مليار متر مكعب، أو 33.7% أقل من ذروته في عام 2009.

خطوات في الاتجاه الصحيح

ومن أجل عكس هذا الاتجاه، منحت الحكومة المصرية تراخيص استكشاف جديدة بشروط أكثر جاذبية للمستثمرين. هذا الجهد أتى بثماره. وفي عام 2015، أعلنت شركة إيني الإيطالية عن اكتشاف حقل ظهر، الذي أعاد كتابة ثروات مصر من الغاز. 

لا يعتبر ظهر أكبر حقل غاز تم اكتشافه في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط فحسب، بل نجحت شركة إيني، التي تتولى التشغيل، في تشغيله في أقل من عامين ونصف من اكتشافه.